تركز الدراسة على خطر الإرهاب النووى الذى تواجهه إسرائيل. وتبحث فى مرتكبى أعمال الإرهاب النووى المحتملين ضد إسرائيل، وآليات التنفيذ والأهداف المحتملة، والسيناريوهات المحددة لتجسيد هذا التهديد. وتنتقل الدراسة بعد ذلك إلى مناقشة الخيارات السياسية المتوقعة من جانب إسرائيل، منفردة أو بالتعاون مع الولاياتالمتحدة. على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، استحوذ البرنامج النووى الإيرانى، دون غيره من التهديدات، على اهتمام إسرائيل. ولا شك فى أن وجود إيران نووية يشكل تهديدا خطيرا على إسرائيل، وربما على وجودها ذاته. إلا أن الانشغال بإيران صرف اهتمام إسرائيل عن تهديد آخر، قد لا يقل أهمية أو صعوبة فى التصدى له، وهو الإرهاب النووى. الخبراء وصانعو السياسة منقسمون حول إمكانية حدوث هذا النوع من الإرهاب، بقدر انقسامهم حول احتمال لجوء إيران إلى استخدام السلاح النووى فى حال حصولها عليه. غير أنهم يتفقون فى مسألة واحدة، وهى أن الإرهاب النووى ليس خطرا وهميا. إنه خطر حقيقى، ولا يمكن التقليل من شأنه أو التغافل عنه. وتتوصل الدراسة فى الخاتمة إلى أن إسرائيل ركزت خلال السنوات الخمس عشرة الماضية، أولا وقبل كل شىء، على التهديد النووى الإيرانى، بينما استحوذ الإرهاب الفلسطينى وحزب الله على الكثير مما تبقى من اهتمام القيادة القومية، العسكرية والمدنية. وفى حين أن لهذا الاهتمام ما يبرره، فقد كان على حساب الاهتمام بتهديد الإرهاب النووى المقبل الذى قد يكون أشد خطرا. وهذه الدراسة هى الأولى من نوعها التى تتناول طبيعة التهديد النووى الذى تتعرض له إسرائيل وتقترح الحلول المحتملة لمواجهته. ونأمل، والحال كذلك، فى أن تحفز الدراسة باحثين آخرين بل، وهو الأهم، رجال الحكومة المسئولين عن مواجهة هذا التهديد، لاستكشاف المزيد عن طبيعة هذا التهديد وإيجاد طرق أكثر تطورا لمواجهته. وتتبنى الدراسة التوصيات السياسية التالية من جانب الأجهزة الحكومية المعنية وتطويرها: على إسرائيل أن تبدى المزيد من الاهتمام وترصد الموارد اللازمة لمواجهة تهديد الإرهاب النووى على المستوى الاستخباراتى، والعملياتى، والدبلوماسى والتخطيط الاستراتيجى.تعيين مسئول كبير ذى صلاحيات كاملة فى وكالات الاستخبارات لوضع سياسة لمواجهة خطر الإرهاب النووى وعمليات التنسيق اللازمة لحقيق ذلك. بذلت إسرائيل جهود مكثفة للتوصل إلى إجراءات للوقاية وما يترتب عليها، سواء بمفردها أو بالتعاون مع الولاياتالأمريكية وغيرها من البلدان. على إسرائيل وضع سياسة ردع واضحة لا تعرف المهادنة، كتلك الواردة بهذه الدراسة التى تتلخص فى «اردع أولا، وبلا تردد». على وكالات الحكومة عمل دراسة مكثفة، بالتعاون مع خبراء من أنحاء العالم، لتحديد أولويات الردع للقاعدة وغيرها من التنظيمات الفوضوية. ولا ينبغى أن نعتبرها منظمات غير قابلة للردع. يجب إجراء حوار على أعلى مستوى بين الولاياتالمتحدة وغيرها من البلاد المعنية بالمسألة للتنسيق فيما بينها. إذ يجب أن يكون خطر الإرهاب النووى جزءا لا يتجزأ من «حوار استراتيجى» مع الولاياتالمتحدة يسفر عن أشكال مختلفة للعمل، كالمجموعة السياسية العسكرية المشتركة. تشكل البرامج الأمريكية الإسرائيلية القائمة بالفعل لمكافحة الإرهاب ومنع انتشار الأسلحة جانبا مهما ولا غنى عنه من الجهود المبذولة لمنع القاعدة وغيرها من المنظمات من المشاركة فى الإرهاب النووى وينبغى التوسع فيها. حتى اليوم، ليس هناك دليل مقنع على حيازة أى من الجماعات الإرهابية لأسلحة نووية أو الخامات المطلوبة لصنعها. وهناك مصاعب تقنية كبيرة تحول دون تحقيق هذا الهدف، حتى بالنسبة لتنظيم كالقاعدة. وهذا أمر طيب، وإن كان يحمل تحذيرا حاسما؛ فهو صحيح فقط «بقدر ما نعرف عنه». وبغض النظر عن نوايا الخصوم المحتملين، سواء استخدام هذا السلاح بالفعل أو الردع أو الإجبار، يجب أن تأخذ إسرائيل فى اعتبارها أن خطر الإرهاب النووى يمكن أن يظهر فى المستقبل القريب وأن عليها من ثم التحرك من أجل محاصرته. وحتى لو كان احتمال ظهور هذا الخطر ضعيفا فى الوقت الحالى، فإن الأعباء المحتملة باهظة ومن المتوقع أن يتغير تقييم احتمالات التهديد بشدة خلال السنوات المقبلة. ولابد من العمل منذ الآن.