قطع فريق أوليمبيك مارسيليا الفرنسي أولى الخطوات في اتجاه العودة إلى أمجاده الغابرة وعصره الذهبي قبل نحو عقدين من الزمن ، والذي سطر خلاله أروع الإنجازات على الصعيدين المحلي والأوروبي ، قبل أن تؤدي به "الفضيحة السوداء" عام 1994 إلى دوري الدرجة الثانية. وعلى الرغم من العودة السريعة للفريق إلى الدرجة الأولى ، فإن الفريق احتاج إلى سنوات من أجل إعادة تثبيت أقدامه بين الكبار مع أنه لم يتوقف عن المحاولة خلال الأعوام الماضية وعن تقديم سيل من النجوم الذين غزوا الفرق الأوروبية العريقة. ويتصدر الفريق ترتيب الدوري الفرنسي برصيد 64 نقطة قبل 6 مراحل على نهايته ، في محاولة على ما يبدو لكسر احتكار فوز ليون باللقب على مدى 7 أعوام متتالية. وتعتبر عودة مارسيليا المحتملة إلى منصات التتويج الفرنسية أملا لعشاق الفريق الذين طالما احتشدوا في استاد "فيلودروم" لمشاهدة نجومهم وفي مقدمتهم الهداف جان بيير بابان ومارسيل ديساييه وبازيل بولي وجوسلين أنجلوما وديدييه ديشان وفابيان بارتيز ، وآخرون من بلدان مختلفة منهم إنزو فرانشيسكولي الأوروجوياني ورودي فولر الألماني وعبيدي بيليه الغاني وكريس وادل الإنجليزي ، وبقيادة مدربين عالميين كالقيصر فرانز بيكنباور وجيرار جيلي وريمون جوتاليس. وتسلم البلجيكي إيريك جيريتس مهمة التدريب من ألبير إيمون في موسم 2007-2008 ، واستطاع أن يبحر بسفينة الفريق من المركز التاسع عشر في المرحلة الثالثة عشرة إلى الثالث في نهاية الموسم ، مما مكنه من بلوغ دوري أبطال أوروبا. واستهل مارسيليا بطولة هذا العام باحتلال المركز التاسع ، وتصدر في المرحلتين الثالثة والرابعة ، لكنه ما لبث أن تأرجح دون أن يهبط عن الخامس ، حتى قبض على الصدارة في المرحلتين الأخيرتين بفوزه على جرونوبل 4-1 ولوريان 2-1. وتتجه الأنظار بالطبع حاليا إلى لقاء القمة الذي سيجمع مارسيليا مع ليون ضمن المرحلة السادسة والثلاثين للدوري في 16 مايو المقبل ، والذي سيحدد بشكل كبير قدرته على تحقيق طموحات مشجعيه المتعطشين لرؤية فريقهم على منصة التتويج. وعلى الصعيد الأوروبي ، لم يبل الفريق حسنا في دوري الأبطال فاحتل المركز الثالث في مجموعته التي ضمت ليفربول الإنجليزي وأتليتيكو مدريد الإسباني وإيندهوفن الهولندي ، وفي حين تأهل ليفربول وأتليتيكو إلى دور الثمانية ، انتقل مارسيليا إلى المشاركة في كأس الاتحاد الأوروبي ، لكن مسيرته توقفت أمام شاختار دونتسك الأوكراني الذي تغلب عليه مرتين 2-صفر و2-1. بلغ مارسيليا قمة المجد بفوزه بكأس أبطال أوروبا عام 1993 كأول فريق فرنسي يحقق هذا الإنجاز ، وذلك على حساب ميلان الإيطالي بهدف سجله بولي في المباراة التي أقيمت في مدينة ميونيخ الألمانية ، والذي جاء بعد سيطرة مطلقة على الدوري الفرنسي ابتداء من العام 1989. لكن فضيحة الرشوة التي تورط فيها مسئولوه ، وعلى رأسهم رئيس النادي برنار تابي مع نادي فالنسيان ، أدت إلى سحب بطولة الدوري منه عام 1993 وإسقاطه إلى دوري الدرجة الثانية وحرمانه من خوض الكأس القارية أمام ساو باولو البرازيلي والكأس السوبر الأوروبية أمام بارما الايطالي. وكان تابي قد تولى رئاسة نادي مارسيليا عام 1986 واستطاع خلال فترة وجيزة تحويله ليصبح الأقوى في فرنسا وأحد عمالقة الكرة الأوروبية. وعاد مرسيليا إلى الدرجة الأولى بعد عامين ، ووجد دعما من شركة أديداس للملابس الرياضية ، فعزز صفوفه بالهداف الإيطالي فابريزيو رافانيللي – ذي الشعر الأبيض - وبعض النجوم المحليين أمثال لوران بلان وروبير بيريس وكريستوف دوجاري ، وحل وصيفا لبوردو بطل عام 1999 ، وكاد يستعيد المجد الأوروبي ، لكنه خسر مرتين في نهائي كأس الاتحاد عامي 1999 و2004 أمام بارما. ولم يتسلل الإحباط إلى نفوس اللاعبين ، بل على العكس ، فقد كاد الفريق أن يتوج مرتين بكأس فرنسا عامي 2006 و2007 ، لكن الكلمة النهائية في المحاولتين انتهت لباريس سان جيرمان وسوشو. وترافقت تلك المرحلة مع نجوم برزوا بقوة وفي مقدمتهم الإيفواري ديدييه دروجبا والفرنسي فرانك ريبيري ومواطنه سمير نصري ، لكن الثلاثة طرقوا أبواب الاحتراف الخارجي إلى تشيلسي الإنجليزي وبايرن ميونيخ الألماني والأرسنال الإنجليزي على الترتيب ، فيما أعلن الجزائري كريم زياني والفرنسي حاتم بن عرفة والسنغالي مامادو نيانج بداية مرحلة جديدة لأحد أعرق الفرق الفرنسية.