مراسلو الأخبار أو «الريبورترز» كما يحب البعض أن يطلق عليها، مهنة ازدادت أهميتها فى عصر الفضائيات مع الاتجاه للصحافة التليفزيونية وانطلاق القنوات الإخبارية، وشيئا فشيئا استحوذت على المساحة الأكبر من معظم البرامج التى تضخم عددها، وتضخمت معها الحاجة لعدد أكبر من المراسلين لتغطية الأحداث المتلاحقة ومحاولة لتحقيق السبق على باقى القنوات ولكن أدت الهرولة نحو برامج التوك شو إلى عشوائية كبيرة ظهرت وتجلت يوما بعد آخر، وأصبح السبق فى الحصول على نفس الضيف الذى يظهر فى كل القنوات الأخرى وليس فى الانفرادات الخاصة، وظهر ذلك فى الكواليس على شكل شجار وتدافع وضرب وسباب، تسرب بعض منه فى أحد البرامج الرياضية وتسبب أزمة بقناة مودرن الرياضية، ولكن ما خفى كان أعظم ويستحق وقفة ممن يهمهم أمر الإعلام المصرى.. حسين عبد الغنى : التقارير الإخبارية فى الفضائيات العربية صورة مكررة فى البداية يعلق حسين عبدالغنى المدير السابق لمكتب قناة الجزيرة فى مصر على الفوضى التى تحدث بين المراسلين عند تدافعهم على الضيوف فى الأحداث المختلفة قائلا: «إن ذلك التدافع والتنافس صحى جدا فى مهنة الصحافة ولكن السؤال هو: على أى شىء يتدافع المراسلون؟ فأنا أرى أنهم يتدافعون على ضيف واحد ليظهر عشر مرات على القنوات ليقول نفس الكلام وهذا يسىء للضيف قبل القناة أو البرنامج، لأنه لا يوجد لدى ذلك الضيف ما يقوله ويكون مختلفا فى كل قناة، ولكننى أرى أن القنوات تتبع الموضة». وفسر عبدالغنى تلك الظاهرة وأسباب ظهورها من الأصل فقال: «إن ظهور العديد من القنوات الفضائية فى البلاد العربية منذ بضع سنوات يعد ظاهرة إيجابية جدا، إلا أن هناك عددا من الظواهر السلبية القوية التى تلى ظهور تلك القنوات هو منعهم جميعا من أن يكون لديهم نشرات إخبارية، فانتقلوا إلى ما يسمى ببرامج التوك شو مثل العاشرة مساء و90 دقيقة والحياة اليوم وغيرها، وظهرت المشكلة حينما اضطروا إلى تطعيم البرامج بتقارير لا علاقة لها بالتقارير الإخبارية المتعارف عليها فى البرامج الإخبارية حول العالم، لا من حيث الحجم أو العلاقة بين النص والصورة، أو اللغة، أو بكفاءة التصوير أو بعلاقة المراسل بالكاميرا، فكل ذلك يتم فى أدنى مستوياته لأن اللغة ضائعة والنص مفكك ويجمع الشامى بالمغربى ولا تجد وحدة للموضوع. ويضيف عبدالغنى: «جميع المتخصصين يعرفون أهمية تلك المهنة للجمهور كافة فهى أحد المحركات للرأى العام، ولذلك يجب أن يكون المراسل واعيا وأمينا بالدرجة التى تجعله ينقل الأحداث بصورة حقيقية، ومن هنا فإن مهنة المراسل لها مواصفات خاصة جدا من حيث الثقافة والتدريب، لأنها مهنة البحث عن الحقيقة. تقول أمل الحناوى مدير مكتب قناة روسيا اليوم فى القاهرة أن المؤسسات الإعلامية الكبرى تعتمد على الأخبار والتقارير الإخبارية فى كل شىء، وليس فى نشرات الأخبار، ومن هنا تزيد أهمية المراسل فهو من يتولى التعبير عن وجهة نظر القناة ورؤيتها للحدث، يغذى القناة بالمعلومات الحصرية أثناء تصويره للتقرير الذى يختص به قناته. وأضافت أن كثير من المؤسسات فى مصر لا تهتم بمعايير الجودة على مستوى التقرير أو حتى الصوت والصورة، وسبب ذلك أن فى مصر لا يهتمون بمنتج الأخبار ويرسلون المراسل إلى الحدث دون تدريب أو إمداد بالمعلومات والتفاصيل التى تساعده فى تغطية الحدث، ويتركوه ليعتمد على ثقافته الشخصية واجتهاده، ومن هنا يكون على المراسل أن ينمى ثقافته بشكل مستمر وأن يزيد من مهاراته، وعليه أن يتعامل كإعلامى، وليس موظف مهمته نقل صورة والسلام. على الجانب الآخر، يرى عبدالمجيد مراسل أحدى القنوات الأوربية أن مراسلين برامج التوك شو المصرية لا يجب ان يقال عليهم مراسلين بل هم مجموعة هواة، لأن المراسل يعد صحفيا شاملا لديه ثقافة واسعة بمختلف الأمور التى يقوم بتغطيتها ولديه شبكة اتصالات واسعة، إضافة للقدرات الشخصية التى تمكنه الاشتباك مع الأحداث والتفاعل معها تحت أى ظروف يمر بها. حسام فرحات: أخطاء الإعلام الرياضى تتحملها القنوات الفضائية عالم الإعلام الرياضى الذى يعتبر أكثر فروع الإعلام المصرى على شاشات الفضائيات عشوائية، فهناك الكثير من النماذج التى تشهد على هذه العشوائية، سواء من مقدمى البرامج أو من المراسلين أو حتى من الضيوف وأيضا من مخرجى تلك البرامج.. والأمثلة كثيرة جدا وكان آخرها الموقف الذى أطاح بمراسل قناة مودرن كورة فيصل زيدان، وتسبب فى منعه من الظهور على الشاشة لمدة عام كامل. يرجع الإعلامى حسام الدين فرحات هذه العشوائية إلى غياب عنصر التدريب والتأهيل للمراسلين والمذيعين، ولا يكفى إطلاقا أن يكون لاعبا سابقا أو محبا للرياضة التى يقوم بتغطية أحداثها لتسمح له القناة بالظهور على شاشتها ومخاطبة الناس فى البيوت. وقال فرحات إنه يجب أن تكون هناك تدريبات على كل المواقف التى قد يقابلها الرياضى أثناء تأديته لعمله، وأن يعى جيدا حدود عمله وكيف لا تتعدى على حقوق الآخرين. وأشار إلى أن الجنة الشئون الرياضية من بين مهامها الدعوة للدورات التى يتم تنظيمها بمعهد الإذاعة والتليفزيون، والتى تكون مفيدة جدا للإعلامى الراغب فى العمل بهذا المجال، ولكن هناك من يعملون فى مجال الإعلام الرياضى بدون تدريب، ويتعاملون مع الأمر بكثير من الفهلوة. ويرى فرحات أن مسئولية عمل مراسلين ومذيعين ومخرجين غير مدربين هى مسئولية القنوات التى تستخدمهم، ولا تعلمهم ما يقال فى أثناء أداء عمله وما لا يجب أن يقال أمام الشاشة. وعن أسباب الشجار الذى تشهده جوانب الاستاد بعد كل مباراة يقول: «غياب الفهم، البعض يسجل مع نجم من النجوم ويريد ألا تسجل معه قنوات أخرى، فيفتعل مشكلة بهدف تفويت الفرصة على زميله، وهو لا يعرف أن التميز ليس فى تسجيل حوار ولكن الحرفية فى كيفية إدارة الحوار». وأوضح أن المشكلة الأساسية هى عدم الالتزام بالأماكن المخصصة لإجراء المقابلات الإعلامية، والتى تخصصها الجهة المنظمة للبطولة للقنوات المشترية لحقوق تلك البطولات، وإعاقة عملها يعد خرقا لحقوق القناة التى تدفع نظير وضع كاميراتها فى هذه المنطقة. محمد عباس المراسل والمذيع بقناة دريم يقول: «فى الفترة الأخيرة يتم اختيار المراسلين بعشوائية شديدة، وذلك لاحتياج القنوات لسد حاجتها من هذه الوظيفة، ولأن الإعلامى الموهوب والمدرب يعد عملة نادرة، فتحت القنوات أبوابها للهواة، وهو ما انعكس على الشاشة. وأشار إلى أن هذه العشوائية لا تقف عند حد المراسلين ومقدمى البرامج ولكن طالت المخرجين الذين لا يعطون التفاصيل أهمية كبيرة، مثل المشاكل التى شهدتها الساحة أخيرا كان يجب على المخرج أن ينبهه العاملين معه بأنه على الهواء أو يتدخل ويقطع على ما يحدث على الشاشة. وأكد عباس انه كثيرا ما تعرض لمواقف مشابهة بسبب فوضى المراسلين وعدم احترام المهنة ولكنه يستطيع تجاوز كل هذا بالخبرات التى اكتسبها على مر السنوات.