ذكرت صحيفة "هيوستن كرونيكل" الأمريكية، اليوم السبت، أن المصريين يشعرون بحرية كبيرة في الحوار بعد رحيل النظام الأمني، وأن سلطة المجتمع المدني أصبحت تفوق النظام الأمني القديم. حيث أشارت الصحيفة إلى أن مشهد مواطن متطوع ينظم المرور في تقاطع مزدحم بالإسكندرية في حين ينتظر شرطي بالزى الرسمي على دراجته البخارية بالتقاطع حتى يسمح له بالعبور، يعد صورة رمزية لسلطة المجتمع المدني على النظام الأمني القديم، مضيفة أن المجتمع المدني أظهر حماسته بحمايته لشوارع المدن الرئيسية من خلال اللجان الشعبية التي تكونت بتلقائية مع اختفاء الشرطة يوم 29 يناير. وأضافت الصحيفة أن رغم ما نتج عن ذلك من قلق المصريين لنقص الحماية الأمنية، إلا أن ذلك تلاشى مع إحساسهم بالحرية في التعبير عن آرائهم والتجمع، مؤكدة أن انسحاب الشرطة أدى إلى تنفيس في حرية التعبير. وقالت الصحيفة، إن في مصر الجديدة التي أصبحت أكثر تحررا من المراقبة والقمع يتلاقى المواطنون بصورة روتينية بالغرباء في الميادين العامة، لتبادل الآراء في السياسة والمجتمع، مدللة بمثال لكاتب المقال، حيث ذكر الكاتب أنه في زيارته لمصر طلب من سائق سيارة الأجرة الوقوف لشراء الصحف، وعند عودته وجد السائق و"زبون" يتناقشان بحماس حول التعديلات الدستورية، وبعدها في الإسكندرية أثناء ركوبه الترام وجد شخصين يختلفان بأدب حول مزايا السياسيين الذين أعلنوا ترشحهم لرئاسة مصر. وأضافت الصحيفة أن الحرية الجديدة تظهر نفسها في الصحف والراديو والتليفزيون الذي كانت نشرات الأخبار فيه تبدأ وتنتهي بأخبار الرئيس والسيدة الأولى، والذي أصبح الآن يهتم بالتطورات الجديدة للنظام السياسي الجديد بالبلد، ويبرز المناقشات بين قطاعات المجتمع المختلفة. أيضا صحيفة "الأهرام" التي كانت تمتلئ افتتاحياتها في يناير بوجهات النظر الحكومية أصبحت الآن تمتلئ بأخبار فضائح واختلاسات وفساد مسؤولي الحزب الحاكم السابق من صفقات الأراضي بجنوب الدلتا ومبيعات الغاز الطبيعي لإسرائيل والأردن ومناجم الذهب التي تعمل في سرية دون معرفة أي شيء عنها، وهو ما علق عليه محامٍ بقوله "كنا ندرك أن هناك فسادا، ولكننا لم نتصور أنه بهذا الحجم". وأشارت الصحيفة إلى أنه خلال ال30 عاما الماضية تلقى نظام حسني مبارك ما يقرب من 1.3 مليار دولار سنويا كمساعدات، ما يجعلها ثاني أعلى متلقٍ للمساعدات الخارجية من الولاياتالمتحدة، مضيفة أن مبارك في المقابل أدى بإخلاص ما تطلبته الرؤية الأمريكية في الموضوعات الإقليمية، لكن في نفس الوقت جعل مبارك غير محبوب بل محتقرًا، مضيفة أن تأثير الانتفاضة الشعبية ضده مستمر في الانتشار في المنطقة، وربما لأبعد من ذلك يدفع الولاياتالمتحدة لمواجهة أسئلة صعبة حول تاريخ تلك المساعدات. وتتساءل الصحيفة: لماذا لا تقلق الولاياتالمتحدة حول إرث المساندة القوية لنظام تاريخيا يعرف الجميع أنه فاسد ومرتشٍ، فضلا عن سلوكه تجاه مواطنيه، مضيفة أن قصص فساد النظام القديم تصيب الناس بالذهول، قائلة إن بدلا من القلق يستعد الأمريكيون لنسيان دورهم في النهب الضخم لفقراء مصر وعمالها وطبقتها المتوسطة. وختمت الصحيفة بقولها إنه إذا أصبحت مصر أول ثورة انتقالية ناجحة في هذا القرن، فإن السؤال المطروح للولايات المتحدة في المرحلة المقبلة هو كيف للقوة العظمى الباقية في العالم أن تشكل سياسة خارجية جديدة تبني جسورا مع المواطنين بدلا من القوى الحاكمة.