قررت أمس محكمة جنايات القاهرة الحكم على 4 من مسئولى بنك المهندس، أحد البنوك التى تساهم فيها الدولة، فى قضية اتهامهم بتسهيل استيلاء رجل أعمال على قروض بنكية بدون وجه حق فى جلسة 27 يناير المقبل. صدر القرار برئاسة القاضى عادل عبدالسلام جمعة وعضوية محمد حماد، ود. أسامة جامع، بأمانة سر سعيد عبدالستار ومحمد فريد. كانت محكمة جنايات القاهرة قضت فى المحاكمة الأولى برئاسة القاضى محمد عبدالعظيم أبوالمكارم بمعاقبة المتهمين بالسجن المشدد 7 سنوات وعزلهم من وظيفتهم كما ألزمتهم متضامنين برد مبلغ 3 ملايين ونصف مليون جنيه لبنك المهندس وتغريمهم مبلغا مساويا، وقبلت محكمة النقض الطعن المقدم على الحكم وتقررت إعادة محاكمتهم أمام دائرة القاضى عادل عبدالسلام جمعة. وحصلت «الشروق» على تفاصيل وقائع القضية، حيث تبين أن قائمة الاتهام تضم 5 متهمين، 4 منهم موظفون عموميون ببنك المهندس وهم محمد عبدالعليم النقراشى، مدير فرع بنك المهندس بالأزهر، وعز الدين محمد عزت، مساعد إدارة الشئون الإدارية، ومحمد كامل جاد السيد، مدير مساعد اعتمادات وخطابات الضمان، ورضوان محمد أحمد، أمين مخزن بفرع الأزهر، اتفقوا مع المتهم الخامس أحمد هارون محمد، مدير شركة هارونكو للتجارة والتوكيلات، على أن يمنحوه تسهيلات بنكية بحدود متنوعة بالتجاوز للصلاحيات المقررة لكل منهم، وبما يفوق أصول العميل المتهم الخامس ودون ضمانات حقيقية وبالمخالفة للقواعد والأعراف المصرفية. وكان من نتيجة ذلك حصول رجل الأعمال، المتهم الخامس، على أرباح كثيرة حيث بلغت قيمة التسهيلات مليونين ونصف المليون جنيه أضاعت على البنك مبلغ 3 ملايين ونصف المليون جنيه. وبدأت الوقائع عندما تقدم المتهم الخامس بناء على اتفاق مسبق مع المتهمين الأربعة، مسئولى بنك المهندس، بطلبات للحصول على تسهيلات بنكية وقدم تدعيما لهذه الطلبات عقد إيجار لمخزن كائن بمنطقة كفر طهرمس بالجيزة، وثبت من التحقيقات أن المؤجر ويدعى محمود إبراهيم درويش، الشاهد السابع، لم يقم بتأجير المخزن لرجل الأعمال، كما ثبت من التحقيقات أن المخزن مؤجر لشخص آخر يدعى محمد كشك، عميل للبنك أيضا. وقدم المتهم الخامس بالإضافة لعقد إيجار المخزن غير الحقيقى فاتورتى شراء مزورتين مؤرختين ب13 نوفمبر 1998 منسوب صدورها للشركة المحمدية للتجارة والتوريدات، لكى يثبت أنه اشترى البضائع لم يثبت شراؤها على اعتبار أنها ضمان للتسهيلات البنكية التى ستمنح له. وقد أمده المتهمون من الأول للرابع، مسئولو بنك المهندس، بالبيانات اللازمة للفاتورتين كقيمة البضائع المشتراة فقام المتهم ومجهول باصطناع الفاتورتين وتحريرهما على غرار الصحيح منها. وأثبتت التحقيقات أن رقم السجل التجارى المدون بالفاتورتين غير خاص بالشركة التى ادعى المتهم شراء البضائع منها وأن رقم السجل التجارى المثبت بالفاتورتين لم يصل إليه التسجيل التجارى. وإتماما للمشروع الإجرامى، بحسب تحقيقات النيابة، قام المتهم الرابع أمين المخزن بإثبات فاتورتى الشراء بحافظتى إيداع البضائع رقمى 12556 و12562، واثبات تسلمه البضائع المثبتة بالفاتورتين، وادعى أنه قام بإيداع البضائع بمخزن المتهم الخامس بكفر طهرمس وتغاضى المتهمون موظفو البنك عن معاينة المخزن ومعاينة البضائع كما أن شركة التأمين المؤمن لديها البضائع لم تقم أيضا بمعاينة المخزن أو البضائع حسبما قرر الشاهد الثامن هشام عبدالبصير، محامى بشركة المهندس للتأمين، وأن المعاينة لم تتم اكتفاء بمعاينة البنك التى لم تحدث من الأساس. ولأن المخزن والبضائع تحت سيطرة البنك والعميل معا وترتيبا على هذه الإجراءات الصورية والأوراق المزورة قام المتهم الأول والثانى والثالث بمنح عميل شركة هارونكو تسهيلات بنكية بالتجاوز للصلاحيات المقررة حيث إن حدود الصلاحيات المخولة لمدير الفرع تتمثل فى مبلغ 400 ألف جنيه بضمان شيكات وكمبيالات ومبلغ مليون جنيه بضمان بضائع ومخزن مغلق، إلا أن المتهم الأول تجاوز حدود هذه الصلاحيات ووافق والمتهم الثالث على منح العميل 500 ألف جنيه بضمان إضافى شيكات وكمبيالات. كما وافقوا على منح العميل مليونى جنيه بضمان بضائع مخزن مغلق بالتجاوز عن الصلاحيات المحددة لهم، علما بأن هذه المنح تفوق أصول العميل المستثمرة وقدرها مليون ونصف المليون جنيه، وأصدروا له خطاب ضمان قدره مائة ألف جنيه دون ضمانات مقابلة ودون الرجوع للسلطة الأعلى. وأكدت النيابة: أنه إمعانا فى سلب أموال البنك قام المتهم الخامس بسحب 45 ألف جنيه استنادا إلى حافظة التوريد للبضائع السالفة الذكر مما يؤكد سوء نية المتهمين وبدأت المرحلة الأخيرة من هذه الجرائم حين تقدم رجل الأعمال للمتهم الأول بطلب لنقل المخزن الخاص به من كفر طهرمس إلى آخر بإمبابة، وبدون التأكد من صلاحية المخزن الجديد دون اجراء معاينة للتأكد من أن المخزن الجديد تحت سيطرة المتهم القانونية أو المادية وفق المتهم الأول، وتمت الموافقة على النقل، وتنفيذا لهذا النقل قام المتهمان الرابع والخامس بالتوجه بعد مواعيد العمل الرسمية إلى موقع المخزن القديم بكفر طهرمس وعلى غير الحقيقة ادعى أمين المخزن أنه لم يقم بتسلم المفاتيح الخاصة بالمخزن حيث أثبتت التحريات التى قام بها أيمن محمود، عضو هيئة الرقابة الإدارية أن أمين المخزن كان يحتفظ بها ولم يقم باعادتها منذ ذلك الوقت وقام المتهمان بكسر أقفال المخزن دون اتباع أى اجراءات قانونية كإخطار البنك أو شركة التأمين. ولم يتم العثور على البضائع التى لم يثبت وجودها أصلا وتم إبلاغ الشرطة وحرر محضر بالواقعة إدارى شرطة إمبابة، حيث أمرت النيابة العامة بقيد الواقعة ضد مجهول وأمرت بحفظها مؤقتا لعدم معرفة الفاعل. وبناء على تكليف النيابة العامة شكلت لجنة ثلاثية برئاسة الشاهد الأول، أحمد إبراهيم محمد إبراهيم، كبير المفتشين بالإدارة العامة للرقابة على البنوك، وعضوية الشاهدين الثانى ماجد كامل فانوس، والثالث يسرى عبدالعزيز، المفتشين بذات الإدارة، لفحص التسهيلات الائتمانية الممنوحة للمتهم الخامس رجل الأعمال، وقد اتضح لهذه اللجنة أن المتهم الأول ولجنة الائتمان المعمول بها وأن المتهمين الأربعة ارتكبوا المخالفات المنسوبة إليهم وعدم التزام لجنة الائتمان التى تشمل المتهمين من الأول للثالث، بحدود السلطات الائتمانية المعمول بها وترتب على هذه الإجراءات غير القانونية والمخالفة للأعراف والقواعد المصرفية إضرار بأموال البنك. وأكدت اللجنة أن المخالفات عمدية خصوصا أن المبالغ سحبت فى فترة وجيزة وهى حدود شهرين وقد طالب البنك شركة المهندس للتأمين بقيمة التأمين على البضائع المؤمن عليها لجردها بمخزن العميل بكفر طهرمس إلا أن شركة التأمين رفضت طلب البنك لأنه لم يتم إخطار شركة التأمين بقرار نقل البضاعة من المخزن وعدم سريان وثيقة التأمين فى هذه الحالة. وتلاحظ للنيابة العامة أن أصل مديونية شركة هارونكو للتجارة بلغ 260 ألف جنيه فقط رغم كشوف السحب التى وصلت لمليونين ونصف مليون جنيه. كما أثبت تقرير الطب الشرعى أن أحمد هارون، المتهم الخامس، هو محرر الفاتورة المزورة ومنسوب صدورها للشركة المحمدية للتجارة. ووافق رئيس الوزراء حينها د. عاطف عبيد، على تحريك الدعوى القضائية ضد المتهمين منذ عام 2000.