قال رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، فى حوار خاص مع «الشروق» على هامش مؤتمر دافوس، إن مصر لن تتجه إلى الحمائية فى الفترة القادمة، على الرغم من تداعيات الأزمة العالمية، لأن ذلك من شأنه «تأخير انتهاء الأزمة»، كما جاء على لسانه. «نعم تأثرنا (سلبا) باقتصاد السوق الحرة، ونعم الرأسمالية بها أخطاء لابد من معالجتها، ولكن هذا لا يعنى اتجاه السوق إلى الحمائية»، يضيف رشيد قائلا إن اتجاه الحكومة المصرية واضح، والمنافسة مطلوبة لمصلحة المستهلك فى المقام الأول. وكانت مصر قد فرضت رسما وقائيا على السكر الأبيض قيمته 500 جنيه، كما استبدلت الرسوم الوقائية على الغزل المستورد بدعم مالى قدره 250 مليون جنيه، وكذلك فرضت رسوما وقائية على واردات الصاج. وجاءت هذه الإجراءات، تبعا لرشيد، فى أضيق الحدود وحين استدعت الحاجة ذلك، «وجدنا انهيارا ضخما فى الأسعار من شأنه تهديد صناعة الغزل فى مصر»، كما جاء على لسانه مشددا على أن هناك دائما ضوابط تحكم تطبيق القرارات التى يتم اتخاذها. «نحن لم نأت على حساب المستهلك، ولم نحد عن المنافسة ولن تدفع بنا الأزمة إلى العزوف عن الإصلاح وغلق أسواقنا»،كما جاء على لسانه. وبالرغم من تباطؤ النمو فى قطاعات الاقتصاد المختلفة وتراجع حجم الاستثمارات بصفة عامة، وتلك الموجهة للصناعة بصفة خاصة، كما يرى وزير التجارة والصناعة، فإن «الاتجاه إلى الحمائية لن يسهم إلا بمزيد من الضرر للاقتصاد المصرى بصفة خاصة، واقتصاد دول المنطقة ودول العالم بصفة عامة». وكانت مؤشرات الربع الثالث من 2008/2009 التى أعلنتها وزارة التنمية الاقتصادية الأسبوع الماضى أظهرت تراجع معدل نمو الصناعة التحويلية إلى 3.5% مقابل 3.8% فى الربع الثانى، كما حققت قناة السويس نموا سلبيا بنسبة 22.1% مقابل الانكماش البالغ 2.5% فى الربع الثانى. بينما يرى رشيد أن الأزمة العالمية كشفت وجود خلل فى نظام السوق الحرة، كما أثبت النظام أيضا بعض نقاط الضعف تتمثل فى زيادة الفوارق بين الطبقات سواء كان على مستوى الدول أو الشعوب، إلا أن هذا لا يعنى التراجع عن هذا النظام. ويقول رشيد إن هناك أنواعا متعددة من الرأسمالية، فهناك على سبيل المثال الرأسمالية الفرنسية، التى تأخذ فى الاعتبار الجانب الاجتماعى، وهى مختلفة عن الأمريكية والبريطانية التى تتمتع بليبرالية هائلة، مشيرا إلى عدم إمكانية تعميم نموذج بحد عينه على دول تختلف تفاصيلها. «لابد من إيجاد الرأسمالية التى تتوافق وأسس المجتمع العربى، أى أن تقوم بمراعاة كل من الجانب الاقتصادى والاجتماعى معا». بينما يوجه مناهضى الرأسمالية اتهامات للحكومات بشأن زيادة الفجوة بين الفقراء والأغنياء، الأمر الذى يعد وفقا لرشيد، طبيعيا خاصة فى بداية عملية الإصلاح، التى من شأنها أن تجعل الأغنياء أكثر غناء فى البداية، ولكن بعد عشر سنوات من النمو المستمر سيجنى الجميع أثار الإصلاح والرأسمالية، كما جاء على لسانه. «هذا يفتح باب المناقشة»، تبعا لرشيد الذى يشير إلى أن اقتصاد السوق الحرة له فوائد كبيرة، وهو الذى ساعد العالم على النمو فى المائة سنة الماضية، والأنظمة البديلة من شيوعية واشتراكية أثبتت فشلها، تبعا لما جاء على لسانه. وكانت الإدارة الأمريكية قد اتخذت العديد من الإجراءات الحمائية لتحمى صناعتها المحلية، الأمر الذى بحسب رشيد، تسبب فى علو كثير من الأصوات، التى تطالب بإغلاق الأسواق والعودة إلى الاقتصاد المغلق فى إشارة منه إلى تزايد التدخل الحكومى الأمريكى فى العملية الاقتصادية. ويستبعد رشيد أن يكون هذا هو الحل قائلا إنه فى المرحلة الحالية هناك حلول بديلة، يكون من شأنها الحد من تداعيات الأزمة، وتتمثل فى تنويع مصادر الإنتاج بالإضافة إلى تنويع الشركاء التجاريين، ومن هنا تأتى أهمية التكامل العربى والاتجاه إلى الأسواق العربية والمتوسطية، وهما موضوعان رئيسيان تم طرحهما فى المؤتمر كونهما «أحد أطواق النجاة فى الفترة القادمة للمنطقة العربية»، بحسب رشيد. وعلى الرغم من وجود العديد من اتفاقيات التجارة الحرة بين الدول العربية، لا يتعدى حجم التجارة البينية فى المنطقة 11% من إجمالى حجم تجارتها مع العالم العربى.