«معظم تلك الأحداث مستوحاة من خيال المؤلف».. تلك الجملة رأيناها خلال الفترة الماضية سواء على تتر مسلسل «الريان» الذى يروى قصة حياة رجل الأعمال الشهير أحمد الريان، ووجدناها فى تصريحات الفنانة صباح التى أكدت أن معظم أحداث مسلسل «الشحرورة» كانت من نسج خيال المؤلف فداء الشندويلى.. تلك الجملة تجعلنا نطرح سؤالا مهما حول مدى حدود تدخل خيال المؤلف فى حياة شخصية مشهورة عند صنع عمل فنى عن حياتها، فكل من صباح والريان خرجا ليؤكدا بقوة أن المسلسلين يحملان قدرا كبيرا من التأليف الذى أضرهما بشدة وسوأ صورتهما أمام الناس.. فى هذا التحقيق نطرح السؤال السابق ونحاول الإجابة عنه: فى البداية.. أكد المؤلف حازم الحديدى أن خيال المؤلف لابد أن يتدخل فى السياق الدرامى لمسلسلات السيرة الذاتية، لأن العمل يجب أن يكون دراميا وليس تسجيليا عنه وإلا لكان خرج هذا الشخص وحكى قصة حياته بنفسه، قائلا «ليس معنى كلامى هذا أن أخترع أو أزيف الحقائق فحدود الخيال تقف عند الحد الذى لا يجب عنده تزييف الواقع، فمثلا لا ينفع أن أظهر الريان مدمنا أو أظهر أباه متزوجا من زوجتين وهما ليسا كذلك»، مضيفا «الدراما لابد أن تكون مسببة وكل شىء يؤدى للآخر حتى يصبح منطقيا، وطبقا لتلك القاعدة فنحن لم نظهر تفاصيل كثيرة فى حياة الريان لأن ليس لها سياق درامى فى العمل ولا تخدمه، فهو حكى لنا عن تفاصيل زيجات معينة له ولكننا لم نظهرها فى المسلسل لأنها قد تبدو غير معقولة، كما أن له أكثر من أخ وأخت ولكننا أظهرنا أن له أخين وأختا واحدة لأن الدراما تتطلب اختيار من لهم احتكاك مباشر بالناس وتأثير فى حياتهم». واعترف الحديدى أنه تدخل كثيرا بخياله فى كتابة السيناريو قائلا «حياة الريان عبارة عن نقاط تحول ومراحل، وتلك المراحل عرفناها منه ولكن تفاصيلها كانت من نسج خيالنا، فمثلا هو أخبرنا أنه تاجر فى الجبنة والألبان وبناء عليها أضفنا من خيالنا حكاية أنه اشترى أرضا وقام بتأجير البهائم من الفلاحين، كما قال لنا إنه كان متعدد الزوجات ولكننا لم نأخذ كل التفاصيل الخاصة بزيجاته سوى فى واحدة فقط وهى تلك المذيعة التى تزوجها لأنها تخدمنا فى الدراما». وانتقد الحديدى تصريحات الريان الأخيرة والتى هاجم فيها المسلسل، حيث قال «أحمد الريان وقّع عقدا مع المنتج طارق العريان ومن ضمن بنوده أنه لا يحق له التدخل سواء بالحذف أو الإضافة». واتفق المؤلف فداء الشندويلى مع حازم الحديدى فى أن مسلسلات السيرة الذاتية ليست أفلاما تسجيلية، حيث قال «خيال المؤلف فى السير الذاتية يوظف لخدمة الغرض الذى صنع من أجله، فصباح تبلغ من العمر 83 عاما منها 70 سنة فن ومستحيل أظهر كل هذا فى 30 حلقة، وهنا يظهر السؤال ما هى الرسالة من صنع مسلسل عن صباح؟، والإجابة أننى أمام شخصية فتاة فقيرة من ربوع لبنان لا تملك مقومات الشهرة إطلاقا ولكنها حلمت أن تصبح فنانة مشهورة تنتقل لمصر، وهذا هو الخط العريض للعمل وبناء عليه لا يهمنى لماذا خانت كل أزواجها بقدر ما يجعلنى أتوجه إلى لماذا تزوجت 7 مرات وما تلك الفروق الرهيبة بينها وبينهم سواء فى الديانات أو العمر، وأحب أن أقول لكى أن هناك من تعجب بشدة من أننى لا أظهر خيانتها لأزواجها» مضيفا «تيمة المسلسل عندى لا تسمح بعرض أشياء كثيرة تسيئ إليها حتى لو قالتها هى فى تصريحاتها، وأنا عملت جاهدا لتحسين صورة صباح وليس معنى هذا أن أظهرها ملاكا». وفيما يتعلق بالتفاصيل التى تكون من نسج الخيال، قال الشندويلى « التفاصيل ملك للمؤلف لأن الشخص لا يمكنه تذكرها إطلاقا فمثلا لا يمكنها تذكر التفاصيل التى قتل فيها أخوها لأمها وغيرها، والذى أتعجب منه بشدة هو لماذا أتينا بالمؤلف طالما الخيال ليس مهما؟». وعلى الجانب المقابل، انتقد الناقد أحمد صالح مسألة تدخل المؤلف بخياله فى سرد تفاصيل مسلسلات السيرة الذاتية، حيث تساءل «لماذا يضيف المؤلف من تلقاء نفسه أحداثا لم تحدث؟، فلابد من أن ينأى الكاتب بنفسه عن التدخل فى السيرة الذاتية سواء كان هذا التدخل إيجابا أو سلبا لأنه من الممكن أن يضر بحياة هذا الشخص لو كان على قيد الحياة، أو يضر بأسرته وأولاده لو كان متوفيا، والتدخل بشكل عام يضر العمل الفنى ككل، وسأضرب لكى مثلا على كلامى هذا وهو أنه عندما شرعت كاتبة لا أذكر اسمها حاليا فى كتابة مسلسل عن قصة حياة الروائى إحسان عبدالقدوس، طلب أولاده قراءة السيناريو أولا وعندما قرأوه قرروا عدم خروج هذا العمل للنور لأنهم وجدوه يسىء لهم ولوالدهم ووجدوا أن خيال المؤلفة أظهره بصورة لا تليق بمكانة كاتب كبير محبوب من الناس ويؤثر فيهم».