حياة الفراعنة وأسرار ملوكهم وحضارتهم لاتزال من أكثر القصص المثيرة على مر التاريخ ليس فقط بالنسبة لمصر ولكن أيضا للعالم كله. ومن أكثر هؤلاء الملوك إثارة للجدل الفرعون «رمسيس الثانى» الذى اختاره المخرج الفرنسى جيوم هيشت ليكون بطلا لأحداث فيلمه الوثائقى الجديد «رمسيس الثانى الرحلة الكبرى» الذى يتم تصويره حاليا فى مدينة الانتاج الإعلامى بمشاركة إنتاجية مصرية. وفى بلاتوه التصوير تحدث هيشت ل«الشروق»عن أسرار وتفاصيل وكواليس العمل، بدأها بالكشف عن أسباب اختياره لهذه الشخصية بالتحديد ليقدم فيلما تسجليا عنها قائلا: رمسيس الثانى من أشهر ملوك الفراعنة فى تاريخ مصر القديمة وتوفى عن عمر يناهز 92 عاما كما أنه يعتبر شخصا غير عادى وتولى حكم البلاد 67 عاما ثم توفى ودفن فى مقبرته فى وادى الملوك وهنا بدأت رحلته إلى الخلود والتى بها يبدأ فيلمنا. وعن قصة الفيلم يقول: تبدأ الأحداث بعد وفاة رمسيس الثانى عام 1213 قبل الميلاد ونستغرق نحو 14 مشهدا قبل نزول التيتر نبرز فيها مراحل إعداده للدفن بمشاركة الملك الجديد والكهنة وحالة الحزن التى تخيم على الجميع، ونوضح بالتفصيل مراحل دفنه وإعداد مقبرته حتى إغلاق التابوت عليه، ثم بعد ذلك نقفز إلى عام 2009 مع العالم كريستيان لوبلان والذى يدير بعثة الآثار الفرنسية فى البر الغربى منذ 1991 وأحد الباحثين فى تاريخ أسرة رمسيس ويحكى معنا أولى محاولات كشف المقبرة من القنصل هنرى سولت فى القرن ال19 ثم محاولات شامبليون وروزيلينى أعضاء أول بعثة تعمل فى مصر، ومحاولتهم اكتشاف المقبرة، ثم محاولات العالم ديليسيس بعد ذلك الذى اكتشف مقبرة خاوبة تماما ومنهوبة لآخرها. اكتشاف السر ينتقل الفيلم إلى جزء ثان وهو خاص باكتشاف العالم جاستن ماسبيرو لمكان وجود رمسيس وكنوزه عام 1881، عندما وصلته قطع أثرية مجهولة المصدر وبتتبعها اكتشف أن أصحابها هم الإخوان عبدالرسول، واللذان اكتشفا المقبرة بالمصادفة عام 1871 عندما وقعت إحدى ماشيتهما فى حفرة جبلية اكتشفا فيها أربعين مومياء من ضمنها مومياء أحمس وتحتمس الثالث ورمسيس وأبيه سيتى الأول ومجموعة ضخمة من الكنوز، وصاروا يبيعوها الواحدة تلو الأخرى حتى صارا من الأغنياء ووصلت هذه القطع إلى ماسبيرو والذى أبلغ عنهما الشرطة.. وسيظهر فى الفيلم أحفاد عبدالرسول محمود ونوبى عبدالرسول وسيتحدثان عما فعله جدودهما.. وسيتحدث معهم كريستيان لوبلان عن ناهبى القبور ووجودهم عبر التاريخ ومنهم الأوروبيون الذين قاموا بنهب آثار عديدة على مر التاريخ وهى الآثار التى يحارب حواس الآن لاستردادها.. ورغم ذلك فإنه لولا وجود هؤلاء الناهبين ربما لم تكن مومياء رمسيس قد اكتشفت حتى الآن.. ويضيف: ننتقل فى الفيلم بطريقة الدوكيودراما، عن طريق مشاهد تسجيلية حقيقية وأخرى يتم تمثيلها فننتقل إلى الجزء الثالث من الفيلم كما هو موضح بالسيناريو وهو خاص بنهب قبر رمسيس عام 1090 قبل الميلاد ونقله نتيجة ذلك النهب إلى مقبرة أخرى مع أبيه سيتى الأول، وكيفيه حدوث ذلك بإجراءات فرعونية رسمية، وقيام ماسبيرو بأوامر الخديو توفيق بالكشف عن المومياء عام 1886.. ويحتوى هذا الجزء على أحد المشاهد المهمة والطريفة فى نفس الوقت، وهو مشهد تبقى ذكراه حتى الآن على جسد رمسيس، ففى عام 1907 وبعد نقل المومياء إلى المتحف، فوجئ عامل المتحف بيد رمسيس اليمنى ترتفع فى الهواء مما أدى إلى شعوره بالرعب وهروبه مذعورا من المتحف، وكان هذا التحرك نتيجة للإهمال والتعرض للرطوبة.. ويد رمسيس حتى الآن لاتزال مرفوعة ومتصلبة، ويذكر أن الكثيرين فسروا سب رفع هذه اليد بأنها اليد التى كانت مرفوعه بالسلاح ضد موسى ونتيجة غرق رمسيس فى البحر!!. أزمات دبلوماسية الجزء الرابع يبدأ بقفزة إلى السبعينيات حين تدهورت حالة المومياء، مع رغبة باحثة تدعى كريستيان دى روش نوبل كور بنقل المومياء لفرنسا لمعاجتها وإقامة معرض لها ونظمت من أجل هذا حملة دبلوماسية، وطلب الرئيس الفرنسى الأسبق جيسكار ديستان من السادات نقل المومياء ولكن السادات رفض فى البداية ثم وافق فيما بعد، ويتطرق الفيلم أيضا إلى المشاكل الدبلوماسية التى حدثت مع ألمانيا وإنجلترا اللتين كانتا تريدان استضافة المومياء. ووصل رمسيس إلى باريس ليستقبل كملك واستقبله رئيس الدولة الفرنسية وطافوا به حول مسلة الأقصر التى تحتل ميدان الكونكورد. وسيظهر فى هذه النقطة فى الفيلم جيسكار ديستان نفسه وكذلك كريستيان دى روش ليتحدثا بنفسهم عن الأمر.. ثم ينتقل الفيلم للجزء الخامس وهو عن رمسيس نفسه وحياته وأولادة ال108 وزواجه من 8 زوجات ملكات وعشرات المحظيات وحربة مع الحيثين ووفاة حبيبته نفرتارى وهو الامر الذى أذاه كثيرا بسبب حبه لها حيث بنى من أجلها معبد أبوسمبل ليكون نصبا تذكاريا لها.. ثم لعنة رمسيس التى أصابته بموت أبنائه وهو على قيد الحياة واحدا تلو الآخر.. وينتهى الفيلم بالجزء السادس والذى يظهر فيه زاهى حواس وعلماء آخرون يتحدثون عن خطط ترميم مقبرة رمسيس ورسوماتها بتقنيات حديثة وما سيقدمه ذلك من خدمة فنية وثقافية وحضارية لمصر والعالم. حقيقة فرعون موسى! يعتبر رمسيس الثانى شخصية مثيرة للجدل سواء فى التاريخ أو بالنسبة للتاريخ الدينى حيث إن بعض العلماء يؤكدون أن رمسيس الثانى هو «فرعون موسى».. فهو الملك الذى طرد النبى موسى عليه السلام واليهود من مصر وطاردهم.. وبسؤال المخرج اذا كان سيتعرض الفيلم لهذه القضية أم لا أجاب قائلا: «لن أتطرق لهذه القضية على الإطلاق لأن كل ما يقال فى هذا الموضوع ليس له أدلة علمية وغير حقيقى من وجهة نظر العلم فلم يصل العلماء إلى أدلة منطقية تؤكد أن رمسيس الثانى هو الفرعون المذكور فى الكتب السماوية، فالأمر كله مجرد خيال ونحن نقدم حقائق وليس خيالات وكما ذكرت من قبل فإن اليد مرفوعة نتيجة للمعاملة السيئة التى تعرضت لها المومياء وليس كما قال البعض بسبب موته فى البحر بالسلاح، كما أن هذه الحادثة وقعت فى القرن العشرين وليست أيام موسى. وأضاف: «هناك شىء آخر مهم وهو أن قصة اليهود كانوا عبيدا أثبتنا أنه أمر غير حقيقى فلم يعملوا بالسخرة فى ذلك الوقت بل كانوا يتقاضون الأجر على ما يعملون والدليل على ذلك أنه فى عهد آمون قام بعض العمال بعمل إضراب عن العمل لأنهم لم يتقاضوا أجرهم ويعد هذا هو أول إضراب فى التاريخ وكان هذا بعد مائة عام من موت رمسيس الثانى أى أنه لم تكن هناك سخرة. مشكلة إسرائيل وفلسطين وبسؤال المخرج عن السر فى اهتمام أغلب طاقم العمل بتقديم أفلام عن المنطقة العربية والشرق الأوسط.. قال ضاحكا: لأننا نحب هذه المنطقة، ثم أضاف: كما أننا نرى أن الاقتراب من الماضى والربط بينه وبين الحاضر سيزيل الخوف القائم بين الشعوب الحالية فعندما نفهم جيراننا ونعى تاريخهم جيدا نستطيع أن نحل المشاكل القائمة دون اللجوء إلى الطرق الدبلوماسية والحربية التى أثبتت أنها غير مجدية وفاشلة ولكن المعرفة الحقيقية للتاريخ هى التى ستزيل الخوف وربما تحل المشاكل السياسية القائمة بين الدول ومنها إسرائيل وفلسطين. وأكد المخرج أن العمل استغرق نحو ثلاث سنوات قبل بدء التصوير وهى فترة طويلة ولكنها كانت ضرورية لإتمام البحوث وجمع المعلومات اللازمة. وستكون مدة عرض الفيلم تسعين دقيقة وهو وقت طويل بالنسبة للأفلام الوثائقية. أما عن ميزانية الفيلم فستكون نحو 715.000 يورو وعلى الرغم من أن الرقم يعد كبيرا بالنسبة للأفلام الوثائقية فإن تصوير هذه القصة يحتاج إلى ميزانية أكبر من ذلك بكثير. وسوف ينتهى التصوير فى 24 يناير وسيتم عرضه فى آخر يونيو على إحدى القنوات الفرنسية «بلانت» وبعد ذلك بعام سيعرض الفيلم على القنوات الفرنسية ثم يكون من حق أى قناة أخرى أن تشترى حق عرض الفيلم. كما كشف جيوم أنه يفكر مع يوسف رزق الله رئيس قطاع التعاون الدولى بمدينة الإنتاج الإعلامى على صنع فيلمين آخرين بعد رمسيس ولكنه لن يتحدث عنهما لأنه يخشى الحسد.. هكذا قال ضاحكا..!! وعن رأيه فى مدينة الانتاج الإعلامى قال إنه صور أفلاما كثيرة فى مختلف أنحاء العالم وفى استوديوهات كثيرة مجهزة بأحدث الأجهزة والديكورات ولكن ما وجدوه فى مدينة الإنتاج يفوق الوصف فهو بالفعل شىء استثنائى وهو ما قرر أن يستغله فى أفلامه المقبلة. وبسؤاله عن المشروع الخيالى الذى يحلم بتقديمه أجاب بأنه يحلم بتقديم أوبرا عايدة ولكن كفيلم من أفلام البعد الثالث وهو الحلم الذى سيسعى لجعله واقع.