1. (الفطيرة الهاربة) يأكلها الأذكى طوال هذه السنوات هل سأل أحدكم «الفطيرة» عما إذا كانت تريد أن تؤكل أم لا؟ رغم الصبغة الوجودية التى تقفز من السؤال، وكأنه أحد نصوص الكتب المقدسة، إلا أنه لا يعدو عقدة صغيرة بطلتها «فطيرة» فى إحدى قصص الأطفال، كانت فقط لا تريد أن تؤكل. تحكى «مايرى ماكينون» عبر رسوم «سيلفيا بروفانتينى» وترجمة نوران إبراهيم، أن الأم كانت تجهز الفطائر لأطفالها السبعة الجياع، عندما رفضت واحدة من الفطائر أن تؤكل، فقفزت وتدحرجت خارج المقلاة، وتبعها الأطفال، والكلب، والأرنب، والبطة، والقطة، والعنزة، والثعلب، وأخيرا الخنزير، كل منهم يريد أن يأكلها، أن يقضمها فقط، يتذوقها حتى، والفطيرة ترفض أن يأكلها أيهم، لكن أكثرهم ذكاء سيبتلعها كاملة، لأنه الوحيد الذى لم يبد رغبةُ فى أكلها، إلى أن جاءته «الفطيرة الهاربة» راضية، فابتلعها ونام. 2. (التنين اللطيف): صدقونى لا أحب القتال كان التنين لطيفا فعلا، لا يرغب إلا فى الحياة، الأكل، والنوم، واللعب أحيانا، لكن أهالى القرية المتحفزين لمؤامرة طوال الوقت، لم يصدقوا أن كائنا «بحجم أربعة أحصنة، له مخالب طويلةُ وحادة، وذيل طويل مدبب، وقشور زرقاء لامعة، تغطى جسمه كله، ونيران كثيفة تخرج من أذنيه» لا يحب القتال، لذا استدعوا على الفور أشجع مقاتلى التنانين، وطالبوه بمعركة مشوقة تنتهى بمصرع التنين، لكن الولد الذى يعرف كم كان التنين طيبا، استطاع أن يقنع المقاتل بأن يكتفى بمعركة وهمية، ترضى الفلاحين، ولا تؤذى التنين، ويعقبها احتفال يشارك فيه التنين أهل القرية، ويمنحونه حق المواطنة. هذه القصة «التنين اللطيف» عمرها أكثر من مائة عام، وألفها كينيث جراهام مؤلف القصة الشهيرة «الرياح وشجرة الصفصاف»، وتحكيها «كيتى دينز»، عبر رسوم «فرد بلنط»، وترجمة نوران إبراهيم. 3. البحر الأزرق ملحه اللصوص على فكرة البحر لم يولد مالحا هكذا، كان أزرق وطعمه حلو كالماء، لكنها لعنة الطاحونة السحرية، التى سرقها أحد اللصوص من مخدع ملك المدينة، وهرب بها فى قارب عبر البحر، وكان جائعا ويعرف أن الطاحونة تطيع حاملها، فطلب منها ملحا لرغيف كان معه، ثم غلبه النوم دون أن يأمرها بالتوقف، وصحا على كومة من الملح تدغدغ قدميه، فنادى الطاحونة أن تتوقف: كفاية، لكنها كانت فى القاع تواصل قذف الملح، إلى أن غرق القارب، ونجح اللص فى الهرب للشاطئ، وغاصت الطاحونة فى العمق، وهى لا تزال تنتج الملح حتى اليوم. هذه القصة الكورية الجميلة تحكيها أيضا «مايرى ماكينون» برسوم «سيلفيا بروفانتينى» وترجمة غادة محمد محمود، مجيبة عن سؤال: «لماذا البحر مالح؟». 4. ثمرة (لفت) واحدة تكفى الجميع فى هذه القصة الروسية ل«ألكسى تولستوى»، تحكى «كيتى دينز»، ورسوم «جورجين أوفرووتر»، بترجمة نوران إبراهيم أن «ثمرة اللفت العملاقة» كانت متشبثة بالأرض بشدة، فيما كان المزارع يشد أوراقها، محاولا زحزحتها وقطفها، وزوجته تحتضنه وتشده كى تساعده، وابنه جاك يمسك بثوب أمه ويشد هو الآخر، ورآهم كلبهم فأمسك بقميص جاك يشده، وتبعته القطة التى عضت ذيل الكلب، والتقطت العصفورة ذيل القطة بمنقارها، وجذب جميعهم المزارع، وهو يجذب ثمرة اللفت، التى تحركت أخيرا، ببطء شديد، ليتمكن جميعهم من انتزاعها، قبل أن يناموا ليلتهم من التعب، ثم يصطفوا فى اليوم التالى حول مائدة عليها حساء اللفت، الأب، والأم، وجاك، والكلب، والقطة، والعصفور»، ويشبع الجميع من ثمرة اللفت لمدة شهر. ما يميز هذه القصص الأربع الصادرة ضمن سلسلة القارئ الصغير، عن دار الشروق، هو، كما قصص الأطفال الناجحة، بطولة الأشياء، بمعنى أن للأشياء، مثلها مثل الإنسان، إرادة، ورغبة، ودورا، حيث الفطيرة يمكن أن يكون لها قرار فيما إذا كانت ستؤكل أم لا؟ ومن الذى سيأكلها؟، والتنين ليس كائنا خرافيا غايته التدمير، فهو إذا أراد أن يكون كائن حياة لا قتل فعليه أن يقنع بذلك الآخرين، وعلى الكلب والقطة والعصفور أن يشاركا فى قطف ثمرة اللفت، إذا ما أرادوا الأكل منها، أما طاحونة الملك فلا تنتظروا منها الطاعة طوال الوقت وتلبية رغبة اللصوص والأشرار، لأن بإمكانها أن تفعل ما يجعل حياتكم مالحة إلى الأبد.