في تطور هو الأخطر منذ شهور، تعرضت قاعدة العديد الجوية في قطر، صباح اليوم الإثنين 23 يونيو 2025، لهجوم صاروخي مباشر شنته إيران، ضمن عملية عسكرية مفاجئة أطلقت عليها طهران اسم "بشائر الفتح"، ووصفتها ب"الرد القوي على العدوان الأميركي". وبحسب ما أعلنه التلفزيون الرسمي الإيراني، فإن العملية استهدفت عدة قواعد أميركية في قطر والعراق، في مقدمتها قاعدة العديد الواقعة جنوب غرب العاصمة القطريةالدوحة، والتي تُعد مركز الثقل الرئيسي للوجود العسكري الأميركي في الخليج العربي. اعتراض الصواريخ وغياب الخسائر من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع القطرية أن الدفاعات الجوية اعترضت الهجوم الصاروخي الإيراني بنجاح، مؤكدة في بيان رسمي عدم وقوع أي إصابات أو خسائر بشرية، مشددة على أن "أجواء وأراضي دولة قطر آمنة، وأن القوات المسلحة القطرية في أعلى درجات الجاهزية والاستعداد". ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مصادر رسمية أن إيران أطلقت ستة صواريخ استهدفت القاعدة، في تصعيد مباشر يفتح الباب أمام احتمالات توتر واسع في المنطقة، خاصة بعد الضربات الجوية التي تعرضت لها مواقع إيرانية خلال الأيام الماضية، والتي حمّلت طهران مسؤوليتها للولايات المتحدة. قاعدة العديد.. حجر الزاوية في النفوذ العسكري الأمريكي بالمنطقة تُعد قاعدة العديد الجوية أحد أهم وأكبر القواعد العسكرية الأميركية خارج الولاياتالمتحدة، وتمثل مركز قيادة متقدمًا لإدارة العمليات الأميركية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. أنشأت قطر القاعدة عام 1996 عقب توقيع اتفاقية التعاون الدفاعي مع الولاياتالمتحدة في أعقاب حرب الخليج الثانية، بتمويل تجاوز مليار دولار، وبدأ الاستخدام الأميركي الفعلي لها خلال حرب أفغانستان عام 2001، قبل أن تُعلن رسميًا كمقر عسكري أميركي في 2002. وبعد عام واحد، وتحديدًا في 2003، نُقل مركز القيادة الجوية الأميركية من السعودية إلى العديد، لتصبح القاعدة منذ ذلك الحين قلب العمليات الأميركية في المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بالطائرات المسيّرة، والاستطلاع، والضربات الجوية عالية الدقة. بنية عسكرية متكاملة وتحكم في الأجواء الإقليمية تضم قاعدة العديد أكثر من 11 ألف عسكري أميركي، معظمهم من القوات الجوية، وتمثل المقر الرئيسي لقيادة العمليات الجوية المشتركة التابعة للقيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، والتي تشرف على أنشطة عسكرية في 21 دولة. وتحتوي القاعدة على وحدات عسكرية استراتيجية، من بينها: الجناح 379 الجوي للمهام القتالية، والذي يضم أكثر من 100 طائرة مختلفة تشمل مقاتلات وطائرات استطلاع وناقلات جوية من طراز KC-135 وC-17. مركز العمليات الجوية 609، المسؤول عن تخطيط وإدارة الطلعات اليومية وإصدار التعليمات التشغيلية للعمليات الجوية في نطاق القيادة المركزية. سرب الاستطلاع 763، المتخصص في تشغيل طائرات RC-135 ذات القدرات العالية على جمع المعلومات الاستخباراتية والإنذار المبكر. انعكاسات استراتيجية للهجوم يمثل استهداف قاعدة العديد رسالة إيرانية مباشرة للولايات المتحدة، كون القاعدة تمثل نقطة الانطلاق الرئيسية لأي عمليات عسكرية أميركية في المنطقة، سواء ضد تنظيمات مسلحة أو ردًا على تهديدات إقليمية. كما أن وجود حرية حركة كاملة للقوات الأميركية داخل القاعدة دون أعباء مالية على الجانب القطري – وفق تقارير الكونغرس – يجعل منها ركيزة دائمة في استراتيجية الردع الأميركية بالمنطقة. ورغم اعتراض الصواريخ وعدم وقوع خسائر، إلا أن استهداف العديد يمثل تصعيدًا عسكريًا بالغ الخطورة، قد يدفع المنطقة إلى جولة جديدة من التوترات، في وقت تزداد فيه التعقيدات الأمنية والسياسية بين إيرانوالولاياتالمتحدة وحلفائها.