بعدما لعبت في سن السابعة دور رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر في مسرحية مدرسية، تحقق الحلم اليوم وأصبحت ثالث امرأة تتولى رئاسة الحكومة، إنها ليزا تراس التي فازت اليوم برئاسة حزب المحافظين البريطاني ورئاسة الوزراء، خلفا لبوريس جونسون. أبصرت ماري إليزابيث تراس النور في إكسفورد عام 1975، لأب يعمل أستاذ الرياضيات وأم تعمل ممرضة وكان "يساريان"، وهو ما أدي لانخراطها في العمل السياسي منذ الصغر حيث شاركت تراس والدتها في مسيرات ضد السلاح النووي تعارض قرار حكومة تاتشر بالسماح بنشر رؤوس حربية نووية أمريكية في قاعدة سلاح الجو الملكي البريطاني في جرينهام كومون غرب لندن، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية "بي.بي.سي". انتقلت عائلة تراس إلى بيزلي غربي جلاسكو في اسكتلندا عندما كانت تراس في الرابعة من عمرها، ومنها إلى مدينة ليدز حيث التحقت تراس بمدرسة ثانوية حكومية في حي راوندهاي، وبعد إنهاء دراستها في المرحلة الثانوية التحقت تراس بجامعة إكسفورد حيث درست الفلسفة والسياسة والاقتصاد، وكانت تنشط في البداية في صفوف الديمقراطيين الأحرار. وفي مؤتمر حزب الديمقراطيين الأحرار عام 1994 تحدثت لصالح إلغاء الملكية وقالت للمندوبين في برايتون: "نحن الديمقراطيون الأحرار نؤمن بتساوي الفرص للجميع. لا نؤمن بأن هناك أشخاص ولدوا ليحكموا". وخلال فترة وجودها في جامعة إكسفورد انتقلت إلى صفوف حزب المحافظين. بعد التخرج عملت محاسبة في شركة شل النفطية العملاقة وغيرها من الشركات الخاصة وتزوجت من زميلها المحاسب هيو أوليري عام 2000، وأنجبت منه بنتان. ترشحت تراس عن حزب المحافظين في الانتخابات العامة لعام 2001، لكنها خسرت الانتخابات كما تعرضت للهزيمة في انتخابات 2005، لكن طموحاتها السياسية لم تتراجع فقد تم انتخابها كعضو في مجلس بلدية جرينتش جنوب شرق لندن في عام 2006، وفي عام 2008 عملت أيضا نائبة لمدير مؤسسة الأبحاث "إصلاح" ذات التوجهات المحافظة. ووضع زعيم حزب المحافظين السابق ديفيد كاميرون تراس على "قائمة أ" للمرشحين الذين يحظون بأولوية الترشيح في انتخابات عام 2010 وتم اختيارها للترشح عن مقعد للحزب في جنوب غرب نورفوك الذي فازت به بأكثرية 13 ألف صوت. وفي سبتمبر من عام 2012 وبعد ما يزيد قليلاً عن عامين من عضويتها في مجلس العموم، دخلت الحكومة نائبة لوزير التعليم. اصطدمت مع نائب رئيس الوزراء نيك كليج من حزب الديمقراطيين الأحرار بشأن إصلاح المدارس، لكن كاميرون منحها منصباً أكثر أهمية في الحكومة عام 2014 حيث أوكل إليها منصب وزيرة البيئة. وحينما شهدت بريطانيا أكبر حدث سياسي على مدى عقود حيث جرى استفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقفت تراس إلى جانب دعاة البقاء في الاتحاد الأوروبي وكتبت في صحيفة "صن" البريطانية أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون "مأساة ثلاثية"، لكن بعد فوز معسكر "بريكست" غيرت رأيها وقالت إن هذه الخطوة توفر فرصة "لتغيير طريقة عملنا" في بريطانيا. وفي عام 2016 أصبحت وزيرة العدل في عهد رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ثاني رئيسة حكومة في تاريخ بريطانيا، وانتقلت في العام التالي لشغل منصب نائبة وزير الخزانة وهو منصب وضعها في قلب البرنامج الاقتصادي للحكومة. بعد أن أصبح بوريس جونسون رئيسا للوزراء في عام 2019، انتقلت تراس إلى منصب وزيرة التجارة الدولية ثم في عام 2021 تولت حقيبة الخارجية عندما نقل جونسون دومينيك راب إلى منصب وزير العدل. في هذا الدور سعت تراس إلى حل المشكلة المعقدة لبروتوكول أيرلندا الشمالية من خلال إلغاء أجزاء من صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة انتقدها الاتحاد الأوروبي بشدة. كما نجحت تراس في الإفراج عن نازانين زاجاري راتكليف وأنوشه عاشوري (بريطانيتان من أصول إيرانية) من السجن في إيران.