واصلت قوات الرئيس السورى بشار الأسد عملياتها العسكرية لقمع الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام قرب الحدود التركية، فيما أعلن «الثوار» عن بدء حملة مقاطعة غدا الثلاثاء، وإضراب عام الخميس المقبل لإسقاط هذا «النظام القاتل». وقال رئيس المرصد السورى لحقوق الإنسان رامى عبدالرحمن إن «97 آلية عسكرية، بينها مدرعات وشاحنات وناقلات جنود تقل آلاف العسكريين اتجهت مساء أمس الأول نحو قرية كفر رومة» بين قرية كفر نبل ومعرة النعمان، مضيفا فى تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية أن «المئات من سكان القرية خرجوا ليلا للتصدى ومنع تقدم الآليات، إلا أن الآليات تابعت سيرها لمباشرة العمليات العسكرية فى المنطقة». كما أفاد ب«حملات اعتقال فى عدة قرى تابعة لجبل الزاوية (قرب الحدود التركية)، وهدم منازل لنشطاء فى بلدة البارة، واعتقال أهالى نشطاء متوارين للضغط على هؤلاء النشطاء كى يسلموا أنفسهم». وتردد السلطات أن هذه العمليات العسكرية تستهدف «إرهابيين مسلحين يزرعون الفوضى»، إلا أن النشطاء يقولون إنها تستهدف قمع الاحتجاجات؛ مما أودى بحياة ما بين 1500 وألفى شخص، وتسبب فى نزوح أكثر من 12 ألف لاجئ إلى تركيا. على الجهة الأخرى، قال نشطاء على صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد»، فى موقع «فيس بوك»، إنه «من أجل تسريع انهيار هذا النظام القاتل تم تحديد يوم الثلاثاء المقبل كيوم إطلاق حملة المقاطعة، تحت شعار لن ندفع ثمن الرصاص، والخميس كيوم إضراب عام»، مشددين على أن «نظام القاتلين يعتمد بالدرجة الأولى.. على استهلاك الشعب للسلع التى يقوم هو بإدخالها عبر رجال الأعمال المستفيدين وعلى الرشاوى والفساد». معلقا على هذه المواجهة بين الشعب والنظام، قال الكاتب السورى المقيم فى باريس، فاروق مردم بك، إن «ما يحدث فى سوريا هو ثورة شعبية حقيقة على خمسين عاما من انعدام الحياة السياسية وكبت الحريات بشكل غير مسبوق إلا فى عراق صدام وليبيا القذافى». وعن طبيعة النظام الحاكم، شدد على أن الرئيس الراحل حافظ الأسد «استفاد من كل التناقضات العربية لتكوين هذا النظام البوليسى، فبعد حرب أكتوبر 1973 أظهر نفسه بمظهر المقاوم للاستعمار والصهيونية، ودخل لبنان خلال الحرب الأهلية، واستفاد من عزلة مصر بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، فضلا عن الثورة الإيرانية والحرب العراقية، واستغل الأعمال التخريبية التى أقدم عليها «الإخوان المسلمين» فجعل من سوريا مملكة الصمت والذعر والقمع الوحشى، وأخيرا ورث الحكم لنجله بشار». وبشأن مطالب المحتجين، أوضح أن «المطلب الشعبى الوحيد حاليا هو إسقاط النظام»، محذرا فى الوقت نفسه من «محاولات شق المعارضة إلى معارضة داخلية وأخرى خارجية، ومعارضة متطرفة وأخرى معتدلة». وردا على سؤال حول توقعاته لهذه الثورة ومتى تحقق أهدافها، أجاب بأنه: «لا عودة إطلاقا لما كان قبل منتصف مارس الماضى (بدء الاحتجاجات)»، غير أنه استبعد «حسما سريعا للأمور»، معلقا مصير النظام على أربعة عوامل، هى: «موقف الجيش الذى لم يتعلم من الجيشين المصرى والتونسى، فانحاز للنظام بدلا من الشعب، مما قد يقود البلاد إلى حرب أهلية فى مجتمع متعدد الأعراق والأديان والطوائف». كذلك يتوقف الأمر، بحسب مردم بك، على «مشاركة طبقات أخرى فى المظاهرات وانتهاج أساليب احتجاجية إضافية، كالعصيان المدنى، فضلا عن موقف الولاياتالمتحدة المتحفظ تحت وطأة ضغوط من إسرائيل، التى تخشى صعود الإخوان المسلمين؛ مما يهدد احتلالها لهضبة الجولان (منذ عام 1967)، وأخيرا مطلوب ضغط عربى على النظام». وختم الكاتب السورى بأن «شباب تنسيقيات الثورة يرحبون بالضغوط الدبلوماسية الدولية، وفى نفس الوقت يرفضون أى تدخل (عسكرى) أجنبى على الطريقة الليبية».