كتبت الدكتورة أميرة نويرة، أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة الإسكندرية، تنعى موت التسامح في مصر، بعد أحداث كنيسة القديسين بالإسكندرية، منتصف ليل الجمعة الماضي. وقالت إن الحكومة المصرية استمرت في تجاهل مطالب الأقباط على مدى عقود، وهو السبب فيما يحدث الآن من أحداث عنف في الإسكندرية التي كان تاريخها في التعايش والامتزاج طويلا. وقالت نويرة، في مقالها بصحيفة "جارديان" البريطانية: إن التفجيرات صدعت أساس المجتمع المصري، ومنحت جسد العلاقات المسلمة- المسيحية في مصر ندبًا جديدة. ورجحت أن يعرف المصريون حقائق الهجوم بسبب تعتيم الحكومة على معظم النتائج التي توصلت لها في التحقيقات، وسارعت لتوجيه الاتهام إلى تنظيم القاعدة. وأشارت إلى أنه ليس من المهم معرفة ما إذا كان السبب في الانفجار هو سيارة مفخخة أو انتحاري فجر نفسه أمام الكنيسة، لكن المهم هو أن الحكومة تركت الصدع يتفاقم دون أن تحرك إصبعًا واحدًا، لإزالة الاحتقان والتوتر الطائفي في الشارع المصري على مدار عقود. وضربت نويرة مثالا في طفولتها، عندما لم يكن وجود مسلم يضيء شمعة في كنيسة يثير الدهشة أو الاستنكار والعكس، أما بعد انتشار الآراء المتطرفة خاصة في عهد الرئيس السادات، للحد الذي جعلهم يستديرون إليه بعد التخلص من اليساريين ليغتالوه، أصبحت التوترات الطائفية والعنف بين المسلمين والأقباط في انتشار وتزايد. واتهمت نويرة النظام بأنه تسامح كثيرا مع الخطاب المتشدد الذي يحض على الكراهية، وسمح بانتشاره بدلا من محاربته، لكنه على الجانب الآخر نكل بالكتاب والمثقفين والصحفيين الذين انتقدوا بشكل مشروع سياسات الحكومة والنظام. وأشارت د. أميرة إلى أن اختيار الإسكندرية كمكان لتنفيذ الهجمات له دلالات هامة، فهي ليست فقط مدينة من أكثر المدن التي يتركز فيها المسيحيون الأرثوذكس، لكنها كانت في وقت ما أكبر مركز للتنوع الثقافي والتاريخي. وهذه الهجمات الإرهابية ليست موجهة للأقباط، وإنما هي صدع في أساس التعايش والتسامح الذي تمثله المدينة التاريخية.