«المصريين حطوا مع بعض دستور خاص بيهم مالوش علاقة بالدستور الرسمى». يقولها هيثم دبور مؤلف كتاب «مادة 212»، الصادر عن دار الشروق للنشر، فى أول مشاهد الفيلم الوثائقى الذى يحمل نفس اسم الكتاب. يقف دبور أعلى بناية بمنطقة منشية ناصر، وفى الخلفية تظهر قلعة صلاح الدين المحاطة بمبانى قديمة متلاصقة. يقول هيثم إن دستور المصريين الخاص بهم، يبدأ من المادة 212، ولا يعترف بالمادة 211 التى تشكل الدستور الرسمى. اختار مخرج الفيلم الوثائقى كريم الشناوى أن يكون المشهد الأول فى إحدى مناطق العشوائيات، حيث تولد مواد الدستور الشعبى، قبل أن تنطلق إلى الشارع. ويرصد مواد هذا الدستور المتعارف عليه فى فيلم تصل مدته إلى عشر دقائق. وصلت عدد مشاهدات الفيلم بعد مرور ثلاثة أيام من رفعه على موقع يوتيوب إلى 20 ألف مشاهدة. «هى مصر كلها شاكبة راكبة». هذه العبارة استخدمها سائق الميكروباص معلقا فى أحد مشاهد الفيلم الوثائقى، على أنه لا يوجد دستور، وفى رأيه أنه «ولا مادة فى الدستور تعيش بنى أدم كويس». يجلس شرطى فى فترة صباحية لحراسة الكنيسة، جميع المترددين على الكنيسة يقولون له صباح الخير وهو يجيب «عليكم السلام». هنا يأتى التعليق الصوتى للمذيع أحمد العسيلى، بأن المادة 46 من الدستور المصرى تنص على «تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية». تناقضات المجتمع التى رصدتها كاميرا كريم الشناوى، وسيناريو هيثم دبور كان من ضمنها التعليم، ظهر فى مشهد يجلس فيه طالبان بمرحلة الثانوية العامة يتحدثان عن إلغاء 6 إبتدائى وعودتها أكثر من مرة. ويخترق المشهد صوت المعلق، بنص المادة 43 من الدستور، «لا يجوز إجراء أى تجربة طبية أو علمية على أى إنسان بغير رضائه الحر». المادة 206 من الدستور الرسمى تنص على أن «الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها على الوجه المبين فى الدستور والقانون». رصد كريم موقف على النقيض لهذه المادة من خلال الطفل، الذى يقوم بتنظيف زجاج السيارة بإحدى صفحات الجريدة القومية. يرى كريم أن استحالة تصوير بعض المشاهد، كانت السبب فى اللجوء إلى التمثيل، استعان المخرج ببعض الأشخاص وقام بعمل مواقف تشابه الحقيقة، كريم صنف مشهد الضابط الذى يضع قدمه أمام ماسح الأحذية، بأنه «من الصعب تصوير اللقطة دى بشكل واقعى»، لكنه أضاف أن الأولوية لم تكن لتصوير المشاهد بشكل وثائقى أو درامى، بل لتوصيل الفكرة القائم عليها الكتاب بكل وسيلة ممكنة. عندما يلمح الضابط فى فيلم كريم الكاميرا ترصده يقول «بتصور إيه يا بنى انت؟» بعد أن يضع يده على العدسة ليمنع التصوير. هنا يأتى صوت المعلق العسيلى بنص المادة 148 بأن يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون. هيثم دبور مؤلف 3 دواوين شعرية وكتابين ساخرين هما «أول مكرر» و«المادة 212» المنتظر طرحه فى الأسواق خلال شهر رمضان.