كغيرها من الجماعات الإسلامية الأخرى قامت جماعة أنصار السنة المحمدية على فكرة تكوين الجماعة المؤمنة التى يجب أن تصفى وتربى أولا ثم تسعى إلى التمكين والمفاصلة حالما تتمكن من ذلك، لكن طريق التربية والتصفية لدى جماعة أنصار السنة المحمدية يبدأ من توحيد العبودية لله والتطهير من الشركيات والبدعيات والاهتمام بأمور قد يضعها غيرهم فى ذيل قائمة أولوياتهم التى يتصدرها أولا الحكم بما أنزل الله إلا أن أنصار السنة والجماعات السلفية الأخرى ترى أن بناء المجتمع الإسلامى يبدأ من كيفية دخول الخلاء انتهاء بإقامة الدولة الإسلامية. تأسست جماعة أنصار السنة المحمدية فى مدينة القاهرة عام 1926م على يد الشيخ محمد حامد الفقى الذى نشأ فى بيئة أزهرية محافظة، إلا أن كتب آباء السلفية الروحيين كابن تيمية وبن القيم وبن حجر وبن حنبل والشاطبى وغيرهم، شكلت روافده المنهجية حتى بلغ سن الثامنة عشرة، فاستفزه ما كانت تعج به البيئة المصرية وقتها مما رآها شركيات وبدعيات وخرافات، أرجعه هو إلى تسلط التصوف والصوفية على المناحى الفكرية والمؤسسات الدينية. وكان الفقى من علماء الأزهر كما كان من مرتادى الجمعية الشرعية، لكنه اختلف معهم فى إحدى جزئيات مسألة صفات الله تعالى وهى جزئية من علم العقيدة وهى من المحددات التى تفرق بين الفرق الإسلامية المختلفة (كالمعتزلة والأشاعرة وأهل السنة والشيعة وغيرهم) وما إن حصل على شهادة العالمية حتى انطلق ومجموعة التفت حوله إلى الدعوة للتوحيد الخالص والدفاع عن السنة من خلال المساجد والمقاهى والمنتديات، فذاع صيته وكثر أنصاره حتى حدثت احتكاكات ومضايقات متبادلة بينه وبين الطرق الصوفية فاتجه إلى العمل الجماعى المنظم من خلال إنشاء جمعية تحمل فكرتهم وتنشر مبادئهم ووضع لها قانونا وكون لها إدارات وبلغ أتباعه الآلاف. اللافت فى سيرة الفقى أنه عندما حدثت ثورة 1919م كان له موقف منها وهو أن خروج الاحتلال لا يكون بالمظاهرات التى تخرج فيها النساء متبرجات ولا تحرر فيها عقيدة الولاء والبراء لله ولرسوله، ولكنه بالرجوع لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وترك ونبذ البدع، إضافة إلى أن الفقى أنكر مبدأ ثورة 1919م الشهير (الدين لله والوطن للجميع). وهو المنهج ذاته تقريبا الذى انتهجته جماعته والتيارات السلفية الأخرى حيال ثورة 25 يناير فما حدث فى هذه الثورة ليس هو السيناريو المرسوم فى مخيلة جميع التيارات والجماعات الإسلامية تقريبا، ذلك السيناريو الذى يتخيل كاتبه أن النظم ستظل قائمة حتى يربى شيوخ السلفية الجماعة المسلمة التى تقوم بعد ذلك بمفاصلة الحكام ومن يوالونهم ثم يعلنون دولتهم الإسلامية. وبعد وفات الفقى تعاقب على الجماعة عدد من الرؤساء حتى عام 1969 وهو العام الذى أدمجت فيه الحكومة المصرية جماعة أنصار السنة فى الجمعية الشرعية. واستمرت الجماعة على هذا الحال حتى جاء العام 1972 فأعيد إشهار الجماعة مرة أخرى على يد الشيخ رشاد الشافعى (المؤسس الثانى)، مستفيدة من حالة الانفتاح التى سمح بها الرئيس الراحل أنور السادات، وانتشر أعضاؤها فى كل محافظات مصر ولها فى مصر قرابة المائة فرع والألف مسجد.