عبد الصادق البنا: المحامي الذي لن يلتزم بالإضراب سيحال للتأديب    وزير التعليم يشيد بقرار المركزي للتنظيم بشأن مسابقات وظائف المعلمين    اعتبارا من العام الدراسي القادم، الجامعة البريطانية تطلق برنامج "نظم معلومات الأعمال"    رسميًا.. جدول امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية 2025 الترم الثاني    اعتماد 31 مدرسة جديدة بالغربية من الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    وزير الري| توظيف أحدث التكنولوجيا للتعامل مع تحديات المياه    الأسهم الأوروبية ترتفع وسط تفاؤل بشأن إبرام صفقات تجارية أمريكية مرتقبة    قرار رسمي يحدد ضوابط التصوير داخل مينائي الإسكندرية والدخيلة    مصر وإسبانيا تتعاونان لتطوير حلول ذكية للبنية التحتية والاستدامة    رئيس هيئة الدواء يجتمع مع رئيس الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية بالبحرين    ضمن مبادرة «صكوك الإطعام».. توزيع 2 طن لحوم على الأسر الأولى بالرعاية في بني سويف    "الزراعة": معامل الوزارة تحصل على اعتماد دولي وتُعتمد كمرجعية للمؤسسات الأوروبية    الأمم المتحدة تحذر من انتكاسة جهود الإغاثة بسبب استمرار قصف قوات الدعم السريع    وسط قلق الأطباء ودعاء الأمهات.. نفاد الوقود يهدد الأرواح بمستشفيات غزة    فشل الجولة الأولى لاختيار خليفة البابا فرنسيس.. الكرادلة يعودون لكنيسة "سيستين" وسط ترقب عالمي    وزير خارجية إيران: زيارتي للهند تهدف لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة    تشكيل توتنهام المتوقع أمام جليمت في الدوري الأوروبي    موقف مصطفى شلبي من لقاء الزمالك وسيراميكا في الدوري    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    خالد بيبو يكشف كواليس صدامه الأول مع كولر ويؤكد: "ظلم لاعبين بسبب حلمه بالمونديال"    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    ضبط قضايا إتجار غير مشروع في النقد الأجنبي ب 5 مليون جنيه    تعرف على تفاصيل الحالة المرورية بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    ضبط سيدة بتهمة انتحال صفة طبيبة فى الهرم    الجريدة الرسمية تنشر قرارات رد الجنسية المصرية ل42 شخصا    جثة ال17 طعنة.. المؤبد للمتهمين في جريمة «السلاكين» بنجع حمادي    موعد ومكان جنازة الإعلامي صبحي عطري بعد مرور 21 يوما على وفاته    طارق الشناوي يدعم بوسي شلبي في أزمتها مع أبناء محمود عبد العزيز    وزير الثقافة يترأس الاجتماع الثاني للجنة دراسة التأثيرات الاجتماعية للدراما المصرية والإعلام    قادة بالفطرة.. 5 أبراج يتألقون تحت الضغط هل أنت من بينهم؟    اليوم.. طرح الإعلان الرسمي لفيلم «المشروع x»    لهذا السبب يتصدر شاروخان التريندات.. اعرف القصة    محافظ القليوبية يشهد توقيع بروتوكول تعاون لإقامة معرض لمؤسسة دار المعارف ببنها    الصحة: فريق طبي مصري ينجح في ترميم فك مريض روسي باستخدام المنظار    الصحة: تخريج الدفعة الثالثة من برنامج مرشدي تعافي الإدمان    وزير الصحة يبحث مع نقيب التمريض تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    الصحة العالمية: خفض معدلات التدخين بمقدار 30٪ بكل دولة بحلول 2030    تعليمات أداء تقييمات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الصفوف الأولى للمصريين بالخارج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    تخفيف الحكم على قاتل والدته بالإسكندرية من الإعدام للسجن المشدد    قسم الأمراض العصبية والنفسية بجامعة أسيوط ينظم يوما علميا حول مرض الصرع    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    البرلمان الألماني يحيي ذكرى مرور 80 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية    هجوم بطائرات درون على مستودعات نفطية في ولاية النيل الأبيض بالسودان    سعر جرام الذهب اليوم فى مصر الخميس 8 مايو 2025.. تراجع عيار 21    بعد صعود سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الخميس 8-5-2025 صباحًا للمستهلك    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    البابا تواضروس الثاني يصل التشيك والسفارة المصرية تقيم حفل استقبال رسمي لقداسته    رامي ربيعة يقترب من الموافقة على عرض الأهلي الأخير    تعرف على ملخص احداث مسلسل «آسر» الحلقة 28    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    اليوم.. «محامين المنيا» تعلن الإضراب عن محاكم الاستئناف رفضًا لرسوم التقاضي    خبر في الجول - أشرف داري يشارك في جزء من تدريبات الأهلي الجماعية    عودة أكرم وغياب الساعي.. قائمة الأهلي لمباراة المصري بالدوري    المعاينة: وفاة شخص وإصابة 8 آخرين إثر حادث تصادم 8 سيارات فى السلام    خالد الجندى: الاحتمال وعدم الجزم من أداب القرآن ونحتاجه فى زمننا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تناقضات العلاقات العربية الإيرانية
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 10 - 2010

فى أقل من أسبوعين شهدت العلاقات العربية الإيرانية تطورين مهمين فى اتجاهين متضادين، الأول يرجئ بشكل غير مباشر فتح حوار عربى مع إيران، والثانى يتضمن مؤشرات على انفراج علاقة إيران مع واحدة من دول النظام العربى من جهة وعلى عمق علاقتها بدولتين أخريين من دول هذا النظام من جهة أخرى. والمحصلة تأكيد قاعدة أن الدول العربية تفضل إقامة علاقاتها الخارجية على أسس ثنائية، وتتردد فى إخضاع تلك العلاقات لترتيبات جماعية تحت مظلة جامعة الدول العربية.
فيما يخص الاتجاه الأول تسبب الانقسام فى مواقف الدول العربية حيال ضم إيران لعضوية منتدى دول الجوار العربى، فى تعطيل المبادرة برمتها. وخلصت قمة سرت الاستثنائية التى أنهت أعمالها قبل أيام إلى تشكيل لجنة وزارية تتعاون مع فريق من المتخصصين، وترفع تقريرا للقمة العربية المقبلة فى مارس 2011 على هدى الاقتراحات، التى تتقدم بها الدول الأعضاء للأمانة العامة للجامعة العربية.
وتمثلت أبعاد هذا الانقسام فى التراوح ما بين الدعوة للتريث تحت مبررات مختلفة (من طرف دول مثل مصر والأردن واليمن والجزائر)، والتحفظ على عضوية إيران بسبب النزاع على الحدود (الإمارات)، والترحيب بإطلاق المنتدى (من دول مثل العراق وسلطنة عمان وجزر القمر).
اختزل هذا الانقسام المبادرة إذن فى إيران فكانت هى الحاضر الغائب فى القمة الاستثنائية مع أن الأمين العام للجامعة السيد عمرو موسى كان قد قدم قائمة مقترحة بعشرين دولة مرشحة للعضوية، بعضها من آسيا والآخر من أفريقيا والثالث من أوروبا، وأكثرها توجد قضايا عالقة بينه وبين دولة أو دول عربية، مثل السنغال مع موريتانيا، وتشاد مع السودان، وإسبانيا مع المغرب. بل إن تركيا نفسها المرشحة رقم (1) لعضوية المنتدى لها مع العراق وسوريا ملفات مفتوحة فى قضايا المياه والحدود والأكراد.
ولمثل هذا الخلاف يكون الحوار مطلوبا، فالحوار لا قيمة له بين أطراف متماهية، تلك واحدة.
والأخرى أن الإمارات الدولة الأكثر حساسية للمبادرة تربطها علاقات تجارية شديدة التميز بالجمهورية الإسلامية، كما أن الأردن الذى اعتبر أن «وحدة الصف وتوفير الحد الأدنى من تلاقى المصالح العربية البينية» شرط مهم لإنشاء المنتدى ينخرط مع إيران فى آلية دول جوار العراق، التى يجتمع أطرافها دوريا للتباحث فى تطورات الوضع العراقى.
والثالثة أنه من أجل تفادى عضوية إيران أو فى القليل إرجاء لها، ذهبت دول عربية بعيدا فى مقترحاتها الخاصة بالدول الأعضاء، وها هى مصر قد بعثت عبر وزير خارجيتها برسالة إلى الأمانة العامة للجامعة العربية فى شهر سبتمبر تقترح التركيز على تركيا وتشاد والسنغال وقبرص ومالطا، مالطا؟!. أما الملاحظة الرابعة والأخيرة فهى أنه لو كان قد حدث تصويت بالإيجاب على تشكيل المنتدى، لكان على إيران وفق الصيغة الأصلية التى اقترحها السيد عمرو موسى فى قمة سرت العادية، أن تدخل فى حوار مع العرب قبل أن يتقرر ما إذا كان يجوز لها الانضمام للمنتدى أم لا، علما بأن ضم أى دولة للمنتدى يشترط فيه إجماع الآراء. ومثل تلك الإجراءات المعقدة كفيلة بأن تجعل من عضوية إيران فى هذا التشكيل الجديد احتمالا بعيد المدى آخذا فى الاعتبار تشعب قضايا الحوار، وتعدد أطرافه، وحساسياتهم البينية، ومع ذلك أرجئ البت فى ملف المنتدى.
أما فيما يخص الاتجاه الثانى فإنه يتمثل فى مجموعة المؤشرات التى يمكن استقاؤها من مستجدات العلاقات العراقية الإيرانية، والمصرية الإيرانية، واللبنانية الإيرانية فى غضون الأيام القليلة الماضية التى تفيد تعمق تلك العلاقات أو توسعها.
ففى العراق توجت إيران نفوذها الوطيد بترجيح كفة نورى المالكى لتشكيل الحكومة العتيدة، وجاء ذلك على الرغم من نتائج صناديق الاقتراع، وعلى الرغم من المساعى التى بذلها إياد علاوى مع دول لا تحبذ التجديد للمالكى كمصر والسعودية، وعلى الرغم حتى من عدم ارتياح بعض أخلص حلفائها فى العراق للمالكى.
أكثر من ذلك فمع أن المالكى بالنسبة للولايات المتحدة كما هو بالنسبة لإيران يعد رجل المرحلة القوى، إلا أن إيران لم تنس له محاولاته المبكرة لأن يظهر بوجه غير طائفى ويجمع العراقيين حول الوطن لا حول المذهب، ومن هنا جاء حرصها، أى إيران، على انتزاع تنازلات لمقتدى الصدر فى التشكيلة الوزارية، ولو كرهت الولايات المتحدة.
وفى مصر كان الإعلان عن تشغيل أول خط للنقل الجوى المباشر من القاهرة لطهران وبالعكس بعد واحد وثلاثين عاما من التنقل بين العاصمتين عبر الترانزيت.
اتفاق استئناف الرحلات الجوية بين مصر وإيران يمثل تطورا نوعيا فى علاقتهما الثنائية، كونه يعنى زيادة التفاعل البشرى وتنشيط السياحة الدينية من طهران إلى القاهرة، حيث توجد العتبات المقدسة لدى الشيعة، كما أنه يفتح آفاقا أوسع للتبادل التجارى. أما كونه ينعكس إيجايا على العلاقات السياسية بين الدولتين أم لا، فليس بالضرورة فقد سبقته إجراءات عدة للتعاون الاقتصادى كان آخرها فتح فرع للبنك الإيرانى المصرى بطهران. ويعود ذلك إلى تعقد العلاقات الإيرانية المصرية وارتباطها بشبكة متشعبة من القضايا العربية كالقضيتين اللبنانية والعراقية، والتمرد الحوثى فى اليمن، والموقف من الصراع العربى الإسرائيلى، هذا فضلا عن الملف النووى الإيرانى.
وفى لبنان تمثل زيارة الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد محطة رئيسة من محطات العلاقات الإيرانية اللبنانية. ليس لأن نجاد هو أول رئيس إيرانى يزور لبنان فهو ليس الأول وإن كانت زيارته هى الأولى. لكن خطورة زيارته تنبع من دلالتها الرمزية كونها تأتى فى ذروة احتدام الصراع الداخلى اللبنانى حول الموقف من المحكمة الدولية وشهود الزور وقرار الاتهام الظنى ومذكرات التوقيف الغيابية السورية.
ومعنى هذا أن نجاد حين يحل ضيفا على حزب الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت، وحين يشق طريقه إلى قانا وبنت جبيل فى الجنوب اللبنانى فإنه يسبغ شرعية إقليمية معتبرة على فريق الثامن من آذار الذى هو أحد طرفى الصراع.
تلك إذن العلاقات العربية الإيرانية فى لحظتها الراهنة، وهى علاقات تتأرجح ما بين سكون على مستوى النظام وصخب على مستوى وحداته. وهكذا انفضت القمة العربية الاستثنائية فى سرت على أمل أن ينطلق الدخان الأبيض فى سماء العلاقات العربية الإيرانية فى مارس المقبل.
لكن هذا الأمل يبقى موضع شك حتى يدرك العرب أهمية الغطاء العربى لعلاقاتهم مع إيران، ويوقنوا أنه يزيد من قدرتهم التفاوضية، ويحول دون توظيف خلافاتهم البينية حول إيران، وُيّرشِد التدخل الإيرانى فى شئون بلادهم ولا أقول يلغيه. أما من جانب إيران فإن عليها مسئولية بناء جسور للثقة بينها وبين الدول العربية، ولها مصلحة مؤكدة فى ذلك.
أولا لأن المنتدى يخلو من إسرائيل وهذا مكسب لإيران. وثانيا لأن التنسيق العربى الإيرانى يسهم فى ضبط نشاط المعارضة الإيرانية. وثالثا لأن انضمام دولة مثل فرنسا للمنتدى يوجد حلقة وصل مع مجموعة دول 5+1 التى تبحث ملف إيران النووى.
هذا إلى أن تنسيقا عربيا إيرانيا لابد أن يَقُضّ مضجع الولايات المتحدة وليس ببعيد اعتراضها الفج على الخط الجوى بين مصر وإيران.
ومن أجل بناء الثقة من المهم أن تتوقف إيران عن سياسة الخطاب المزدوج، والسير على الخطوط المتوازية، وفعل الشىء ونقيضه.
إذ لا يعقل أن يُصدر المرشد على خامنئى فتوى تحرم سب الصحابة فتنزل فتواه بردا وسلاما على العرب العقلاء بسنتهم وشيعتهم، ثم بعد أيام يزور نجاد لبنان فيصب الزيت على نار مشتعلة، ويكرس انقسام اللبنانيين إلى معسكرين يقتسمان لافتات الترحيب والسخط، وحملات الترحيب والتنفير فيبيت لبنان يومى الزيارة على جمر.
ومن عجب أنه فى خضم هذا الصخب يخرج علينا سفير إيران فى لبنان غضنفر ركن أبادى أثناء حوار له مع جريدة السفير اللبنانية، ليرد على سؤال عن رأيه فى الانقسام الحاصل فى لبنان بسبب الزيارة قائلا بوداعة مدهشة: «نحن لم نشعر بهذا الانقسام بل شعرنا بأن المسئولين فى هذا البلد يرحبون بهذه الزيارة وبمواقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.