كانت محاولة أحد رجال الأعمال من الممنوعين من التصرف فى أموالهم والمطلوبين للتحقيقات لتهريب جانب من ثروته إلى الخارج فى شكل ذهب وراء صدور قرار وزارة الصناعة والتجارة بحظر تصدير الذهب حتى نهاية يونيو المقبل وذلك بحسب ما ذهب إليه مسئولون فى سوق الذهب تبريرا للقرار، ورغم أن القرار الذى أصدره الدكتور سمير الصياد وزير الصناعة والتجارة الخارجية لمنع تصدير الذهب فى جميع أشكاله الخام والمشغولة قد أكد فى ديباجته أنه يأتى حفاظا على ثروات البلاد فى المرحلة الحالية التى تمر فيها مصر بظروف استثنائية وإلى حين استقرار الأوضاع إلا أن هذا لم يكن مبررا كافيا لإقناع شعبتى الذهب باتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية باهمية القرار وقال المسئولون فى الشعبتين إنه كان يمكن أن تكون هناك وسائل أخرى لإحباط أية عمليات تهريب محتملة والأكثر من ذلك فقد رأى هؤلاء المسئولون أن هذا القرار قد يعيد نشاط تهريب الذهب الذى توقف فى أعقاب فتح باب تصدير المعدن الثمين دون قيود جمركية وفى إطار ضوابط محددة وتوقعوا حدوث تأثيرات سلبية على مستوى السيولة فى سوق الذهب مؤكدين أن المستهلك هو المتضرر الرئيسى لأنه سوف يبيع الذهب بأقل من سعره العالمى. محاولات الوزير ورغم أن الوزير قد التقى ممثلى شعبة الذهب باتحادى الصناعات والغرف التجارية لشرح خلفيات القرار ودوافعه فى ظل الظروف الحالية إلا أنه على ما يبدو أن محاولات الوزير لتهدئة كبار العاملين فى هذا المجال لم تؤت ثمارها حيث قام رئيس شعبة الذهب فى اتحاد الغرف التجارية قبل ايام بالتقدم بمذكرة للنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود حول أضرار القرار على الاقتصاد المصرى والتخوف من تهريب الذهب خاصة فى ظل الأوضاع الأمنية الحالية. على الجانب الآخر لم يشعر تجار الذهب بآثار سلبية للقرار على مستوى السوق العادية وبحسب تجار فى السوق فإن السوق تشهد حالة من الهدوء تقترب من الركود فى ظل الظروف الحالية خاصة عدم استتباب الأمن بشكل كامل. قرار مفاجئ «القرار صدر بشكل مفاجئ دون سماع وجهة نظر التجار أو الصناع»، يؤكد ذلك الدكتور وصفى واصف رئيس شعبة المشغولات الذهبية والمجوهرات باتحاد الغرف التجارية مشيرا إلى أن القرار أدى إلى تحويل السيولة فى سوق الذهب خلال أيام قليلة إلى ذهب خام كما أدى إلى انخفاض سعر الذهب فى مصر مقارنة بالسعر العالمى بما يتراوح بين 10 12 جنيها فى حين كان لا يزيد الفارق على جنيهين ما يعنى ان المتضرر الأساسى هو المستهلك الذى يضطر لبيع الذهب بأسعار أقل كثيرا عن السعر العالمى هذا إن وجد مشتر لهذا الذهب من الأصل، إلى جانب خسارة الاقتصاد القومى لموارد النقد الأجنبى نتيجة وقف صادرات الذهب خاصة فى ظل ظروف تراجع السياحة والصادرات وتحويلات المصريين وهو ما قد يسهم فى زيادة الضغوط على سوق الصرف. تجميد السيولة ويبرر «واصف» عملية نقص السيولة فى سوق الذهب والتى ترتبت على قرار حظر التصدير بأن مصر تصدر نحو 18 طنا من الذهب سنويا تقدر قيمتها بنحو 4 مليارات جنيه تساعد فى توفير السيولة اللازمة لشراء الذهب من السوق المحلية وعدم التصدير تؤدى إلى تجميد هذه السيولة فى شكل ذهب خام وبحسب واصف فإن عملية تصدير الذهب تخضع لإجراءات رسمية تضمن عدم انحراف هذه العملية عن مسارها أو استغلالها فى إخراج ثروات من البلاد حيث يلتزم المصدر بإدخال عوائد التصدير من خلال البنوك المصرية ويحصل عليها بالعملة المحلية مما يسهم فى توفير النقد الأجنبى ولا يستطيع أحد أن يتلاعب فى هذا الشأن خاصة أن المصانع مسجلة ولها تراخيص قانونية. نخشى التهريب «نخشى عودة نشاط التهريب فى ظل الحظر» هذا ما يقوله واصف الذى يرى ان الفرصة متاحة الآن لعودة نشاط التهريب الذى كان موجودا فى السابق مما يضيع على الدولة حصيلة التصدير من ناحية كما يؤثر علينا سلبا من ناحية اخرى خاصة أن هناك العديد من المصانع التى تعمل فى مجال تصنيع الذهب ويعمل بها آلاف العمال. ووفقا للدكتور واصف فإن قيام أحد المسئولين السابقين أو رجال الأعمال بتهريب مشغولات ذهبية عادة لا يتم عن طريق أشخاص عاديين وإنما يعتمد على وسائل وطرق خفية يعتمدون فيها على سلطتهم، ويطالب واصف بإعادة النظر فى القرار مؤكدا أن المصانع لن تستطيع تحمل الحظر حتى يونيو المقبل وقال إنه تقدم بمذكرة للنائب العام لمخاطبة وزارة الصناعة والتجارة لإعادة النظر فى القرار إلى جانب أحكام السيطرة على المنافذ المختلفة لمنع عمليات التهريب المتوقعة فى ظل الحظر. المستهلك هو المتضرر «المصريون يبيعون نحو 4 أطنان ذهب كل شهر نعيد تصنيع 50% منها ونطرحه فى السوق والفائض يتم تصديره لجلب سيولة فى السوق» وذلك بحسب رفيق العباسى رئيس شعبة الذهب باتحاد الصناعات المصرية. الذى يؤكد أن تجارة الذهب لم تتاثر بقرار حظر التصدير فى حين أن المستهلك هو الأكثر تأثرا لأنه سوف يبيع الذهب بأسعار أقل من السوق العالمية بنحو 12 جنيها إلى جانب تضرر المصدرين واحتمالات عودة عصابات التهريب الدولية للعمل فى السوق المصرية فى ظل هذه الظروف وقال العباسى إن تصدير الذهب كان يتم عن طريق أجهزة حكومية من بينها مصلحة الموازين والدمغة والبنوك. «وزير الصناعة قال استحملونا حتى شهر يونيو وإذا تحملنا نحن فإن عصابات التهريب ستكون البديل وهذا ما لن تسكت عليه الشعبة»، يقول العباسى الذى يرى أن الدولة كان بإمكانها وضع آليات أخرى تكفل مواجهة أية محاولات لتهريب أموال المطلوبين للتحقيق من المسئولين ورجال الأعمال. مصلحة الموازين والدمغة غير معنية بالأمر برمته ولذلك فإن القرار لم يعرض على المصلحة وذلك وفقا لما يقوله أبوالسعود نصر رئيس المصلحة الذى أكد أن المصلحة ليس لها أية علاقة بموضوع تصدير الذهب باستثناء القيام بمعايرة الذهب وتحديد درجة نقائه وختمه بالعيار الخاص به. مصلحة البلد «القرار لمصلحة البلد ويجب أن نتحمله خاصة أن عدد المتضررين لا يزيد على أصابع اليد الواحدة» هذا ما يقوله عبدالله عبدالقادر رئيس شعبة الذهب بغرفة تجارة القاهرة والتى تضم تجار الذهب بالعاصمة، مشيرا إلى أن القرار يستهدف حماية الثروات المصرية وعدم تهريبها بعد تحويلها إلى ذهب وفقا لما ذهبت إليه الحكومة وقال إن القرار ليس له آثار سلبية على على أصحاب المحال فى حين قد يكون التأثير على الورش التى تعمل فى مجال تصدير الذهب الخام أو المشغول وبحسب عبدالقادر فإن سوق الذهب شبه واقفة منذ ثورة 25 يناير خاصة بعد سرقة العديد من المحال وتخوف التجار من العودة للعمل ويشير إلى أن قرار الحظر أدى إلى خفض سعر الذهب فى السوق وهو ما يراه شيئا إيجابيا على مستوى السوق، فمن شأن ذلك أن يؤدى إلى تحريك السوق وتشجيع المستهلك على الشراء بعد الركود الذى شهدها. من جانبها تأمل محال الذهب ان تشهد الفترة المقبلة ومع استتباب الأمن تحريكا لسوق الذهب وهذا بحسب وليد جمعة الذى يعمل بفرع شركة داماس بداندى مول ويؤكد جمعة أن الإقبال على الشراء ما زال ضعيفا رغم انخفاض سعر الذهب بحوالى 12 جنيها للجرام ويختلف الإقبال من منطقة إلى أخرى.