اندلعت اشتباكات بالأسلحة الثقيلة في عدة أحياء وشوارع بالعاصمة طرابلس، ليل الجمعة السبت، وذلك بعد أيام من تحشيدات عسكرية لقوات موالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، وأخرى لرئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا. وذكرت وكالة "رويترز" أن الفصائل المتناحرة تبادلت إطلاق النار بكثافة أثناء الليل واستمر حتى صباح أمس، ودوت أصوات عدة انفجارات عالية في أنحاء المدينة. وأظهرت صور ومقاطع فيديو تم تداولها على الإنترنت لوسط المدينة، عربات عسكرية مسرعة في الشوارع، ومقاتلون يطلقون النار، وسكان محليون يحاولون إخماد الحرائق. وقال عبدالمنعم سالم، من سكان وسط طرابلس: "لم أستطع النوم أنا وعائلتي بسبب الاشتباكات. كان الصوت مرتفعاً جداً ومخيفاً للغاية". وأضاف: "بقينا مستيقظين في حال اضطررنا إلى المغادرة بسرعة. إنه شعور مروع". وسمعت في نواحي متعددة من المدينة أصوات الاشتباكات المستمرة، والقذائف، ونشرت مواقع تواصل اجتماعي مقاطع فيديو تظهر تبادل النيران في منطقتي باب بن غشير، وشارع الزاوية وسط المدينة، واحتراق سيارات في أحد الأحياء. وأفادت مصادر لقناة "العربية" و"الحدث" في ليبيا، بمقتل شخصين على الأقل في الاشتباكات، مضيفة أن 5 جرحى وصلوا إلى المستشفيات بإصابات بين المتوسطة والخفيفة. كما قالت المصادر إنه تم إعلان حالة الطوارئ بمحيط رئاسة مجلس الوزراء على طريق السكة في العاصمة الليبية طرابلس، حيث حشدت قوات جهاز دعم الاستقرار وكتيبة 55 مشاة قواتهما غرب العاصمة بالتزامن مع سماع دوي إطلاق نار كثيف ومتقطع في عدد من الأحياء. وتمركزت مجموعات مسلحة تابعة للدبيبة يرأسها عبدالغني الككلي، على طريق مطار طرابلس الدولي (المطار مغلق) لصد أي هجوم تنفذه القوات الموالية لباشاغا التي يقودها اللواء أسامة جويلي، بحسب مصادر مطلعة. وكانت قد وقعت اشتباكات مسلحة بين الجانبين في 16 مايو الماضي، بعد دخول باشاغا للمدينة آنذاك قبل الانسحاب منها بعد ساعات. إلى ذلك، أفادت وسائل إعلام ليبية بتعليق جامعة طرابلس الدراسة والامتحانات بسبب الاشتباكات في العاصمة. ونقلت قناة "ليبيا الأحرار" عن الناطق باسم جهاز الإسعاف والطوارئ أسامة علي قوله إن "هناك إصابات في صفوف المدنيين جراء الاشتباكات في طرابلس"، مشيرا إلى صعوبة في التحرك في أكثر من منطقة. وعرضت القناة عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، جانبا من الأضرار التي لحقت بممتلكات المواطنين واحتراق عدد من الشقق والسيارات جراء الاشتباكات. في سياق متصل، بحث رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، أمس الجمعة، مع السفير الأمريكي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، "سُبل دفع العملية السياسية للوصول إلى الانتخابات وفق قاعدة دستورية تتفق عليها كل الأطراف، وأهمية مشروع المصالحة الوطنية لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد". واستعرض اللقاء الأوضاع الأمنية في البلاد، وخاصة في العاصمة طرابلس، والتأكيد على أهمية التزام كل الأطراف بالتهدئة وتغليب مصلحة الوطن. كما ناقش الطرفان مُقترح إدارة العائدات النفطية الذي تطرحه المجموعة الدولية، مؤكدين "أهمية السيادة الليبية لإدارة العائدات". ويسود ليبيا انقسام كبير مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس جاءت وفق اتفاق سياسي قبل عام ونصف برئاسة عبدالحميد دبيبة الرافض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عينها البرلمان في فبراير الماضي ومنحها الثقة في مارس، وتتخذ من سرت في وسط البلاد مقراً موقتاً لها بعد منعها من الدخول إلى طرابلس. وكلفت حكومة الدبيبة بمهمة أساسية هي تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في ديسمبر الماضي، غير أن الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لا سيما على القانون الانتخابي، أدت إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمى، علما بأن المجتمع الدولي كان يعلّق عليها آمالا كبيرة لتحقيق الاستقرار في البلاد. وخرجت تظاهرات في أوائل يوليو الماضي في جميع أنحاء البلاد ضد تدهور الظروف المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي وللمطالبة بتجديد الطبقة السياسية، من ضمنها الدبيبة وباشاغا.