الإسكان: حملات لضبط وصلات المياه الخلسة وتحصيل المديونيات بالعبور والشيخ زايد وأسيوط الجديدة    سوليفان: حماس طلبت تعديلات غير متوقعة لمقترح وقف النار    إعلام إسرائيلي: جالانت يتجه لواشنطن لتعجيل شحنات الأسلحة    عاجل.. جوميز يرفض مقترح إدارة الزمالك بشأن إبراهيما نداي    الأسرع في تاريخ اليورو.. ألبانيا تصعق إيطاليا بهدف مبكر    التضامن تتابع حجاج الجمعيات.. ونجاح النفرة عقب غروب شمس يوم عرفات إلى مزدلفة    ماجد المهندس يغني "لو زعلان" أغنية فيلم جوازة توكسيك    موعد صلاة عيد الأضحى 2024 في القاهرة والمحافظات    ازدلاف الحجيج إلى المشعر الحرام    خادم الحرمين وولي العهد يبعثان برقيات تهنئة لقادة الدول الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى المبارك    البنك المركزي يفاوض 3 دول عربية لإتاحة التحويلات المالية لحسابات العملاء عبر "إنستاباي"    الزراعة: متبقيات المبيدات يفحص 1500 عينة منتجات غذائية.. اليوم    أصغر من 6 لاعبين.. مدرب برايتون الجديد يحقق أرقامًا قياسية في الدوري الإنجليزي    وزير الشباب: القيادة السياسية والحكومة تدعم الرياضة المصرية    بعد إعلان وفاته.. ما هي آخر جائزة حصل عليها ماتيا ساركيتش؟    وفد وزارة العمل يشارك في الجلسة الختامية لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    «الصحة السعودية»: تقديم الرعاية لأكثر من 112 ألف حاج وحاجة حتى وقفة عرفات    رئيس الوزراء يهنئ الشعب المصري والأمة العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك    محمد إمام يوجّه رسالة ل أسماء جلال بعد تعاونهما في «اللعب مع العيال».. ماذا قال؟    القاهرة الإخبارية: تظاهرات تل أبيب الليلة الأكبر خلال الأسابيع الماضية    بهاء سلطان يطرح أغنية «ننزل فين» تزامنا مع عيد الأضحى    أمين الفتوى بقناة الناس: رسول الله بلغ الغاية فى حسن الظن بالله    يورو 2024.. بايرامي لاعب ألبانيا يسجل أسرع هدف في تاريخ أمم أوروبا    دعاء ذبح الأضحية.. الصيغة الصحيحة من دار الإفتاء    «مكنش معايا فلوس للأضحية وفرجت قبل العيد» فهل تجزئ الأضحية دون نية    فريق طبي من مستشفيات دمياط لتعزيز الخدمات الطبية بشمال سيناء    محافظ أسوان يتابع تقديم الخدمات الصحية والعلاجية ل821 مواطنًا بإدفو    مجدي بدران يقدم 10 نصائح لتجنب الشعور بالإرهاق في الحر    أفضل طريقة لتحضير «الفتة» الأكلة الرسمية لعيد الأضحى    بمناسبة صيام يوم عرفة، توزيع وجبات الإفطار للمسافرين بالشرقية (فيديو وصور)    الإنتاج الحربي: الرد على 762 شكوى واردة للوزارة بنسبة 100%    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج إعداد معلمي رياض الأطفال ب«تربية القاهرة للطفولة المبكرة»    تضامن بورسعيد تعلن شروط التقدم لمسابقة "الأب القدوة"    الأوقاف: خطبة العيد لا تتعدى 10 دقائق وتوجيه بالتخفيف على المصلين    بعثة المجموعة الإنمائية «SADC» تطلع على التجربة المصرية في التعليم الرقمي    مساجد الإسكندرية انتهت استعداداتها لاداء صلاة عيد الأضحى    موعد صلاة العيد 2024 في الأردن.. اعرف الأماكن    رونالدينيو: لن أشاهد البرازيل في كوبا أمريكا    قبل احتفالات عيد الأضحى.. احذر من عقوبات التنمر والتحرش والتعدي على الغير    الإسماعيلى متحفز لإنبى    "الخضيري" يوضح وقت مغيب الشمس يوم عرفة والقمر ليلة مزدلفة    ماهر المعيقلي خلال خطبة عرفة: أهل فلسطين في "أذى عدو سفك الدماء ومنع احتياجاتهم"    كم تكبدت الولايات المتحدة جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر؟    نقل حفل كاظم الساهر من هرم سقارة ل القاهرة الجديدة.. لهذا السبب    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأبراج في الأسبوع الثالث من يونيو 2024    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    أردوغان: النصر سيكون للشعب الفلسطيني رغم همجية إسرائيل ومؤيديها    مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة الدماغية    محطة الدلتا الجديدة لمعالجة مياه الصرف الزراعي تدخل «جينيس» ب4 أرقام قياسية جديدة    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يختتم فعالياته بإعلان أعضاء المجلس التنفيذي الجُدد    نزلا للاستحمام فغرقا سويًا.. مأساة طالبين في "نيل الصف"    «تايمز 2024»: الجامعة المصرية اليابانية ال19 عالميًا في الطاقة النظيفة وال38 بتغير المناخ    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 يونيو 2024    المشهد العظيم في اليوم المشهود.. حجاج بيت الله يقفون على جبل عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    هالة السعيد: 8.6 مليار جنيه لتنفيذ 439 مشروعا تنمويا في البحيرة بخطة عام 2023-2024    مصادر أمنية إسرائيلية: إنهاء عملية رفح خلال أسبوعين.. والاحتفاظ بمحور فيلادلفيا    يورو 2024.. أسبانيا تسعى لانطلاقة قوية أمام منتخب كرواتيا الطموح    وزير النقل السعودي: 46 ألف موظف مهمتهم خدمة حجاج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



1 فى المائة من أجل 1.5 درجة مئوية!
نشر في الشروق الجديد يوم 30 - 11 - 2022

فى الجلسة الافتتاحية رفيعة المستوى للعمل المناخى طرحت سؤالا: «ما الأمر الذى يمكن وصفه بأنه غير كاف وغير كفء وغير عادل؟»؛ وأجبت بأنه النظام الراهن للتمويل الدولى للمناخ والتنمية. أما عن عدم كفاية التمويل فهكذا تخبرنا الأدلة بأن ما هو متاح لتمويل التنمية المستدامة من المصادر الموعودة من الدول المتقدمة بما يعادل 0.7 فى المائة من إجمالى الدخل القومى للدول المتقدمة لم يصل بكامله أبدا إلى البلدان النامية رغم بلوغه 179 مليار دولار فى عام 2021 وهو أعلى رقم تصل إليه المساعدات الإنمائية الرسمية، ولكنه لم يتجاوز نصف ما تم التعهد به، وبافتراض التزام التعهد بكامله، فإنه لن يجسِّر أكثر من 15 فى المائة من متوسط فجوة تمويل التنمية، قبل أزمة جائحة كورونا البالغة 2.5 تريليون دولار.
أما عن فجوة تمويل العمل المناخى بالتركيز على احتياجات التحول إلى طاقة نظيفة، فتقدر بتريليون دولار سنويا حتى عام 2030، وفقا لتقرير تمويل العمل المناخى والتنمية الذى تم تدشينه فى أثناء قمة المناخ من فريق عمل تم تكليفه من رئاستَى قمتَى جلاسكو وشرم الشيخ. والمبالغ الموعودة منذ مؤتمر كوبنهاجن كانت بحد أدنى 100 مليار دولار، وهو رقم متواضع قياسا بحجم التمويل المطلوب، ومع ذلك لم تفِ الدول الثلاث والعشرون المتعهدة بالتمويل بتعهداتها إلا سبعا منها. ولا يوجد اتفاق على معيار احتساب تدفقاتها لذا تجد الرسمى الذى يدور حول 80 فى المائة وفاء بالتعهدات مقابَلا بتحدٍّ من جهات لها اعتبارها مثل منظمة «أوكسفام» التى تقدِّر أن هذه التدفقات تقترب من 20 فى المائة فقط.
وفى أى حال، فشأن تمويل العمل المناخى ليس أفضل حالا من تمويل التنمية فكلاهما لا يجسِّر فجوة تمويل مشروعاته ولا يفى بمستلزمات التنمية أو حماية المناخ، وبذلك تستمر مشكلات الفقر المدقع والتعليم والصحة والبنية الأساسية، وتتفاقم أزمات التفاوت بين الدول وداخلها وتدهور المناخ والطبيعة دون حل يحقق أهداف 2030 للتنمية المستدامة التى تتضمن العمل المناخى فى طياتها وهو الهدف الثالث عشر منها.
ولقد اجتهدتْ الدول النامية ومنظمات من المجتمع المدنى ومراكز أبحاث فى حث البلدان المتقدمة على الوفاء بالتزاماتها، من دون جدوى، إلا قليلا. ومن المحاولات المبذولة من أجل تتبع الالتزامات، فصل تمويل التنمية عن تمويل العمل المناخى بدعوى ضمان الإضافة وليس ازدواج الحساب أو تعدده. ولكن فى تقديرى أن هذا الأمر قد أدى إلى فصل غير مبرر بين مسارات التنمية والعمل المناخى، وأدى كذلك إلى انعزال غير محمود بين جزر مصطنعة بعضها للعمل المناخى وبعضها الآخر للتنمية، وهو ما أدى إلى انشطار مفتعل وخادع بين العمل التنموى والمناخى. وقد كرس ذلك الانشطارَ نهجٌ بائسٌ اختزل العمل المناخى فى تخفيض انبعاثات الكربون رغم أهميته، فضيَّع أهمية التعامل مع انبعاثات ضارة أخرى كغاز الميثان، وقلل من أهمية العمل المناخى فى مجالات التكيف، وغضَّ الطرف عن ملف الخسائر والأضرار برمّته، وهو الذى نجحت قمة شرم الشيخ أخيرا فى وضعه على قائمة العمل الدولى، وتمويله من خلال صندوق جارٍ تأسيسه بما يعد انتصارا تاريخيا محققا. كما أكدت أعمال هذه القمة أهمية التحرك فى إطار التنمية المستدامة الذى يجب أن يأتى العمل المناخى كأحد مكوناته، فالعمل المناخى فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة وتدعيم البنية الأساسية ونظم المياه والزراعة وحماية الشواطئ والتصدى للتصحر.. هى كلها مجالات للاستثمار من أجل التنمية المستدامة التى يجب ألا تغفل الاستثمار فى البشر فى المقام الأول. وبالتالى فإن التمويل للتنمية والعمل المناخى يجب أن يتحقق فى إطار متكامل وشامل فى نطاق الدولة وأولوياتها.
فإذا كانت هذه أسبابا كافية تبرر وصف التمويل الدولى بعدم الكفاية، فإن سبب وصفى إياه بعدم الكفاءة أيضا هو ما تستغرقه عملية التمويل من فترات طوال منذ بدء الاتفاق بين الحكومات المعنية بالتمويل إلى اليوم الذى يصل فيه التمويل فعلا على المشروعات والمجالات التى تترقب وصوله بعد طول انتظار يصل إلى عدة سنوات. وهناك حالات لبلدان نامية خصوصا من الجزر الصغيرة طالت فيها فترات الانتظار إلى أربع سنوات منذ بداية طلب التمويل، وبعض طلبات التمويل كانت لاحتياجات عاجلة خصوصا فى مجالات تدعيم البنية الأساسية والتكيف مع آثار المناخ الخطرة على الحياة وأسباب المعيشة معا.
ويرجع هذا بالأساس إلى قصور إدارى وبيروقراطية نظم التمويل تتحملها مؤسسات التمويل بالأساس، وإن تعللت بضعف القدرة المؤسسية للبلدان المقترضة، فجانب من عمل هذه المؤسسات وسبب وجودها أصلا هو تدعيم قدرات البلدان النامية.
ويبقى الوصف الثالث والأخير لنظام التمويل الدولى بعدم العدالة، ومرجع هذا الوصف هى تكلفة التمويل الباهظة التى يجب أن تتحملها البلدان النامية خصوصا متوسطة الدخل منها فى سبيل الحصول على التمويل المطلوب للعمل المناخى. وهنا أفرِّق بين تمويل إجراءات التخفيف من خلال مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة التى يمكن قيام القطاع الخاص بها خصوصا من خلال الاستثمارات فى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، وما هو مطلوب من مؤسسات التنمية الدولية هو المشاركة لمساندة القطاع الخاص وتخفيف مخاطر المشروعات والتأمين ضد المخاطر السياسية المتعلقة بالذات بحقوق الملكية. وهى كلها مشروعات ضرورية للحفاظ على درجة حرارة الأرض بما لا يتجاوز درجة مئوية فوق متوسطاتها قبل الثورة الصناعية الأولى. أما مجالات التكيف فتجد الاستثمارات الخاصة فيها محدودة لا تتجاوز 3 فى المائة، إذ يقوم التمويل العام من موازنات الدول أو بالاقتراض من خلالها وتحميلها بأعبائها بمهمة تمويل حماية البنية الأساسية ومرافقها ونظم الرى والزراعة والتعامل مع مخاطر التصحر ونحر الشواطئ، وهى جميعا مهدَّدة بسبب تدهورٍ فى المناخ سبّبته الدول الصناعية، وليس من باب العدل أن تستدين الدول النامية خصوصا الأفقر منها لتصلح ما أفسدته الدول الأغنى.
أعلم أنه من المستحيل تطوير البناء المالى العالمى على النحو المنشود مع التشوه القائم فى النظام الاقتصادى الذى يستند إليه ويموله، كما أن النظام الاقتصادى العالمى هو ظل النظام السياسى العالمى الأعوج، الجارية شئونه بترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثانية، بما رسمته البلدان المنتصرة فى حرب لم يكن للبلدان النامية فيها ناقة أو جمل إلا بما تحملته وكان أغلبها مستعمرا ومستغَلا من أطراف هذه الحرب. وحتى يعاد تشكيل النظام العالمى الجديد ليعكس تغيير موازين القوى منذ الحرب العامية الثانية وتصاعد الدور الاقتصادى للبلدان ذات الأسواق الناشئة عالية النمو، وحتى يكتمل البناء على عُمُده الجديدة يمكن فقط اقتراح ترتيبات جديدة للتمويل تتسق مع مقترحات لإصلاح البناء المالى العالمى.
وبهذا أسوق مجددا مقترح تمويل العمل المناخى فى إطار التنمية المستدامة ليكون على أساس فترة سماح لا تقل عن عشر سنوات وفترة سداد بعدها تمتد لعشرين عاما، وبتكلفة لهذا التمويل، الذى يمكن أن يصنَّف كقرض حسن، لا تزيد على 1 فى المائة تشمل الإسهام فى العون الفنى. على أن يقدم هذا التمويل من خلال المؤسسات المالية وصناديق التمويل المتخصصة القائمة ومن خلال التعهدات المالية التى التزمت البلدان النامية بالوفاء بها فى السابق يمكن تخفيض تكلفة التمويل، على أن يزاد رأسمال هذه المؤسسات التنموية الدولية بما يسهم فى توفير تمويل إضافى للعمل المناخى يعادل التريليون دولار المطلوبة لتجسير فجوة التمويل كما تَقدم؛ وهذا المبلغ بالمناسبة يعادل 1 فى المائة من الناتج المحلى الإجمالى العالمى.
والسؤال البدهى: وما الذى سيدفع البلدان الغنية للإسهام فى التمويل بعد عهود التقاعس؟ الدافع هو إدراك المصلحة القومية لهذه البلدان، فحتى إذا هى أغفلت فوائد التضامن الدولى، فإن خطر تدهور المناخ لا يفرّق بين غنى وفقير من البلدان، كما أن تهديده للأمن الدولى غير خافٍ عن العيان بما فى ذلك تداعيات النزوح الجماعى وتزايد ظاهرة اللجوء المناخى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.