ربما لا تعرف الطفلة مى محمد التى كانت تقف على المنصة مشدوهة العينين فى قريتها الدوير بمركز صدفا من هو أحمد بهاء الدين. بالتأكيد هى لم تراه من قبل، وحتما لم يرد ذكره ضمن المقررات الدراسية التى يتم حشرها حشرا فى دماغ الصغيرة فى مدرستها الابتدائية فى ذلك الشطر الغربى من محافظة أسيوط. وربما لم يتثن لها يوما على الإطلاق أن تشاهد تسجيلا تليفزيونيا واحدا له على مدى عمرها الصغير. ولكن كانت مشاركة الصغيرة مى ومئات من أبناء قريتها، التى تصنف ضمن أفقر قرى مصر، فى افتتاح المركز الثقافى الذى يحمل اسم «أحمد بهاء الدين» أمس الأول كافية بأن تعرف ويعرفوا من هو أحمد بهاء الدين. والذى اختار ابنه زياد وبقية أفراد أسرته أن ينحشر المركز الثقافى الذى يحمل اسم والده حشرا وسط عشوائيات القرية. بل وأن تطل نوافذ المركز بطوابقه الخمسة الرائعة التصميم على بيوت المهمشين من أبناء القرية التى خرج منها والده. ولم تخرج هى من كتاباته واهتمامه طوال حياته.فأراد الابن أن يظل الأب بهاء الدين منغرسا وسط ناسه. قد لا تكون الطفلة مى وأقرانها فى تلك القرية التى تبعد مايزيد على 70 كيلومترا عن محافظة أسيوط قد شاهدوا شاشة سينما حقيقية من قبل. أو حتى حلموا يوما بأن يعزف أحدهم على آلة العود. أو أن يكون ضمن فريق يتعلم درسا من دروس الفن التشكيلى. أو جال بخاطره أن يصبح بطلا لعرض مسرحى. ولكن من الآن من حق هؤلاء جميعا أن يحلموا يوما أن يكونوا ما تمنوه. فالمركز به 15 قاعة منها المكتبة الخاصة بأحمد بهاء الدين والتى أهدتها الأسرة للمركز، ومكتبة فلسطين والتى تضم 16 ألف كتاب أهداها د.عمر محجوب وتضم كتبا نادرة عن التوثيق الفلسطينى، وقاعات أخرى للفنون التشكيلية والمسرح وأيضا أول فرع لبيت العود خارج القاهرة بمبادرة من الفنان العراقى نصير شمة. ولأن أحمد بهاء الدين كان بالأساس قومى الهوى وموسوعيا فى اهتماماته ما بين السياسى والثقافى والاجتماعى والموسيقى، وكان الشأن العام هو همه الأول فقد جاءت احتفالية المركز الثقافى لتعكس شخصيته. فتنوع الحضور مابين شخصيات عربية مثل الأخضر الإبراهيمى وزير الخارجية الجزائرى الأشهر، وعبدالله النيبارى عضو مجلس الأمة الكويتى السابق، ورجل الأعمال الفلسطينى عبدالمحسن قطان، ود. جلال أمين أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، ود.سمير رضوان عضو مجلس الشعب، ومحمد سلماوى رئيس اتحاد الكتاب العرب، وعدد من أساتذة الجامعات. ولم يكن غريبا أيضا أن يكون «الفقر» هو العنوان الذى أختاره القائمون على المركز ليصبح موضوعا للكتابات فى مسابقة العام المقبل التى سينظمها المركز سنويا. وعلى جانب آخر، نفى زياد بهاء الدين ما نشر حول بيع منزل والده الخاص من أجل توفير موارد للصرف على أنشطة جمعية «أصدقاء أحمد بهاء الدين»، لافتا إلى أن الأمر يتعلق بالتصرف فى مقر الجمعية، وليس المنزل «وسوف يتم تغيير مقر الجمعية إلى مكان آخر غير المقر الحالى بقصر العينى والذى أصبحنا فى غير حاجة إليه» طبقا لزياد. وأضاف أيضا أن المركز الجديد فى أسيوط بحاجة إلى وقفية من أجل صيانته، وبالتالى فإن حصيلة البيع المرتقب لمقر الجمعية فى قصر العينى ستستخدم فى هذا الغرض.