من أكبرالمغالطات التى اثيرت لاختزال نتيجة الاستفتاء حول التعديلات الدستورية هى تصوير أن الناس خرجت بالملايين لأن هناك من قال لهم إن من سيقول نعم سيدخل الجنة او أن التصويت في الاستفتاء كان على المادة الثانية في الدستور. الحقيقة أن لي ملاحظة مبدئية تتعلق بالطبيعة التكوينية للعقيدة السنية التى ينتمى إليها جموع أهل مصر آلا وهى انه لا يوجد عندهم ما يمكن أن نطلق عليهم حرفيا رجل دين على عكس الشيعة والنصارى مثلا، ذلك لأن ما يقدمه اى واعظ يصعد منبر او يتحدثاو يكتب في اي وسيلة اعلامية ما هو إلا رأى يمكن ان يكون قريبا او بعيدا عن الدين. وبالتالى فإن اتباع الناس لرأى هذا الواعظ او ذاك يرتبط بشكل وثيق بما تشكله هذه الأراء من مصداقية لذلك لا اعتقد ان هناك واعظا او عالما مسلما سنىا صاحب مصداقية يمكن ان يفتى بأن من يقول نعم سيدخل الجنة ناهيك عن التورط في مجرد ان يقول ان "لا"يمكن تدخل النار ويمكن لأى انسان ان يكتشف في ثوان معدودة ان التعديلات ليست على المادة الثانية من الدستور. رغم اننى ازعم اننا لو قمنا باستفتاء حول هذه المادة تحديدا لجاءت نتيجة الاستفتاء كاسحة ولن يحتاج الناس لفتوى من اى مخلوق لكي يقول لهم ان دين دولة مصر الإسلام والذي يعنى بالضرورة ان كل الأديان السماوية الأخرى معترف بها. ومبادئ الشريعة الإسلامية يجب ان تكون المصدر الرئيس للتشريع والتى تعنى بالضرورةايضا ان شرائع اهل الكتاب معمول بها فيما يخص احوالهم ولكن دعنى اقدم بعض المشاهد التى تدل على تهافت حجة من صوَر ان الناس خرجت تقول نعم لمجرد ان هناك من قال لهم انهم سيحصولون على صك الغفران بقولهم "نعم" وان نار جهنم تنتظر من يقول "لا" المشهد الأول يوم الجمعة 28 يناير عندما جاءت تعليمات لخطباء المساجد بالتوجيه بحرمةالخروج في المظاهرات باعتبارها خروج على الشرع ودعوة للفتنة والفوضى والتخريب المشهد الثاني بدأ قبل الثورة بفتاوى وخطب لكل دعاة التيار السلفي وعلى رأسهم الشيخ محمد حسان وابو اسحقاق الحوينى وغيرهما بحرمة الخروج في المظاهرات باعتبارها فتنة وفوضى وحرمة الخروج على الحاكم. بل وقام شباب الدعوة السليفة بالترويج لها وهى كلها بالمناسبة منشورة على الشبكة العنكبوتيه والسؤال ماذا حدث؟ الإجابه طبعا معروفة. لقد خرجت الملايين تطالب بسقوط الرئيس مبارك والذي حدث في الواقع ان علماء الدعوة السلفية وشبابهم هم الذين غيروا رأيهم والتحقوا بالثورة وليس العكس اضف مشهدا ثالثا شديد الغربة. لقد دعى الداعية الإسلامى الرائع عمرو خالد وأنا بالمناسبة من محبيه الى التصويت ب "لا" ضد التعديلات. ومع ذلك فلم يجد أى من محبيه ومن يحترمه غضاضة على الإطلاق ان يخالفه الرأى دون ان يشعر انه قد اثم بمافعل اعتقد ان كل منا يمكن ان يستدعى عشرات المشاهد خالف فيها اراء بعض العلماء مثل فتوى شيخ الأزهر السابق سيد طنطاوى حول فوائد البنوك وغيرها الكثير ليدرك ان المسلمين من اهل السنة يتعاملون مع العلماء على ان ما يقولونه اراء تحتمل الصواب والخطأ وأن عليه العمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتَوك" الحقيقة لى كلمة اخيرة ربما لم يدركها أولئك الذين حولوا الاستفتاء الى معركة ليست لإقناع الناس بجدوى ووجاهة حجتهم فى القول ب "لا" بل الى معركة وحملة تشويه ساحقة للإخوان المسلمين وبالتالى خسروا الرهان على اقناع الناس في الوقت الذي استطاع فيه الإخوان بحكم اقترابهم من الواقع على الأرض ان يكون رأيهم تعبيرا فعليا ان امال واشواق الناس التى كانت تريد ببساطة جو مستقر وطريق واضح المعالم تمضى فيه البلاد نحو كل ما يطلبه المنادون ب "لا ."