كانت الساعة قد تجاوزت منتصف الليل بتوقيت القاهرة عندما بدأ البرادعى الذى ارتدى بدله داكنة اللون وربطة عنق، بسؤال الحضور إذا كانوا يرغبون أن يدور الحوار باللغة العربية أم الإنجليزية، واختار الحاضرون العربية، إلا أنه عند مرحلة الأسئلة والأجوبة كانت اللغتان مستعملتين بصورة متقاربة. «ليس هناك سبيل لمصر للنهوض والخروج من عثراتها سوى بالديمقراطية أولا» قالها محمد البرادعى فى أول اجتماع له مع عدد من المصريين والنشطاء السياسيين فى الولاياتالمتحدة، مكررا ما ذكره فى لقاءات سابقة من ضرورة إيجاد ضغط جماهيرى شعبى كبير تضطر معه الحكومة للتعامل مع الرغبات الشعبية من تحقيق الديمقراطية وإجراء تعديلات دستورية. ولم يعقد اللقاء كما كان مقررا داخل إحدى قاعات كلية هارفارد كينيدى، بسبب رغبة أعداد أكبر من المصريين فى المشاركة. وتم نقل الاجتماع إلى فندق ماريوت الملاصق للجامعة، فى قاعة اتسعت لنحو 190 شخصا، «بعد أن نجحت سيدة مصرية فى الحصول على تخفيض كبير فى الساعة الأخيرة»، كما يقول محمد أبوالغار منسق العلاقات الخارجية فى جمعية التغيير. استمر النقاش على مدار ساعتين تقريبا، وأداره أيمن اسماعيل الباحث بكلية هارفارد كينيدى أجاب خلالها رئيس جمعية التغيير عن 35 سؤالا، وطالبه البعض بأن يرتبط أكثر بالناس فى الشارع قائلين إن البرادعى «له شعبية بين النخبة والمثقفين والطلبة ولكن علاقته بالفلاحين والمهمشين مازالت محدودة» وطالبهم هو بأن يخاطبوا الإعلام ويجعلوا قضية مصر مسموعة. سأله الحاضرون عن القضايا الداخلية التى تؤرقهم فى مصر، عن دور الأحزاب وعن تزوير الانتخابات «بصفة مستمرة»، وتم التركيز على حق المصريين فى الخارج فى التصويت. كما سأل البعض عن حقوق الأقباط وحقوق الفقراء. وتكلم بعض الأقباط وقال أحدهم إنه مصرى قبطى وأن «الأقباط يساندونه (أى البرادعى) 100%» وتساءل آخر عن موقف البرادعى من الإخوان المسلمين مبديا تخوفه منهم. «المصريون جميعا متساوون فى الحقوق والواجبات ومهما اتفقنا أو اختلفنا فالإخوان جزء من المجتمع ويجب أن يشاركوا فى حدود القانون وبطريقة ديمقراطية»، هكذا أجاب البرادعى. ونال أداء البرادعى، والخطوات والخطط البديلة إذا لم تنجح جهود تعديل الدستور نصيبا كبيرا من الأسئلة. «عندما يسألنى البعض ماذا ستفعل؟ أعكس السؤال وأرد عليهم بأن أسألهم ماذا سيفعلون هم من أجل التغيير؟». «الاشتراكية الديمقراطية هى أفضل نموذج اقتصادى يمكن أن تتبعه مصر»، هكذا قال البرادعى، معتبرا أن «العالم يسير فى طريق الديمقراطية الاشتراكية، لأن الرأسمالية المطلقة لن تنجح لأنها لا تأخذ فى الاعتبار غير القادرين على المنافسة ولأن النظام الشيوعى لم يستطع أن يحقق المثالية التى كان يسعى لها، الحل هو الطريق الثالث الذى يمزج بين نموذجين، وهذا ما يسير العالم نحوه الآن وما هو مطبق فى دول أوروبية مثل النمسا والسويد. مصريون من أعمار مختلفة، منهم طلبة وأساتذة جامعة وأطباء أتوا من بوسطن ونيويورك واشنطن العاصمة وأوهايو ونيوجيرسى وتكساس ومن منتريال بكندا أيضا جاءوا إلى بوسطن للحديث عن التغيير. قبلها بساعة ونصف الساعة تقريبا وعلى بعد أمتار قليلة من ميدان هارفارد، فى عاصمة ولاية ماسوشوستس، استقبل البرادعى، وفدا من تحالف المصريين فى أمريكا. وتحدث البرادعى موصفا وضع مصر الحالى، وكيف بدأت مع كوريا بمتوسط دخل الفرد 80 دولارا لتصل اليوم إلى 21 ألف دولار للفرد بينما توقف دخل المصرى عند أقل من 2000 دولار. «رغم الحصار الأمريكى، الأمية أصبحت صفرا فى كوبا. مطار القاهرة به أربع صالات منها صالة للطائرات الخاصة فقط»، أمثلة عددها البرادعى أمام 14 مصريا ممثلين ل14 ولاية أمريكية، قبل أن يستمع إليهم. «كان يريد أن يعرف إلى أى حد الناس هنا لديها استعداد للمشاركة والتفكير فيما يحدث فى مصر»، يقول الطبيب محمد فريدى، ممثل ولاية فرجينيا، مضيفا «لكن رؤية البرادعى أن المصريين فى الداخل هم من يجب أن يحملوا لواء التغيير». «كان لقاء للتعارف، ولم نتفق على شىء رسمى»، بتعبير محمود الشاذلى رئيس التحالف. يقول الشاذلى فى اتصال هاتفى مع الشروق «عرضنا تصورنا لكيفية مشاركة المصريين فى أمريكا فى حركة التغيير وتنشيطها من خلال جمع التوقيعات واستخدام الفيس بوك». وقد سأل الحضور البرادعى خلال اللقاء، الذى عقد بفندق تشارلز الذى يقيم فيه، عما إذا كان سيتوقف فى واشنطن وعن علاقته بالإدارة الأمريكية. وكما يقول فريدى عبر الهاتف ل«الشروق» البرادعى قال «ليس لى علاقة بأى شخص فى الإدارة الأمريكية، ولن يكون». ويلقى البرادعى فى جامعة هارفارد فجر اليوم محاضرة بجامعة هارفارد عن «الانتشار النووى» قبل أن يسجل اليوم حلقة مع برنامج كريستيان أمانابور على شاشة «سى إن إن».