علامات استفهام عديدة أحاطت بالمؤتمر الأول الذى أعلنت جمعية مؤلفى الدراما عن إقامته فى يناير المقبل لمناقشة «أزمة الدراما بين الإعلان والإعلام»، فما سر إقامة هذا المؤتمر فى هذا التوقيت؟ وهل هناك أى علاقة بينه وبين قرار أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون لوقف نظام الإنتاج بالمشاركة مع القطاع الخاص لضبط سوق الدراما؟ ولماذا الصمت طوال الأعوام الماضية؟ وما رد الجمعية على اتهام البعض بأن من يقود هذا المؤتمر هم مجموعة مؤلفين بلا عمل ويريدون لفت الأنظار إليهم؟ والكثير من التساؤلات حملناها إلى الكاتب محفوظ عبدالرحمن رئيس جمعية المؤلفين بحثا عن الإجابات.. • فى البداية سألناه عن سبب حماس الجمعية لمناقشة هذه القضية فى هذا التوقيت فقال : «منذ أربعة أعوام ونحن نفكر فى عقد مؤتمر لمناقشة حال الدراما لكن كل شىء كان متوقفا على مخاطبة وزير الإعلام إيمانا منا بأن فى يده مفاتيح الإصلاح الثقافى على جميع المستويات الفردية والجماعية فوزارة الإعلام فى يدها كل شىء من جهات إنتاجية وشاشة عرض وجهات تسويقية وجميع العناصر وعليه كنا نكتفى بإعلان موقفنا الغاضب مما يحدث للدراما المصرية من هبوط وتدنٍ ولكن لا يوجد أى صدى والأخطاء تتكرر ولم نر أى محاولة جادة لوضع سياسة واضحة المعالم لإدارة عجلة الدراما. • وما الذى استجد حاليا بعد صبر استمر أربعة أعوام؟ لم يستجد أى شىء وهذا أمر كاف لكى نقدم على هذه الخطوة وأتمنى أن تحقق شيئا مثمرا خصوصا أننا على أعتاب موسم درامى جديد والكل بدأ يعلن عن مشروعاته ونرجو أن تستفيد وزارة الإعلام من وجهات نظرنا وهى تبدأ خطتها الإنتاجية الجديدة ومن هنا يأتى حرصنا على دعوة أنس الفقى وزير الإعلام والمهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون ورؤساء جهات الإنتاج الحكومية. • لماذا تعولون كثيرا على وزارة الإعلام فى مهمة إصلاح الدراما؟ لأننا نرى أن المفتاح فى يدها لأنها تملك القدرة على الإنتاج المنظم، وعندها الطلقات والبندقية، لكن الشركات الخاصة والإعلام الخاص إما لديه البندقية فقط أو الذخائر، ولذلك كان خطوة مهمة أن نخاطب وزارة الإعلام، لأن جهل المسئولين بكيفية توظيف إمكانيات المؤسسة الرسمية يعد كارثة. • منذ سنوات أعلن أنس الفقى عن عقد مؤتمر موسع لمناقشة حال الدراما وطلب من كبار المخرجين والكتاب وضع ورقة عمل، ولكن ظلت هذه الورقة حبيسة الأدراج .فهل لا تزالون تعولون على وزارة الإعلام؟ بأمانة شديدة أقول إننى لست متفائلا كثيرا بهذه الخطوة، ولكن واجبنا أحيانا يدفعنا لكى نقول كلمتنا، وأنا مع فكرة طرق آخر الأبواب، ولى زملاء أعضاء الجمعية يشعرون بحالة تفاؤل، وما تم حبسه فى الأدراج سوف نقوله فى العلن خصوصا أننا نتحدث عن هذه القضية منذ قرابة 12 عاما وأعلنا كثيرا أن هناك مؤامرات تحاك ضد الدراما المصرية، ولقد حضرت بنفسى مصادفة اجتماعا لمنتجين عرب بأحدى الدول العربية، حيث اتفق بعض الإخوة العرب فيما بينهم على السيطرة فى كل شىء بالتليفزيون وتحدثوا عن مليارات من عائد الإعلانات، وأعلنت وقتها عما استشعرته من خطر ولكن لم يستحب أحدا. • هل لديك موقف ما من الإعلانات؟ إطلاقا.. فلم أرفض أبدا مبدأ الإعلانات، لكنى أعيب على الذين يديرون القنوات الذين تركوا للمعلن أن يتدخل فى كل شىء، وأصبح يطلب نجما بعينه والمنتج يستجيب لطلبه وانقلبت الآية وأصبح النجم هو إله العمل الأعلى الذى يختار فريق العمل وأحيانا يستعين بكاتب يكتب له مشاهده بخلاف كاتب العمل الأصلى ومهازل لو أقسمت على مصحف أنها تحدث فى حق الكاتب وفى حق العمل لن يصدقنى أحد. • لكن ألم يسبق للجمعية أن خاضت حربا من قبل لحماية الحقوق الملكية للمؤلف وطالبت نقابة السينمائيين بمساندتهم وتعضيد موقفهم؟ حدث هذا بالضبط ولكننا فى النهاية لسنا جهة ملزمة وعليه نتحرك بصعوبة شديدة وطاقتنا استنفدت من خوضنا فى 50 معركة دفعة واحدة خصوصا أن المؤلف هو «الحيطة المايلة» التى يستند عليها الجميع فأذكر أن هناك مؤلفا تعاقد مع جهة إنتاجية حكومية عن عمل وتقاضى أجره كاملا وسلم العمل ولكن ظل حبيس الأدراج وبعد 12 عاما عاد المؤلف ليتعاون مع نفس جهة الإنتاج عن عمل آخر فتم خصم المبلغ الذى تقاضاه عن العمل الذى لم يتم تنفيذه لأن المبدأ هنا أنه على المؤلف أن يسعى لتسويق عمله وكأنه أصبح شريكا ولكن فى الخسارة وليس فى الأرباح، وهذه كلها ضغوط كبيرة تمارس على المؤلفين وتكون النتيجة أعمالا بمستوى لا يرقى لكى يتم وصفها بأنها أعمال فنية. • اتفق كثير من النقاد أن سهم الدراما المصرية فى تصاعد مستشهدين بالأعمال الدرامية التى حققت نجاحا هذا العام منها «الجماعة» و«الحارة» و«قصة حب» و«أهل كايرو» وغيرها فما تعليقك؟ ثلاثة أو أربعة أعمال ناجحة ليست مقياسا على الإطلاق وسط كم هائل من المسلسلات السيئة، فمصر تنتج قرابة 40 مسلسلا، ونجاح هذا العدد الضئيل لا يعتد به مقياسا لصعود الأسهم ولكن أقول إن هذه الأعمال نجحت لأن وراءها كتابا متميزين، ولكن للأسف نحن نعانى من تناقص حاد فى صفوف الكتاب على الرغم من أن السوق الدرامى اتسع، والضغوط التى تمارسها الجهات المنتجة وتدخل الإعلانات وسيطرة النجم تصيب كثيرا من الكتاب بحالة من الخلل، فأحيانا نسمع عن جهة تطالب المؤلف بكتابة 3 مسلسلات فى العام الواحد وهذه كارثة لأنها تحوله من مبدع إلى آلة. • البعض يرى أن من يقود هذه الحملة ضد الدراما المصرية هم مجموعة من المؤلفين باحثون عن عمل أو راغبون فى زيادة أجورهم وأن من الضرورى الاستعانة بعناصر شابة بدلا منهم لأنهم يكتبون لزمن غير زمانهم.. فما ردك على هذا؟ أقول إن هذا الكلام يدل على تدنى لغة الحوار لدى البعض ومحاولة التأثير على خطوتنا فى طريق الإصلاح، فهذه الفكرة تتبناها جمعية مؤلفى الدراما وكل أعضائها يعملون والمبتعدون منهم عن الساحة هم أصحاب موقف، وهم مبدعون لهم مكانتهم وأعمالهم المحترمة ويفرضون شروطهم وهذا حقهم لضمان أن يخرج عملهم بالشكل الذى يلقى قبولهم وليس منهم مؤلف ماركة صاحبنا الذى قبل أن يحول بطلة العمل من حسنية إلى إبراهيم لأن جهة الإنتاج تعاقدت مع نجم وليست نجمة وهذه واقعة حقيقية حدثت وتحدث باستمرار فى ظل وجود مؤلف تحت الطلب يكتب ما تمليه عليه شركات الإنتاج. أما عن مغالاة المؤلفين الكبار فى أجورهم أو أنهم يكتبون لزمن غير زمانهم فهذا كلام باطل فالمؤلف هو صاحب أقل أجر فى العمل الدرامى كله إضافة إلى أن الفرق بين المؤلف الكبير والصغير ضئيل للغاية ولكن المنتج يسعى لتوفير كل مليم ليدفع أجر النجم الذى يتعاقد معه، غير صحيح أن المؤلفين الكبار يكتبون لزمن غير زمانهم. ولكن هناك كتابا يحترمون عملهم بشكل كبير وهو ما يجد تقديرا طيبا لدى الناس وعليه لا يقبلون أن تفرض عليهم شروطا وأنا واحد منهم والسجن أحب إلى مما يدعونى إليه المنتجون الجدد الذين دخلوا فى مجال الإنتاج الدرامى وهم لا يعلمون عنه شيئا. • ولكنك تعود للشاشة الصغيرة بعد فترة غياب طويلة بمسلسل «أهل الهوى» الذى تدور أحداثه فى فترة العشرينيات.. فكيف تبرر ذلك؟ نعم تدور أحداث «أهل الهوى» فى فترة العشرينيات إلا أنه يواكب أحداث هذا الزمن وهذه هى مقدرة الكاتب على الصياغة، وأتمنى أن يدرك البعض هذه الحقيقة فالعمل إذا تمت كتابته بشكل جيدا يحقق نجاحا كبيرا على المدى البعيد، فنحن نرى مسلسلات لامعة ولكن فى العام الذى يليه لا نتذكرها، والسبب أنها أعمال الشو الإعلامى.