المستشارة أمل عمار تشارك في ندوة مناهضة العنف الوظيفي ضد المرأة    البوابة نيوز تنفرد.. أخطاء بالجملة بمحاضر فرز دوائر المنيا    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    عاجل- رئيس الوزراء يتابع زيادة وتطوير الخدمات والأنشطة بالمحافظات الحدودية    محافظ القليوبية يتابع توسعات محطة صرف صحي كفر مويس    مدبولي يشهد توقيع عقد مشروع قطري لإنتاج وقود الطائرات بالسخنة    غارات إسرائيلية متواصلة على جنوب لبنان    الشرطة الأسترالية: أكثر من 1000 شخص كانوا بموقع إطلاق النار في سيدني    أبو الغيط يدين الهجوم على قاعدة تابعة لقوات الأمم المتحدة في جنوب كردفان    مانشستر سيتي يتقدم على كريستال بالاس بالشوط الأول    انتشار فوري للمعدات الثقيلة للسيطرة على تجمعات الأمطار فور تساقطها ببورسعيد| صور    اللواء طارق مرزوق يستعرض الاستعدادات النهائية للانتخابات بجولة الإعادة بالدقهلية    إحالة المتهم بقتل موظف بالمعاش بالمنصورة لفضيلة المفتى    الصحة العالمية تقدم 5 نصائح هامة لتجنب الإصابة بالأنفلونزا    فيفا يعلن إقامة حفل جوائز ذا بيست 2025 فى قطر    البورصة تربح 7 مليارات جنيه بختام تعاملات اليوم    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    رمضان 2026- عمرو عبد الجليل ينضم لمسلسل محمد إمام "الكينج"    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    الاتصالات تطلق منصة GovInnover لتنمية القدرات الرقمية للعاملين بالدولة    محافظ كفر الشيخ: شلاتر إيواء وتدريب متخصص لمواجهة ظاهرة الكلاب الحرة    عمرو وهبة بعد تصريحات أحمد السقا: الناس بقت عنيفة والموضوع خرج بره إطار الهزار    لدورها فى إحياء في إحياء المعبد الجنائزي للملك أمنحتب الثالث.. وزير السياحة والآثار يكرم هوريج سوروزيان من الأقصر    جريدة مسرحنا تصدر ملف «ملتقى الأراجوز والعرائس» إحياءً للتراث في عددها الجديد    معاك يا فخر العرب.. دعم جماهيري واسع لمحمد صلاح في كاريكاتير اليوم السابع    حكم زكاة المال على ودائع البنوك وفوائدها.. الإفتاء توضح    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    محافظ الجيزة يفتتح وحدة العناية المركزة بمستشفى الشيخ زايد المركزي    في قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق المهرجان القومي للتحطيب واحتفالات اليوم العالمي للغة العربية    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    وصلة هزار بين هشام ماجد وأسماء جلال و مصطفى غريب.. اعرف الحكاية    «تموين دمياط» يضبط 30 شيكارة دقيق بلدي مدعم    نادين سلعاوي: نسعى لإسعاد جماهير الأهلي وتحقيق لقب بطولة أفريقيا للسلة    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    كوزمين أولاريو يحذر من صعوبة مواجهة المغرب في نصف نهائي كأس العرب 2025    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    لماذا يرفض الأهلي إتمام صفقة انتقال حمزة عبدالكريم لبرشلونة ؟ اعرف الأسباب    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الحكومة: مشروع لتعديل قانون العقوبات يشدد غرامة جرائم الشائعات    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مناورة الملكة».. قصة صعود فتاة يتيمة لبناء مستقبل زاهر على أنقاض ماضٍ بائس
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 12 - 2022

«قصّة إنسانية مُلهمة، تعمق فى أبعاد الشخصيات، ترجمة لا تعرف الرتابة»، سمات أساسية فى رواية «مناورة الملكة»، التى أصدرتها دار الشروق، للروائى الأمريكى والتر تيفيس، وترجمة الروائى المغربى عبدالمجيد سباطة، والتى تتمحور حول واحدة من أكثر مسلسلات شبكة نتفليكس نجاحا.
تدور أحداث رواية «مناورة الملكة»، الصادرة عن دار الشروق والمركز الثقافى العربى، عن فتاة يتيمة وفقيرة، نشأت فى الولايات المتحدة الأمريكية، فى حقبة الخمسينيات، التى تتميز بالمحافظة، ورحلتها لتحقيق ذاتها وأحلامها فى ظل كل تلك التحديات المجتمعية.
حققت الرواية نجاحا مبهرا وشهرة واسعة بعد إنتاجها على منصة «نتفليكس»، لتصبح بذلك ظاهرة مجتمعية حقيقية، وتصدرت لائحة المسلسلات الأكثر مشاهدة فى تاريخ المنصة، كما أعادت لعبة الشطرنج إلى الواجهة مع مبيعات قياسية حول العالم.
استطاعت الرواية الصادرة عن دار الشروق، أن تستحوذ على اهتمام القارئ منذ البداية وتورطه بشكل سريع فى الانغماس داخل النص، الأمر الذى ساعد على تحقيقه الترجمة الرصينة التى أتاحت للقارئ التعرف على الكثير من تفاصيل الصراعات الداخلية لبطلة الرواية، خصوصا ما يتعلق بعمق شخصيتها ومخاوفها ورغباتها.
الأسلوب الخاص بالرواية أتاح التعرف على أكبر قدر من مخاوف «بيث هارمون» والمحطات المختلفة فى حياتها، حيث بدا واضحا مقدار حرص المترجم على تسليط أكبر قدر من الضوء على طبيعة نظرة بطلة الرواية إلى الحياة، وإبراز العلاقة الوطيدة بين الشطرنج والعلاقات الإنسانية بشكل عام.
جاءت أكثر نقاط الرواية تميزا والتى تفردت من خلالها عن المسلسل التليفزيونى، هو أنها استطاعت تجنب المرور العابر على شخصيات الأبطال، حيث استغرقت فى أكبر قدر من التفاصيل الممتعة، التى فوتها المسلسل لصالح نقل وسرد الأحداث من زاوية خارجية لم تقدّم صدى لصوت بيث الداخلى وصراعاتها الشخصية المحتدمة بينها وبين الظروف المحيطة بها.
التمهيد الخاص ببدء سرد الرواية يتم بإتقان ممزوج بلغة سهلة ومشوقة، حيث نتلمس ذلك فى نصوص مثل: «تعلمت بيث كيف تدّخر حبوب المهدئات لتناولها ليلا، كانت تعينها على النوم بعمق، تُدخل الحبة المستطيلة فى فمها، عندما تتسلم حصتها من السيد فيرغوسن، ثم تضعها تحت لسانها وتأخذ رشفة من عصير البرتقال المعلب المصاحب وعندما ينتقل السيد فيرغوسن إلى الطفلة التالية تسحب الحبة من فمها ثم تضعها فى جيب وزرة الطالبات الصغيرات التى ترتديها، ولم تكن الحبة تذوب خلال احتفاظها بها تحت لسانها».
ركز النص بأكبر ما يكون فى حبكاته وتفاعلات أبطاله على تقديم قصّة إنسانية مُلهمة، تتجاوز حدود قصة مشوقة عن مُراهقة عبقرية تجيد لعب الشطرنج فى عالم ذكورى، إلى كونها رحلة كفاح فتاة تجاوزت محنة يُتمها، يتم تقديمها فى وعاء لغوى سهل وسلس، ليبرز فى الأساس رسائل ودروس ملهمة عن فتاة قاومت ضعفها الشخصى تجاه الإدمان، إلى أن انتصرت عليه فى النهاية.
لا تستغرق الرواية وقتا طويلا، لكى تضعنا فى القلب من الأحداث، بترتيب منطقى وانتقال سلس بين المشهد الافتتاحى الذى يتم فيه إخبار فتاة بأنها أصبحت يتيمة فجأة ودون سابق إنذار بسبب وفاة والدتها فى حادث، لندخل معها سريعا إلى مأوى الأيتام، وتبدأ الأحداث فى التشكل، حيث قصة بيث هارمون، اليتيمة الصغيرة التى تعلّمت أساسيات الشطرنج على يد حارسٍ صموت فى قبو ملجأ الأيتام.
يمضى بنا النص لإيضاح معالم رحلة صعود باهرة، حيث تصبح الفتاة اليتيمة، بطلة شهيرة تهزم كبار أساتذة اللعبة فى العالم، وهى تخوض فى الوقت ذاته معركتها الخاصة ضد الإدمان، حيث العديد من التفاصيل الإنسانية مثل ماورد فى الجزء التالى: لم تنم إلا قليلا جدا خلال أول شهرين فى المأوى، تظل بلا حراك، مغمضة جفنيها، وتحاول أن تنام، لكنها تسمع أصوات الفتيات فى الأسرّة الأخرى وهنّ يسعلن أو يستدرن، أو يتمتمن بكلام غير مفهوم أو عندما يظهر ظل إحدى المشرفات المارات عبر الردهة عابرا سريرها ويخيل إليها أنها قادرة على رؤيتها حتى وهى مغمضة العينين.
ساعدت الترجمة الاحترافية للنص على أن تنقل للقارئ صورة مطابقة للنص الأدبى الأصلى، حيث كافة الإيقاعات والتشبيهات التى تنقل للقارئ أجواء غلب البطلة اليتيمة الفقيرة، التى تواجه ظروفا صعبة وتحكمات ذكورية، وقد نشأت فى أمريكا الخمسينيات المحافظة، حيث استطاعت أن تحقق أحلامها وتبلغ القمة، بشغفها وجهدها ومثابرتها، وهى المعانى والأحاسيس التى تنقلها الرواية بشكل حى وصادق.
«لنجلس إذا ونُصَفِّ أذهاننا، ونوجّه تركيزنا نحو المربعات الأربعة والستين لرقعة الشطرنج» هوالأحساس الذى سينتاب القارئ بمجرد البدء فى التعرف على عالم «مناورة الملكة« التى صدرت عن دار الشروق، حيث نمضى فصلا تلو الآخر لنختبر مشاعر وتفاعلات إنسانية تتعلق بالقدرة الهائلة على تخطى الصعاب، وكيفية بناء مستقبل زاهر على أنقاض ماضٍ بائس.
الحوارات الثنائية، أو المحادثات وتبادل الكلام بين شخصين أو أكثر من شخصيات الرواية، منحها تفوقا ملحوظا على المسلسل، وأثبت أن ترجمة الرواية لم يكن مجرد استثمار للنجاح الذى حققته السلسلة المستوحاة من رواية الكاتب الأمريكى والتر تيفيس، فقد تسلحت الرواية بوظائف فنية أدبية أخرى ساهمت فى تسليط الضوء على جوانب أخرى من حياة بطلة القصة «هارمون بيث» لم يُتطرق إليها فى المسلسل، ليجد القارئ بين يديه وجبة روائية دسمة قوامها ترجمة لاتعرف الرتابة.
لا وجود للمبالغات أو التنميط فى الرواية، رغم كونها تدور عن قصة تحدٍ وكفاح وصعود، حيث تفردت بتفاصيلها واستعانت بخيال آسر لمؤلفها وترجمة دقيقة للروائى المغربى عبدالمجيد سباطة، حيث بدا الأخير وأنه قد تصدى إلى ترجمة هذا العمل باعتبار ذلك فرصة للتعرف على عالم كاتب متفرّد، له أعمال أخرى لا تقل تميزا عن مناورة الملكة.
جاءت النهاية الخاصة بالرواية ملهمة، لتثير أقصى درجات الإعجاب والإرضاء للقارئ الذى طاف وجال مع مختلف فصول ومحطات الرواية، حيث جاء فى ختام الرواية: لقد هزمتهم، لقد هزمت المؤسسة الروسية هزمت لوتشينكو وشابكين ولاييف وأرغمت بورغوف على الاستسلام، بعد سنتين، قد تواجه بورغوف من أجل بطولة العالم، يجب عليها أن تتأهل أولا للفوز ببطولة المرشحين، لكنها تستطيع الفوز بها، سيتم اختيار مكان محايد وستلتقى ببورغوف فى مواجهة مباشرة من أجل مباراة من أربع وعشرين جولة ستكون فى الواحدة والعشرين حينها، لا تريد التفكير فى ذلك الآن أغمضت عينيها وارتخت فى سيارة الليموزين.
يذكر أن مؤلف الرواية والتر ستون تيفيس من مواليد 28 فبراير 1928 وتوفى فى 9 أغسطس 1984، وهو روائى أمريكى وكاتب قصة قصيرة، بعد تسريحه، تخرج من المدرسة الثانوية من مدرسة المختبر النموذجية فى عام 1945. التحق بجامعة كنتاكى، حيث حصل على درجتى البكالوريوس (1949) والماجستير (1954) فى الأدب الإنجليزى، وأثناء دراسته هناك، عمل تيفيس فى قاعة البلياردو ونشر قصة عن البلياردو كتبت لصف غوثرى. حضر لاحقًا ورشة عمل كتاب آيوا، حيث حصل على ماجستير فى الكتابة الإبداعية فى عام 1960، درّس تيفيس الأدب الإنجليزى والكتابة الإبداعية فى جامعة أوهايو فى أثينس، أوهايو من عام 1965 إلى عام 1978، حيث تم تعيينه أستاذًا جامعيًا. كان تيفيس عضوًا فى نقابة المؤلفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.