د. وليد سيف: كثافة الفواصل الإعلانية أمر طبيعى.. والمشاهدة التليفزيونية طقس عائلى لن يتأثر بالمنصات الرقمية د. جمال الشاعر: علاقة الدراما بالإعلان ظاهرة جديرة بالدراسة عبر نقاش مجتمعى د. صفوت العالم: الاستجابة لرغيات المعلنين سلبت المشاهد تركيزه.. وجارت على حقوق المبدعين فى إظهار أعمالهم أصبحت إعلانات التليفزيون ظاهرة رمضانية تأخذ الكثير من حوار منتديات عشاق الدراما فى الشهر الفضيل، والتى تباينت الآراء حولها هذا العام، ما بين انتقادات طالت بعض الإعلانات سواء بسبب طريقة التناول أو اعتراضا على الترويج لمنتجات ضمتها قوائم المقاطعين لإنتاج المؤسسات الاقتصادية الداعمة للكيان الصهيونى، فضلا عن تحفظات كثيرة على كثافة الفواصل الإعلانية، وتكرار الإعلان الواحد أكثر من مرة فى الفاصل الواحد، بينما أبدى البعض إعجابه بعدد من الأفكار المدهشة، والتى تعاملت مع الإعلان باعتباره فنا، وقدمت أشكالا جديدة للإعلانات؛ تقوم على إنتاج استعراضات وأغانى لنجوم كبار اصحاب جماهير عريضة، ومنهم يسرا وكريم عبدالعزيز، ومنى زكى، ومحمد رمضان، وأنغام، وتامر حسنى، وهند صبرى، وخالد النبوى، وغيرهم. ومن جانبه يبدى الدكتور وليد سيف، أستاذ النقد الفنى بأكاديمية الفنون، تفهما لكثافة الفواصل الإعلانية التى تصاحب عرض الأعمال الدرامية فى موسم رمضان، والتى يرجعها إلى محاولات القنوات والمنتجين استعادة الأموال المنفقة على الإنتاج الدرامى الغزير والمعروض على الشاشة هذا العام، والذى يشهد وجبة دسمة من الأعمال المتنوعة. وأكد د. سيف أن الاتجاه للمنصات الرقمية لن تؤثر على المشاهدة التليفزيونية، والتى تمثل طقس للأسرة المصرية فى شهر رمضان خاصة فى فترة تناول الإفطار وما بعدها، وكذلك فترة السحور وما قبلها، حيث تجتمع الأسرة لتتناول طعامها وهى تتابع المسلسلات أو البرامج المفضلة لها، بينما تمثل المنصات مشاهدة فردية، وهى أكثر انتشارا بين طبقة معينة من جيل الشباب. فيما تحفظ أستاذ النقد الفنى على اعتماد بعض الإعلانات على نجوم لهم أعمال درامية تعرضها الشاشة فى نفس الوقت، وقال انه لا يفضل تكرار ظهور الفنان فى دورين مختلفين عبر الإعلان والدراما. ومن زاوية أخرى يرى الدكتور جمال الشاعر أمين لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة أن الإعلانات بشكلها هذا العام على الشاشة تمثل ظاهرة جديرة بالدراسة عبر طرحها لنقاش مجتمعى، مشيرا إلى أن لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للثقافة تخطط لعقد عدد من الندوات فى الفترة المقبلة عن شاشة رمضان باعتباره الموسم الأهم للعروض التليفزيونية، وبالضرورة سيكون الإعلان حاضرا على مائدة الحوار باعتباره قاسما مشتركا فى هذه المعادلة، وهو من العوامل المؤثرة بقوة فى صناعة الإعلام، والتى تعد من الصناعات باهظة التكلفة. وأضاف الشاعر أن هناك تفاوتا كبيرا فى معيار التعامل مع الفواصل الإعلانية بين ما نراه فى القنوات الخاصة، وقيم قنوات الخدمة العامة، والتى يكون فيها الفاصل ما بين 3 و6 دقائق، وقال أن قنوات دولية كبرى تعتمد على رعايات المؤسسات الاقتصادية الكبرى، وإعلانات مكثفة مرتفعة القيمة، والتى من خلالها تغطى نفقاتها المادية الضخمة، دون ان تجور على حق المتابع فى المشاهدة بالتركيز المناسب. فيما أوضح أن الإعلانات تدر عائدات إقتصادية كبيرة تغرى الوكالات الإعلانية بالتوسع فى نشاطها، والبحث عن أفكار جديدة تفرض بها وجود الإعلان على الشاشة، وتستجيب من خلالها لرغبة المعلن فى التواجد بمنتجه باوقات معينة، والإلحاح بالمنتج فى فترات الذروة والتى تمثل الدراما منطقة جذب لها، خاصة عندما يكون العمل الدرامى ناجح ويتمتع باقبال جماهيرى. وأكد الشاعر على أهمية دور الدراما التنموى، والتى يراها ليست مجرد مادة للترفيه، وانما هى بالأساس محتوى ترفيهى يتم نتاجه بمعايير وقيم معينة هدفها الارتقاء بذوق المشاهد ومعرفته، بما يسهم فى بناء الإنسان، وهو هدف استراتيجية 2030 التى تسعى الدولة المصرية لتحقيقها. ومن هنا يشدد الإعلامى جمال الشاعر على ضرورة إتاحة مساحات عادلة على شاشة التليفزيون بما لا يفقد المتلقى حقة فى متعة المشاهدة، وتحقيق التوازن بين الدراما والإعلانات التى لا غنيى عنها باعتبارها القاطرة الاقتصادية للصناعة، ومصدر التمويل للانتاج الاعلامى والدرامى. فيما طالب بإعادة النظر فى إعلانات جلب التبرعات، والتى يراها أصبحت تمثل صورة سلبية للمجتمع المصرى، فضلا عن تصديرها حالة من الألم للمشاهد فى وقت يبحث فيه عن فترة راحة والترفيه بعد يوم صيام. ويرى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن الحملات الإعلامية التى قدمتها القنوات التليفزيونية خلال شهر رمضان شهدت العديد من التجاوزات، وذلك نتيجة للاستجابة لرغيات المعلنين فى ترويج منتجاتهم بكثافة شديدة؛ جاءت على حساب حق المشاهد فى متابعة متوازنة للمواد الإعلامية والدرامية التى ينتظرها فى الموسم الرمضانى. وأشار إلى حالة الخلط والتداخل بين الدراما والإعلان، والتى تسبب فيها غياب الفواصل فى بعض القنوات، فى وقت اعتمدت فيه معظم الاعلانات على نجوم الفن كأبطال لها، وكذلك ظهور الإعلان على الشاشة إلى جوار المادة الدرامية فى قنوات أخرى، مشيرا بأن إلحاح الاعلانات على المسلسلات لم يعد يعنى تقيم لها، أو تحديدا لمدى جماهيريتها، وذلك لأن الإعلانات تعرض بنفس القدر على كل الأعمال تقريبا. وحذر العالم من تهديد نمط مشاهدة الجمهور للدراما التليفزيونية، وقال إن الحملات الإعلانية بشكلها الحالى أصابت المتلقى بحالة من التشويش، وأفقدته تركيزه، وجارت على حق الجمهور فى مشاهدة متوازنة، كما جارت على حق المبدعين فى إظهار أعمالهم بالشكل الذى تستحقه، مؤكدا أن هناك أعمالا درامية مهمة لم تأخذ النصيب الذى تستحقه من المشاهدة.