احتفلت سلسلة "أرواح في المدينة"، بمرور 3 سنوات على انطلاق سلسة ندواتها وأمسياتها الشهرية، مساء الثلاثاء، بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، بحضور وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو. كما حضر الموسيقار الكبير سليم سحاب، والدكتور علاء عبدالسلام رئيس دار الأوبرا المصرية، والدكتور عصام صفي الدين مؤسس بيت المعمار المصري، والكاتبة فيموني عكاشة، والكاتب وائل السمري، والكاتب محمد الششتاوي، والكاتب محمود عبدالشكور، والكاتبة هبة محمد علي، والكاتب الصحفي سامي عبدالراضي، والدكتور مصطفى الصادق أستاذ الطب والمهتم بتاريخ وتراث القاهرة، والكاتب الصحفي سعيد الشحات. وبدأ الكاتب الصحفي محمود التميمي، الأمسية بالحديث عن الفنانة الكبيرة سميحة أيوب، التي رحلت صباح أمس الثلاثاء، بوصفها صاحبة تجربة فنية بتاريخ المسرح العربي وقامة فنية لا يمكن تعويضها. وتابع "التميمي" مع موضوع الأمسية، وهو الحديث عن تجربة الملحن إبراهيم رجب، مشير إلى أنه صاحب تجربة فنية بديعة بألحان لأغنيات جسدت الوطنية وذكريات الطفولة يحبها ويحفظها الكثيرون؛ لكن القليل من يعرف أنه أحد صناعها. وأضاف التميمي، عن حياة رجب الشخصية، قائلا إنه ابن بسيط من أبناء هذا الوطن، بدأ حياته طفلاً في أحد قصور العائلة المالكة، وكانت مهمته أن يفتح باب السيارة للأميرة، وفي إحدى المرات، تعثّرت الأميرة أثناء نزولها، فتم الاستغناء عنه؛ ليبدأ رحلته الجديدة من الصفر كمكوجي ثم لاحقًا كملحن. وأضاف التميمي: "رغم بساطة حياته وقلة حظه من التعليم أو الشهرة، إلا أن إبراهيم رجب كان صاحب موهبة فذّة وروح زاهدة.. لم يسعَ إلى الأضواء، لكنه ترك بصمات خالدة في ذاكرة مصر الغنائية، خصوصًا في لحظات الشدة". وأشار التميمي، إلى بعض من أبرز أعماله، فهو من لحّن لمحمد حمام أغنية "بلدي يا بلدي" بعد نكسة 67، وهو من لحّن أغنية "راجعين لغيطك يا زتونة" التي خُصصت للمهجّرين من مدن القناة، كما قدم واحدة من أجمل الأغاني الجماعية في حب مصر عام 1966، في وقت كانت البلاد بحاجة لصوت يلمّ شتاتها". واستضافت الأمسية، ابنته الدكتورة شمس إبراهيم رجب، والتي أدت بعضا من ألحان أغانيه. واستعرض التميمي، أبرز ما تناولته أمسيات "أرواح في المدينة" على مدار العام، مع ذكرى مرور 111 عاما على مناقشة أول رسالة دكتوراه في الجامعة المصرية وكانت لعميد الأدب الدكتور طه حسين بعنوان: "تجديد ذكرى أبي العلاء". وانتقل التميمي، بعدها إلى ربط تاريخ طه حسين بمقر الجامعة المصرية القديم (مقر الجامعة الأمريكية بالتحرير حاليا)، الذي كان في الأصل مصنعًا للسجائر، وتحول لاحقًا إلى منارة تعليمية، خاض فيها "حسين" معركة فكرية لنيل الدكتوراه وسط اعتراض الأزهر، حتى حُرم من درجة "فائق" بسبب خصومة فكرية لا علمية. وأُتيح للضيوف الاستماع إلى قصيدة نادرة لفؤاد حداد، ألقتها الإعلامية نجلاء سليم بتأثر بالغ، بعنوان: "نور الخيال وصنع الأجيال"، وهي قصيدة كُتبت سنة 1969 بمناسبة مرور 1000 عام على تأسيس القاهرة. كما عُرضت لأول مرة بعد 55 عامًا أغنية نادرة لسيد مكاوي من كلمات صلاح جاهين، تم تسجيلها عقب قصف مصنع "أبو زعبل" بحلوان في عيد العمال عام 1970، والأغنية تم سحبها من الإذاعة آنذاك؛ لأنها توجه انتقادات صريحة للإدارة الأمريكية وتحسنت العلاقة معها خاصة مع زيارة الرئيس نيكسون لمصر عام 1974. ومر التميمي، على أمسية عن الشاعر عبدالرحمن الأبنودي والتي تناولته من زاوية مختلفة، بوصفه إنسانًا ذو حس إنساني عالمي، لا ينتمي فقط لمكان أو فئة أو طائفة، بل يعبر عن الإنسان أينما كان. وأشار إلى احتفاء السلسة بأسبوع مرور 150 عاما على ميلاد مصطفى كامل، بمجموعة من الفعاليات في أماكن مختلفة من القاهرة بدأت مع زيارة ضريحه، ثم تناول سيرته في الدراما والسينما في أمسية أخرى. ورأى التميمي، أن الحدث الأبرز قد يكون مع "ليلة أم كلثوم" مع مرور نصف قرن على رحيلها؛ إذ تكررت الأمسية في أماكن عدة من أوبرا الإسكندرية ودمنهور ومراكز ثقافية أخرى داخل مصر، قبل أن يتلق دعوة من وزير الثقافة بأن تمثل الأمسية مصر في أسبوع الثقافة بدرب الساعي بقطر، ثم بعد ذلك كانت دعوة مركز أبوظبي للغة العربية؛ لتكون ضمن فعاليات معرض أبو ظبي للكتاب. وكرّم محمود التميمي، الكاتبة فيموني عكاشة عن كتابها "الخواجاية" الصادر عن دار الشروق، واصفًا إياه بأنه كتاب يشبه صاحبته، إذ تجمع فيه بين السرد الإبداعي والتوثيق الدقيق لسيرة أسرتها، وفي الوقت نفسه توثق فيه جوانب عميقة من تاريخ مصر الحديث. وقال الكاتب الصحفي محمود التميمي، إن "الخواجاية" عمل شديد الإنسانية، يكتب مصر بعين امرأة من جذور أجنبية، لكنه بروحٍ مصرية خالصة تسعى للبحث عن الحقيقة في تفاصيل الحياة اليومية. وكُرّم الكاتب محمود عبدالشكور، عن كتابه "أشباح مرجانة"، والذي وصفه محمود التميمي بأنه "عمل أرشيفي رفيع، يوثق الحياة الثقافية والاجتماعية في مصر خلال التسعينيات، ويعيد رسم ملامح مدينة لا تزال تسكن الخيال والواقع معًا".