فجر القاضى عبدالله فتحى، وكيل نادى القضاة، فى حوار ساخن مع «الشروق» مفاجآت متوالية، أولاها عدم أحقية القضاة الذين أعلنوا تأييدهم لثورة 25 يناير قانونا فى محاكمة رموز نظام الرئيس السابق حسنى مبارك، وفى المقابل فإن من حق هؤلاء رد القضاة الذين نزلوا لميدان التحرير، وأفصحوا عن آرائهم المعارضة للنظام السابق، وإلى باقى المفاجآت فى الجزء الأول من الحوار. ●أنت مقرب من المستشار أحمد الزند رئيس نادى القضاة وتصفه بالحكمة والهدوء.. فلماذا دوما تثير تصريحاته أزمة فى الإعلام؟ بالعكس، فكل تصريحات الزند تكون متناسبة مع الموقف الذى تقال فيه، فحينما يكون الأمر جللا والقضاة يعتدى عليهم، تتسم تصريحاته بالعنف، أما حينما تكون الأمور بسيطة يتعامل معها بنوع من الهدوء، وأختلف معك فى أن تصريحات الزند دوما ما تثير أزمات، ويمكن أن تكون مفجرة للأزمات فقط مع محدثى الواقعة، فمثلا فى أزمة المحامين والقضاة، عاتبوه لأن تصريحاته كانت عنيفة، رغم أن الموقف كان يستحق، فنحن كوكلاء نيابة وقضاة تم الاعتداء علينا فى مكاتبنا بشكل «بايخ» من المحامين، ومن ثم استدعى الأمر الانفعال والغضب، وللعلم كانت هذه انفعالة صادقة وليست مصطنعة لأن الأمر خرج عن حدوده، ومن ثم فانفعاله حسب الموقف. ●ولكنه فى أزمة اعتداء البلطجية على المحاكم ووكلاء النيابة هاجم الإعلاميين بعنف رغم عدم صلتهم بالأمر؟ الموقف هنا كان يستدعى الهجوم العنيف، وكان الأمر وقتها منقسما لاثنين، فهناك اعتداء على المحاكم من قبل الخارجين على القانون زادت من مخاوف القضاة على حياتهم لدرجة أنهم كانوا يخشون النطق بالحكم، أما بالنسبة للإعلام فقد هاجمه لتناوله أشياء خاصة بالقضاء بشكل «صارخ وبايخ»، فحينما يدعو بعض الصحفيين قاضيا معينا للتنحى عن قضية ما، فهذا أمر خطير، والقانون يقول إن المتقاضى لا يختار قاضيه، فكيف إذن يختاره الصحفى، فالتنحى والرد وتوزيع القضايا على المحاكم منظما فى القانون، ولا يجب إجبار قاض على التنحى عن نظر قضية إطلاقا، ولذا حينما يتحدث صحفيون بأعينهم فى هذا الأمر لإثارة البلبلة، ويساهمون فى إثارة المواطنين ضد قضاتهم، فهذا يستحق وقفة قوية. ●ولكن حينما يكتب صحفى عن قاض حوله شبهات.. فمن المنطقى أن نطلب من الصحفى ما بحوزته من أدلة للتحقيق مع القاضى بدلا من الهجوم على الصحفى؟ هذا بالفعل ما طلبه رئيس نادى القضاة. ●ولكن المستشار الزند لم يفعل، واكتفى بالهجوم على الصحفيين والسخرية منهم ووصف كلامهم بأنه لا يستحق التوقف عنده؟ وهل هؤلاء الصحفيون لا يعلمون الطريق الصحيح لتقديم معلوماتهم، فالطريق الصحيح هو مجلس القضاء الأعلى، وليس الصحف والكتابة على مدار أسابيع لإثارة البلبلة، هم كتاب مثقفون ويعلمون أين هى القناة الشرعية لتقديم البلاغات والشكاوى ضد القضاة الذين يشتبهون فيهم، ولا يحتاجون لمن يوجههم لهذا. ●وإذا كانت هناك بلاغات ومذكرات قدمت لمجلس القضاء الأعلى وللنائب العام من قضاة ضد هذا القاضى، ولم نسمع شيئا عنها؟ لا.. هؤلاء القضاة تحدثوا فى الإعلام مثلهم مثل الكتاب، والأخير لم يقدم دليلا على كلامه ولم يتقدموا بشكاوى أو بلاغات، ولو كانوا تقدموا بها كان سيفصل فيها مجلس القضاء أو النائب العام، وبعدين كل ما أثير حول القاضى عادل عبدالسلام جمعة هو ورود اسمه فى مكاتبات جهاز أمن الدولة المنحل، وهذا كلام أقل من أن نقف عنده، يعنى إيه ورد اسمه فى مكاتبات أمن الدولة؟ ده راجل تصدى لقضايا إرهاب، وكانت أمن الدولة هى القائمة على قضايا الإرهاب، وطبيعى أن يرد اسمه فى مكاتباتها. ●ما تردد أن أمن الدولة خصصت له سيارة وسائقا وحراسا لتنفيذ ما تطلبه منه من أحكام ضد خصوم النظام السابق؟ أى قاض لديه سائق وسيارة، ولكن كل هذا الكلام بلا دليل. ●يعنى نادى القضاة لم يهتم ولم يسأل عن الموضوع؟ يسأل عن إيه؟.. يسأل عن صحفيين بيضغطوا على قاض للتنحى عن قضية؟ ده احنا لو فتحنا الباب للموضوع ده، هنلاقى كل يوم واحد بيطلب تنحى قاض عن قضية، فموجبات التنحى والرد للقضاة موجودة فى القانون، ويشترط أن يطلبها أطراف القضية وليس أى شخص ليس له علاقة بالأمر. ●أهالى الشهداء وهم أطراف فى القضية المتهم فيها العادلى طلبوا رد القاضى، ولم يحدث؟ مفيش حاجة اسمها أهالى شهداء، هم مدعون بالحق المدنى يتقدمون بطلب رد للقاض، وبمجرد تقديمه سينظر فيه. ●وما قولك فى أن القاضى نفسه أعلن أنه سيتنحى عن القضية؟ هو بعد كل اللى حصل ده منتظرين منه أن يستمر فى نظر القضية، انتم خلقتم خصومة معه، ولذا هو خشى على قضائه، فحينما يكون الضغط بهذا الشكل الصارخ طبيعى أن يخشى القاضى على قضائه ويترك القضية التى حولها جدل حتى لا يتأثر ضميره بشكل أو بآخر. ●لماذا لم نجد وقفة شرسة لنادى القضاة عندما تعرض القاضى وليد الشافعى للضرب من رئيس مباحث البدرشين؟ من قال هذا؟.. فنحن تحركنا ولكننا لا نعلن كل شىء. ●لا أتكلم عن التحركات الخفية.. فلماذا لم تعقد جمعية عمومية للتهديد بمقاطعة الانتخابات وقت النظام السابق، مثلما هددتم بالامتناع عن المحاكمات بعد الثورة؟ لا أحد يفرض على النادى كيفية تناول القضايا فنحن نتحرك فى كل موضوع حسب حجمه، وفى قضية الزميل وليد الشافعى فهو تقدم ببلاغ، والنادى أيضا تقدم ببلاغ آخر، وظل النادى يسانده لأن المعتدى هنا كان محددا وهو الضابط، وفى النهاية هذه واقعة فردية، أما اعتداء البلطجية على المحاكم أمر يمس هيبة القضاء، وحينما يكون هناك اعتداء من أطراف فى القضايا أو من جمهور، فهذا أمر لا يمس هيبة القضاء فقط، بل يمس هيبة الدولة ككل. ●هناك سؤال يتردد على ألسنة البعض.. هل كل القضاة ملتزمون وليس عليهم شبهات؟ المفترض أنه طالما القاضى يعمل فهو ملتزم وليس عليه شبهات، ولكن ليس هناك بشر معصومون من الخطأ، ونحن نعيب على من يطلقون كلمة الفساد على جميع القضاة، فمن يجد انحرافا على قاض لابد أن يسلك الطريق الشرعى، ويتقدم ببلاغ ضده إلى مجلس القضاء الأعلى، وندعو لعدم تعميم الفساد على جميع القضاة، حفاظا على ثقة المواطنين فى قضائهم وقضاتهم. ●هناك اتهامات للمستشار الزند ومجلس نادى القضاة الحالى بأنهم كانوا معارضين الثورة، ثم أيدوها بعد زوال النظام السابق؟ يا ريت بلاش نصنف الشعب المصرى بهيئاته إلى مع وضد، فلا يوجد شىء اسمه مع الثورة أو ضدها، ولكن هناك مبادئ للثورة المنادية بالحرية والعدالة، ولا أحد ضد هذه المبادئ، وليس مطلوبا لكى أكون مؤيدا مبادئ الثورة أن أذهب لميدان التحرير، واهتف مع الآخرين، الذين لم يذهبوا للميدان ليسوا أقل وطنية عمن ذهبوا، والأمر كله اختلاف فى أسلوب التناول. ●ولكن.. لماذا لم يصدر نادى القضاة بيان تأييد للثورة؟ لو أعلن القضاء تأييده للثورة فهو صرح بقضائه، ولا يجوز له محاكمة رموز نظام مبارك، لأنه إذا فعل ذلك يكون فقد مصداقيته وهيبته، واستبق الأحداث وصرح بموقفه وحكم على رموز مبارك بالفساد، ومن ثم لا يجوز له محاكمتهم، وفى كل ثورة حتى فى ثورة 52 لم يكن للقضاء موقف. ●ولكن بعض القضاة انتقدوا مجلس القضاء الأعلى ونادى القضاة لعدم إعلان تأييدهما؟ إعلان القضاء تأييدهم للثورة غير قانونى، فالقاضى لا يجوز له بحكم القانون الحديث فى السياسة أو الاشتغال بها.