يتحمس هانى فوزى، مؤسس إحدى شركات الاستشارات والتدريب فى مجال الإدارة، عند ذكر كلمة «الإبداع». يخرج من حقيبته مجموعة كتب حديثة تتحدث عن إدارة الصناعات الإبداعية، يتحدث عن كتب أحدث موضوعها تعميم تجربة إدارة هذه الصناعات لتصبح الإدارة نفسها إبداعية ومتمركزة حول مفهوم الإبداع. يقول إن هذه المفاهيم ما زالت تتبلور فى الولاياتالمتحدة وأوروبا ولذلك بالطبع نحن بعيدون عن مناقشتها : «عندما نتحدث عن إدارة إبداعية، فإن «المبدع» يحل محل «الموظف». يجب أن ينسى المديرون هوسهم بمواعيد ومكان العمل كلما أصبح ذلك ممكنا، يجب أن يكون الموظف على درجة عالية من التأهيل والكفاءة، ولديه مساحة حرية ليختار ويجرب، عادة ما يقايض المبدعون استقرارهم المهنى وضمانات بقائهم بتقدير عال ومجز، لأن لديهم دائما طموح ورغبة فى الانتقال عبر المستويات والتجارب المختلفة». الأفكار التجريبية عن الإدارة الإبداعية تقف فى العالم الأول على أرض استقرار الإدارة بالأساس فى كل مجالات الإعمال وتحاول الاستفادة من روح الإبداع، ولكن ربما يتعلق بهذه الروح نفسها مشكلات إدارية. رضا فايز، مخرج ومنتج الأفلام الوثائقية انتقل من مؤسسات صحفية وإعلامية كبيرة إلى تأسيس شركة خاصة به لإنتاج الأفلام، وعندما بدأ فى إدارة مشروعه وإدارة مبدعين ضمن فريق عمله بدأت تتضح له بعض الجوانب التى كان يراها بشكل مختلف بعض الشىء من الناحية الأخرى وهو مبدع يتعامل مع إدارة. يقول رضا فايز: «فى أى عمل إبداعى، التوافق المطلوب بين أطرافه أعلى منه فى مجالات أخرى ليخرج عمل جيد ومتناسق، ولكن فى مواجهة ذلك هناك الحساسية الشخصية الزائدة عند كل مبدع، هناك مشكلات عند عديدين فى الالتزام وفى تقبل النقد». يحكى رضا عن نفسه وكيف أنه ترك بعض المؤسسات التى يعمل بها على أثر انتقاد لعمله، ويبرر ذلك بأن الإعلامى يختلف عن أى مهنة أخرى فى أنه لا يملك إلا مجموعة من وجهات النظر، ولو حدث خلاف رآه يخدش تقدير مكان العمل لوجهات نظره فإن الاستمرار غالبا يكون صعبا. «أى مبدع يعمل بطاقة ما يستمدها من التقدير بكل أشكاله أو الحماسة للعمل» يرى رضا فايز أن هناك جانبا عاطفيا لا يمكن تجاهله، ويراه متداخلا فى مسألة أخرى فى مزاج الفنان الذى يتأرجح بين الرغبة فى «علاقة رخوة» نوعا ما فيما يتعلق بالوقت والأطر المحددة للعمل وبين ضرورات الإنتاج التى تجعل من العمل ممكنا. أخرج رضا فايز أحد أفلامه متحررا بعض الشىء فيما يخص عامل الوقت بسبب العلاقة الودية بينه وبين المنتج، ولكنه الآن بعدما أصبح مديرا ومنتجا يعتقد أن الالتزام بإطار أكثر تحديدا هو الضرورى، ولكنه يحاول أن يراعى أن يكون الإطار مرنا ويراعى الضرورات لكى لا يضحى بجودة العمل وفنيته وإن كان فى حدود الإمكانات الإنتاجية المتاحة. يعتقد رضا فايز أيضا أن الظروف الإنتاجية الضاغطة ولهاث الجميع من أجل تحقيق عائد جيد يؤثر على جانب مهم من علاقة الرئيس والمرءوس تتعلق بتدريب وتعليم الكوادر الجديدة، ويضيف: «استفدت من بعض رؤسائى، ولكنى افتقدت علاقة الأستاذ والتلميذ طوال عملى فى الصحافة والإعلام. تأثرت بمعلومة قرأتها عن صلاح أبوسيف، إذ روى عنه أنه كانت لديه شهوة تعليم الموهوبين الذين يلاحظهم. ولكن الآن قل لى أى مؤسسة فى مجالات مستقرة ومربحة توفر إمكانات وتعطى براحا للناس من أجل تعليم وتدريب آخرين بشكل حقيقى؟».