تلاشت الحدود بين الحياة العملية والشخصية للموظفين خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة في فترة عزل جائحة كورونا، فبعدما تفشى الوباء عام 2020م، عمل العالم بأكمله من المنازل، وأصبح من السهل التواصل مع الموظفين طوال اليوم، مما جعل العمل من المنزل أكثر إرهاقا من العمل بالمكتب. وبالرغم من ذلك، قال عديدون أن العمل من المنزل ساعدهم على زيادة الإبداع والإنتاجية، ووفقا لمسح أجرته مؤسسة جارتنر، فيعتقد 99% من مدراء الموارد البشرية أن شكل العمل قد تغير للأبد، فسيكون في المستقبل هجينا بين العمل من المكتب والعمل من المنزل، هذا بحسب ما ذكر في موقع هيلث لاين. كيف يستطيع أصحاب الشركات تحسين إنتاجية موظفيهم؟ أظهر الوباء أن الشركات قادرة على التكيف مع الظروف المختلفة، وأنهم قادرون على جعل نظام العمل من المنزل نظاما ناجحا، ولكن مع مرور الوقت وتلاشي الحاجز بين الحياة العملية والشخصية للموظفين، أصبحت الإنتاجية أقل، ولذلك يجب على الشركات أن تقوم بالمزيد من الجهد لحماية الصحة العقلية والبدنية لموظفيهم. حددت مبادرة العمل والرفاهية، وهي مبادرة أطلقتها جامعة هارفارد بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في عام 2018م، 3 مبادئ رئيسية لتحسين الرفاهية بين الموظفين، وهي السماح للموظفين بمزيد من التحكم في عملهم، الحد من مطالب العمل المفرطة، وتحسين العلاقات الاجتماعية في مكان العمل. وقالت المبادرة إن التأكد من عدم تحمل الموظفين أعباءا زائدة عن طاقتهم، أو القيام بالكثير من العمل الذي يتعرضون فيه دائمًا للتوتر، يؤتي ثماره لكل من العمال والشركات، فقد أثبتت الدراسات أن متطلبات العمل المفرطة، مثل ساعات العمل الطويلة والضغط على الموظف من أجل تسليم العمل بسرعة، آثاره سلبية على الصحة البدنية والعقلية، ونظرًا لأن الموظفين المرضى أو الذين يعانون من الإجهاد أقل إنتاجية، فإن ضمان رفاهيتهم يفيد أيضًا أرباح الشركة النهائية. كيف قامت بعض الشركات بتحسين رفاهية موظفيها؟ أعطت بعض الشركات حول العالم الأولوية لرضا الموظفين عن عملهم للحصول على أفضل مستوى من الإنتاجية، حيث سمحت لهم بجدولة العمل بما يتناسب مع ظروفهم، مع ضمان وجود الإجازات المدفوعة الأجر، وذلك لتحقيق أفضل توازن بين الحياة العملية والشخصية. ومن ناحية أخرى، انتشر عبر الشركات العالمية نظام تقليص عدد أيام العمل في الأسبوع الواحد لمدة 4 أيام فقط، مع انضمام شركات كبيرة مثل باناسونيك وبولت مؤخرًا إلى عدد كبير من شركات التكنولوجيا الأمريكية التي تتبنى الجدول الزمني المخفض، كما قامت بتفعيل هذا النظام أيضا دولا مثل أيسلندا وبلجيكا وإسبانيا، وحققت جميعها نتائج واعدة. كيف يمكن للموظف التحسين من رفاهيته في العمل؟ في الوقت الذي تقع على عاتق الشركات مهمة كبرى وهي تحسين رفاهية موظفيهم، يجب على الموظف أيضا أن ينتبه لتحقيق رفاهيته، وأولها هو اختيار مديره بعناية، فالمدير الذي لا يهتم بحياته الشخصية، لن يهتم بحياة موظفيه الشخصية، ولن يوفرها لهم. إذا اكتشف الموظف خلال عمله بأن حياته الشخصية أصبحت على المحك، فعليه البحث عن وظيفة جديدة توفر له حياة شخصية مستقرة، ويجب على الموظف أن يكون واضحا بشأن الأشياء التي يريدها لتحسين رفاهيته، مثل أيام الإجازات المحددة التي يريدها، وأن يطلب من المدير عدم التحدث معه خارج أوقات العمل الرسمية، فبهذا يضمن الموظف أن حياته الشخصية لن تتوقف بسبب نجاحه العملي.