مع استمرار العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، تتزايد الدعوات الدولية لوقف العنف، بين أصوات مطالبة ب"وقف إطلاق النار"، وأخرى داعية إلى "هدنة إنسانية". فطالب مسئولون أمميون وفلسطينيون بضرورة وقف إطلاق النار في غزة، منهم مسئولو 18 وكالة تابعة للأمم المتحدة طالبوا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة والسماح بدخول المزيد من المساعدات. وأصدر مسئولو الوكالات الرئيسية التابعة للأمم المتحدة بياناً مشتركاً نادراً أبدوا فيه غضبهم من عدد الضحايا المدنيين في غزة، مطالبين ب"وقف فوري إنساني لإطلاق النار"، وبإدخال مزيد من الغذاء والماء والدواء والوقود إلى قطاع غزة المحاصر. في حين طالبت الولاياتالمتحدةالأمريكية وفرنسا وبعض الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وما يصفونه بحقه في الدفاع عن نفسها، ب"هدنة إنسانية"، أي وقف القتال للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة. فبينما طالب وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أثناء جولته الثانية في منطقة الشرق الأوسط، بهدنة إنسانية، قالت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا: "إن هدنة إنسانية فورية ومستدامة ودائمة ضرورية للغاية، ويجب أن تكون قادرة على أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار". ما الفرق بين الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار؟ الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار من الآليات المستخدمة لإنهاء النزاعات المسلحة والعدوان وتخفيف المعاناة الإنسانية، وعلى الرغم من أن المصطلحان يهدفان إلى وقف العنف وحماية الأرواح، إلا أنهما يختلفان في بعض الجوانب الرئيسية. - الهدنة الإنسانية: تهدف الهدنة الإنسانية إلى توفير فترة زمنية محددة من السلام والهدوء للسماح بتقديم المساعدات الإنسانية وإجلاء المدنيين المصابين أو العالقين في مناطق النزاع، وفقا للأمم المتحدة. وتكون الهدنة الإنسانية مؤقتة ومحددة المدة، وعادة ما تكون لفترة قصيرة مثل ساعات أو أيام معدودة، حيث يتم الاتفاق عليها بين الأطراف المتحاربة، وعادة ما يتم الإعلان عنها من قبل المنظمات الدولية أو الجهات الحكومية المعنية. وخلال فترة الهدنة الإنسانية، يتم توقف القتال والعمليات العسكرية بشكل كامل للسماح بتقديم المساعدات الإنسانية وإجلاء المدنيين. ووفقا لما ذكرته منظمة أطباء بلا حدود، فالهدنة هي اتفاقية عسكرية، الغرض منها تعليق الأعمال العدائية في جميع مسارح الحرب، وعادة لمدة زمنية غير محددة. - وقف إطلاق النار: أما وقف إطلاق النار فهو يهدف إلى وقف العمليات العسكرية وإنهاء القتال بشكل دائم أو مؤقت، حيث يتم الاتفاق على وقف إطلاق النار بين الأطراف المتحاربة، وعادة ما يتم توقيعه في اتفاق سلام أو اتفاقية سياسية. ويكون وقف إطلاق النار عادة دائمًا أو لفترة طويلة، ويهدف إلى إعادة الاستقرار وإعادة بناء البلدان المتضررة من النزاع، وفقا لما ذكرته شبكة بي بي سي. وخلال فترة وقف إطلاق النار، يتوقف القتال والعمليات العسكرية بشكل كامل، وتستأنف الحياة الطبيعية وتبدأ عمليات إعادة الإعمار والمصالحة الوطنية. ووفقا لما ذكرته منظمة أطباء بلا حدود، فوقف إطلاق النار اتفاق ينظم وقف جميع النشاطات العسكرية لمدة معينة في منطقة معينة، ويجوز الإعلان عنه من جانب واحد أو ربما يتمّ التفاوض عليه بين أطراف النزاع أو العدوان. - القانون الدولي الإنساني ومع ذلك، لا يعني وقف إطلاق النار أو الهدنة نهاية الأعمال العدائية بل وقف مؤقت للأعمال العدائية، فهما لا يمثلان نهاية قانونية لحالة الحرب، ولكن اتفاقات السلام، هي التي تمثل نهاية للنزاع والعدوان. ولكن ينص القانون الإنساني على أنه كلما سمحت الظروف، يجب الاتفاق أو عقد هدنة أو وقف إطلاق النيران أو ترتيبات محلية لإمكان جمع وتبادل ونقل الجرحى والمرضى المتروكين في ميدان القتال، وفقا لاتفاقية جنيف الأولى. ومع ذلك، فإن الهدف الرئيسي لوقف إطلاق النار لا يكمن في إتاحة المجال للقيام بالأعمال الإنسانية، بل هو قرار عسكري يستجيب للأهداف الاستراتيجية منها تجميع القوات، تقييم قدرات الخصم وسلسلة القيادة أو إجراء مفاوضات. ووفقا لمنظمة أطباء بلا حدود، فهناك دوما خطر يكمن في عمليات الإغاثة التي يجري التفاوض عليها في سياق وقف إطلاق النار، ويتم استخدامها كورقة مساومة بين أطراف النزاع، للحصول على تسويات سياسية أو عسكرية أو لاختبار حسن نوايا الخصم أو قدرته على السيطرة على قواته أو على منطقة معينة. لذلك يجب أن تكون منظمات الإغاثة مدركة لهذا الخطر وأن تجري تقييما للخطر الذي قد يحدث في الميدان لهذا السبب، ويجب ألا تكون المساعدات الإنسانية مشروطة.