هل هناك دلالات ومؤشرات جديدة لنتائج الحصر العددى لانتخابات مجلس النواب فى ال 19 دائرة الملغاة والتى جرت يومى الأربعاء والخميس الماضيين؟ ومن دون استباق للنتائج الرسمية التى يفترض أن تعلنها الهيئة الوطنية للانتخابات، فإن السطور التالية هى قراءة مبدئية فى نتائج ال 19 دائرة، التى أبطلتها قبل ذلك الهيئة الوطنية للانتخابات. الملاحظة الجوهرية التى تتأكد يوما بعد يوم هى استمرار صعود نجم المستقلين على حساب الأحزاب السياسية المحسوبة على معسكر الموالاة. وهذه الظاهرة تستحق المتابعة والرصد والتحليل الشامل والوافى. المستقلون حققوا نتائج طيبة وتمكنوا من الصعود للمنافسة على 30 مقعدا فى انتخابات الإعادة فى ال 19 دائرة، وهو ما يعنى أن فرص حصدهم للمقاعد ستكون كبيرة فى هذه الدوائر. ومن بين النتائج التى تستحق التوقف والتبين والتبصر ما حدث فى دائرة نجع حمادى فى قنا بالفوز الكاسح للمرشح المستقل فتحى قنديل من الجولة الأولى، وحصل على 56817 صوتا، علما أنه خرج من السباق خاسرا طبقا لنتيجة الجولة الملغاة التى لم تعطه إلا 18947 صوتا! نفس الأمر حدث فى دائرة إمبابة، حيث فاز المرشح المستقل أحمد العجوز من الجولة الأولى. فى نفس الدائرة تمكنت المرشحة المستقلة نشوى الديب من دخول جولة الإعادة ضد مرشح «مستقبل وطن» وليد المليجى. والمعروف أن الديب كانت قد أعلنت انسحابها قبل بدء الانتخابات فى المرحلة الأولى بيوم واحد، بالنظر إلى عدم وجود مناخ يسمح بالمنافسة العادلة حسب كلامها. لكن ومع إعادة الانتخابات تمكنت من الصعود والمنافسة على المقعد فى جولة الإعادة. فى نفس الدائرة لم يوفق كل من إيهاب الخولى «المحافظين» وأحمد عبدالقادر «حزب الجيل»، أما المفارقة فهى أن المرشح المتوفى سعيد عبدالواحد حصل على 3436 صوتا أكثر من كل من إيهاب الخولى وأحمد عبدالقادر. نموذج نجع حمادى وإمبابة تكرر فى أكثر من دائرة، لكنه كان بصورة عكسية فى سوهاج مع المرشح حاتم مبارك الذى حصل فى الجولة الأولى قبل الإلغاء على المركز الأول ب 46560 صوتا، لكن بعد الإعادة المصححة حصل على 12308 أصوات فقط وخرج من المنافسة تماما. سيناريو صعود المستقلين وتراجع الأحزاب الكبرى كان أيضا السمة الأساسية للمرحلة الثانية، حيث يخوض نحو 117 مرشحا مستقلا الانتخابات مقابل 66 مرشحا ينتمون للأحزاب الثلاثة الكبرى المحسوبة على معسكر الموالاة. فهذه الأحزاب الكبرى لم تحقق ما كانت تخطط له أو تروج له أو حتى تحلم به. على سبيل المثال فإن حزب «مستقبل وطن» خاض الجولة ب17 مرشحا وفاز بثلاثة مقاعد فقط وخسر أربعة وسيعيد على عشرة مقاعد، فى حين أن حزب «حماة وطن» خاض الانتخابات ب 11 مرشحا وخسر سبعة مقاعد ولم يفز بأى مقعد وسيعيد على أربعة مقاعد. أما حزب «الجبهة الوطنية» فقد خاض الانتخابات بستة مرشحين وخسر ثلاثة مقاعد، وسيعيد على ثلاثة مقاعد. وحزب «الشعب الجمهورى» لم يحقق أى فوز وسيدخل جولة الإعادة ب 4 مرشحين. أما المفاجآت المستمرة من الجولة الأولى فهى الصعود اللافت لحزب النور حيث سيخوض مرشحون جولة الإعادة على أربعة مقاعد، منها ثلاثة فى البحيرة. ونتذكر أن الأحزاب الثلاثة الكبرى خاضت الانتخابات الفردية فى الجولة الثانية ب 126 مرشحا، لم ينجح منهم إلا 34 مرشحا وسيخوضون جولة الإعادة 66 ب مرشحًا أمام 117 مرشحا من المستقلين. السؤال الجوهرى ما الذى تكشفه كل هذه الانقلابات فى النتائج قبل وبعد «فيتو الرئيس» وقرارات الهيئة الوطنية للانتخابات وأحكام المحكمة العليا للقضاء الإدارى؟ الأمر ببساطة أن كل مرشح حصل على ما يستحقه من أصوات. فاز الأعلى أصواتا أو دخل مرحلة الإعادة، وصارت النتائج تعبر فعليا عن الواقع فى الصناديق إلى حد كبير. حينما تخسر الأحزاب المحسوبة على معسكر الموالاة وينجح المستقلون وبعض «المعارضين» فإنه يصعب إلى حد ما أن نتحدث عن تزييف أو تزوير داخل الصناديق. لكن مرة أخرى، الصورة شديدة التعقيد والظاهرة الخطيرة التى تحتاج بحثا ودراسة معمقة هى نسبة المشاركة المتدنية التى تقل عن 20٪. لماذا حدث ذلك وكيف يمكن معالجته؟ هذا ما نحتاج أن نبحثه بهدوء ونجيب عنه بكل أمانة وموضوعية.