تحولت الساحة المقابلة لمسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية إلى "هايد بارك" سياسي يهدف إلى الحوار المجتمعي بين مختلف التيارات والأطياف السياسية من أجل التوصل إلى رؤى مشتركة حول بعض القضايا ومحاولات استمالة لكسب المزيد من المؤيدين. وعلى مدى التسعة أسابيع الماضية شهدت تلك الساحة -بوسط الإسكندرية- تواجد جميع التيارات السياسية بعد أن كانت لا تجذب سوى التيارات اليمينية فقط، والتي استمرت مدة من الزمان كانت أشهرها الوقفات الاحتجاجية التي نظمتها الدعوة السلفية حول "كاميليا شحاتة"، وتوقفت عقب أحداث تفجيرات عشية رأس السنة الميلادية بكنيسة القديسين، والتي راح ضحيتها العشرات من القتلى والمصابين. وانطلقت المسيرات المنادية بسقوط النظام والمطالب بالإصلاحات السياسية من أمام ساحة القائد إبراهيم، والتي انضم لها ونظمها مختلف التيارات السياسية في تعاون لم يميز تيارًا سياسيًّا أو يعليه على غيره من التيارات المشاركة، حيث شهدت تلك الساحة المصادمات بين المواطنين وقوات الأمن المركزي في الثامن والعشرين من شهر يناير الماضي، بالإضافة إلى العديد من الفعاليات التي انتهت بوضع حجر أساس لنموذج نصب تذكاري بجوار ساحة القائد إبراهيم، فضلا عن إقامة لجنتي لإغاثة الشعب الليبي واليمني من أبناء الجاليتين المقيمين بالإسكندرية في نفس الساحة. وعقب التعديلات الدستورية وإعلان نتائجها عادت مختلف الأطياف السياسية إلى ساحة القائد إبراهيم لمناقشة أثر الاستفتاء وعمليات الحشد التي شهدها الشارع السكندري في حملات تؤيد الإجابة ب(نعم) وأخرى ب(لا)؛ حيث شهدت الساحة عقب صلاة الجمعة اليوم سجالا سياسيا وحوارًا مجتمعيا من مختلف التيارات السياسية حول أثر التعديلات والتأكيد على مطالب الثورة. وغاب عن المشهد جماعة الإخوان المسلمين التي تراجع نشاطها في الشارع السكندري عقب إعلان نتائج الاستفتاء، وكذلك ممثلو عدد من الأحزاب السياسية، وعلى رأسها حزب الوفد، بينما خرجت قوى أخرى إلى الساحة، لم تكن اعتادت عليها، وهي جماعة الدعوة السلفية التي أتيح لها أن تنظم أولى ندواتها بمسجد القائد إبراهيم، أمس الخميس، بحضور أحد كبار أئمة الدعوة الشيخ أحمد فريد واصل والشيخ محمود المصري. ولأول مرة يتمكن شباب جماعة الدعوة السلفية من المشاركة في حوار مفتوح مع غيره من التيارات التي لم يكن يتعامل معها في السابق، سواء كانت تيارات ليبرالية أو يسارية، ليدور النقاش حول التعديلات الدستورية والمادة الثانية من الدستور بهدف التأكيد على عوامل الاستقرار في المجتمع. وعلى الجانب الآخر، جذب مسجد القائد إبراهيم العديد من المصلين الذين افتقدوا خطب الجمعة التي كان يلقيها الشيخ أحمد المحلاوي بعد توقفه عنها لنحو عقدين من الزمان، بما أسهم في زيادة المشاركين في الكرنفال الأسبوعي الذي تشهده الساحة، وهو نفس الأمر الذى شجع عددًا من الباعة على عرض بضائعهم بالقرب من الساحة لما تشهده من رواج وإقبال كبير على مدى الشهرين الماضيين، خاصة في ظل إقبال المواطنين على شراء الأعلام المصرية والملابس التي تحمل العلم المصري وبعض التذكارات الخاصة بأحداث ثورة 25 يناير، وكذلك الوجبات السريعة.