الوزراء: تطوير سوق العتبة عملية شاملة لتحقيق سيولة مرورية وتوفيق أوضاع الباعة    محافظ سوهاج: يفتتح منفذ بيع اللحوم بأسعار مخفضة للمواطنين    أمين الحزب الاتحادي السوداني: الدعم السريع يرتكب جرائم ممنهجة في الفاشر لتفتيت البلاد    بيراميدز يكشف تفاصيل إصابة مصطفى فتحي    بركلات الترجيح.. بروسيا دورتموند يرتقي فوق فرانكفورت في كأس ألمانيا    ضبط شخص يظهر في فيديو يمارس البلطجة بحوزته كرباج بدار السلام    إنقاذ شخص بعد إصابته نتيجة إنقلاب سيارة في ترعة بالبدرشين    حملة مكبرة لإزالة الإشغالات والتعديات بحي شرق كفر الشيخ.. صور    وزارة السياحة تكشف حقيقة بيع تذاكر لحضور حفل افتتاح المتحف المصرى الكبير    باسم يوسف ل كلمة أخيرة: ما يحدث بين أمريكا وإسرائيل توزيع أدوار    المخرج محمد سامي عن أصعب الانتقادات: ريم أختي اشتغلت بضمير في البرنس.. بس الهجوم عليها ضايقني جدًا    قافلة طبية بالدقهلية تقدم الرعاية الصحية ل 1736 شخصًا في ميت غمر    دعاية مبكرة.. جولات على دواوين القبائل والعائلات لكسب التأييد    رابطة الأندية: من المستحيل تأجيل مباريات الدوري المصري    موعد صرف المعاشات لشهر نوفمبر فى أسيوط    إعصار ميليسا يضرب اليابسة في جامايكا كعاصفة من الفئة الخامسة    محافظ البحر الأحمر: معدلات السياحة مرتفعة.. و150 شاشة بالمنشآت تنقل افتتاح المتحف الكبير    هيئة الدواء المصرية تبحث مع شركة «وقاية» الإماراتية تعزيز منظومة إدارة المخلفات الطبية والدوائية    وزيرا خارجية الصين وكازاخستان يبحثان تعزيز التعاون الثنائي    لميس الحديدي: الخطيب أثبت أن الأهلي يدار بالخبرة والحوكمة    فى ذكرى رحيله.. غانم السعيد: طه حسين لم يكن مجرد كاتب بل مشروع نهضة متكامل    مجلس الوزراء يطلق مشروعات طاقة متجددة في مختلف مناطق المملكة باستثمارات تتجاوز 9 مليارات ريال    الصحة: فحص أكثر من 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية    قبل يومين من عرضه.. زينة تنهي تصوير مسلسل ورد وشوكولاتة    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة    بحضور وزير والرياضة، عمر هشام يعلن انطلاق بطولة مصر المفتوحة للجولف 2025 بملاعب مدينتي    "مطروح للنقاش" يناقش إعلان ترامب رغبته لقاء زعيم كوريا الشمالية    هل تواجه مصر فقاعة عقارية؟.. رجل أعمال يجيب    عنف التلامذة!    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    رسميًا| مجلس الوزراء يعلن بدء التوقيت الشتوي اعتبارًا من الجمعة الأخيرة بالشهر الجاري    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    زلزال سينديرجي يعيد للأذهان كارثة كهرمان مرعش في تركيا.. تفاصيل    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    ضمن «صحح مفاهيمك».. واعظات «الأوقاف» يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    ضبط 3 أطنان دقيق «مدعم وحر» في حملات تموينية على الأسواق بالمحافظات    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يكون المقال جملة والباقى «تلقائيا»
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 12 - 2021

يتميز العصر الحالى بعلو شأن الذكاء الاصطناعى وتوغله فى مختلف مناحى الحياة، بطريقة لم تكن متصورة على هذا النحو منذ سنوات قليلة. انتشرت التطبيقات المعتمدة على الذكاء الاصطناعى فى حياتنا بدرجة كبيرة، حتى أصبحت أمرا مسلما به، يستخدمها معظم الناس بطريقة تلقائية. وهو ما لفت انتباه مفكر وسياسى مخضرم يتميز بحس تاريخى نادر، وهو هنرى كيسنجر، مستشار الأمن القومى الأمريكى الأسبق. يقول كيسنجر، إنه فى الاجتماع السنوى لمجموعة البلدربيرج عام 2016، تنبه للعرض الذى تناول موضوع الذكاء الاصطناعى وأثار العديد من الأسئلة فى مخيلته، وكلها أسئلة تدور حول مدى استعداد البشر لمثل هذا التقدم التكنولوجى الهائل الذى يتميز بالسرعة الفائقة. وأخذ كيسنجر على عاتقه مهمة تحليل بعض الأثر الذى يحدثه الذكاء الاصطناعى. استعان كيسنجر بصديقين لإتمام المهمة، أحدهما من مجموعة البلدربيرج، وهو إريك شميدت، الذى كان يشغل وقتها منصب الرئيس التنفيذى لشركة جوجل، والثانى من خارجها وهو دانيال هوتنلشر، عميد كلية إم آى تى شوارزمان للحوسبة، وهى من أعرق الجامعات الأمريكية وذات صيت عالمى فى مجال الحوسبة. ونتج عن جهود الثلاثة كتاب «عصر الذكاء الاصطناعى» صدر فى نوفمبر 2021. ولا يتناول هذا المقال الكتاب وتفاصيله بقدر تناوله للفكرة التى دفعت لإصداره، ثم سؤال عن جانب مما جاء فى الكتاب.
•••
يطرح كيسنجر وجهة نظره عن الفكرة، بأن أثر الذكاء الاصطناعى فى حياتنا والنقلة النوعية التى يحدثها أشبه ما يكون بالنقلة النوعية التى أحدثها عصر التنوير عما سبقه من عصور. فلقد كانت ثورة التنوير فى الغرب هى خروج عن سلطة الكنيسة وعصر الإيمان، أو انتقال من الدين إلى العقل وكأنهما متعارضان واتسمت تلك الفترة بعملية مراجعة فكرية عميقة، واختبار لكل المسلمات، اعتمادا على التجارب العلمية. وساهمت أعمال رواد التنوير أمثال جاليليو فى ترسيخ فكرة محورية بأن العالم الحقيقى مختلف عن العالم الذى يروج له الإيمان. وكانت فكرة الانتقال من مركزية الأرض للكون، إلى كروية الأرض ودورانها حول الشمس، فكرة زلزلت الكثير من عقائد الناس. والآن بعد خمسة قرون على ثورة التنوير، وطبقا لما يطرحه كيسنجر، فإن العصر الذى نحيا فيه لا يسوده فلسفة معينة تحكم تصورات الناس والمجتمعات مثلما كان الحال فى العصور السابقة، ولكن يسوده تطور تكنولوجى جامح يخلو من فلسفة تستوعبه. وساهم غياب المفكرين الذين يستطيعون استيعاب أثر التكنولوجيا المتوغل فى تأخر إدراك الناس والمجتمعات لمعنى النقلة النوعية التى تحدث فى الحياة الآن بسرعة فائقة. لذلك يطرح كيسنجر وجهة نظر بأننا على أعتاب نقلة جديدة على غرار عصر التنوير، ولكنها من العقل إلى البرمجيات، والتى تعتمد على المبرمجين الذين يطورون البرمجيات واللوغاريتمات دون أن نعرف عن فلسفتهم إلا القليل.
لكن ما الجديد الذى يقدمه الكتاب؟ درس المؤلفون النطاق الكامل لتقنيات الذكاء الاصطناعى من أنظمة الرؤية الحاسوبية إلى معالجة اللغة الطبيعية وكتبوا عنها بطريقة تجذب كلا من الخبراء والأشخاص العاديين. وأحد الجوانب الأكثر إلهامًا فى هذا الكتاب هو نطاقه. حيث يتعمق المؤلفون فى إمكانات الذكاء الاصطناعى فى جميع مجالات الأعمال البشرية. ويصفون تأثير الذكاء الاصطناعى على الرعاية الصحية، والاقتصاد، والجغرافيا السياسية، والقانون، والتنمية الحضرية، والحوكمة، والصحافة، والجيش، وحتى علوم الحياة. ولم يخشَ المؤلفون استكشاف الجانب المظلم من الذكاء الاصطناعى أيضًا. إنهم على دراية بالطرق التى يمكن للذكاء الاصطناعى من خلالها تمكين الديكتاتوريين من مراقبة مواطنيهم والتلاعب بالمعلومات لتحريض الناس على انتهاج وتبنى العنف. وبالرغم من دور الذكاء الاصطناعى فى جعل حياتنا أفضل فى نواحٍ عديدة، إلا أن كيسنجر وشميدت وهوتنلشر يحذرون من أن الأمر سيستغرق منا سنوات عديدة لإنشاء تطبيقات جيدة بالقدر الذى نستحقه. كما يقترحون ألا نغفل عن القيم التى نريد غرسها فى برمجة هذا الذكاء الاصطناعى الجديد.
•••
وإليك المفاجأة، الإجابة السابقة بالكامل لم يكتبها أى شخص، ولكن كتبها برنامج كومبيوتر يعمل بنظام الذكاء الاصطناعى، ويمكن لأى شخص استعمال ذلك البرنامج واسمه سيدو رايت (Sudowrite)، المتوافر على شبكة الإنترنت. أما كيف ولماذا كتب البرنامج تلخيصا عن الكتاب، فإلينا القصة. كيفين روز، كاتب العمود المتخصص فى التكنولوجيا فى جريدة النيويورك تايمز، كان يريد كتابة ملخص للكتاب وطرحه على القراء. واهتدى إلى فكرة استعمال أحد مواقع الذكاء الاصطناعى التى تحدث عنها كتاب كيسنجر، والذى يقوم بعمل ملخصات للكتب. وللحصول على الملخص، ما على الكاتب سوى أن يبدأ المقال بفقرة قصيرة، ثم يوكل باقى العمل للبرنامج. وسيقوم البرنامج بفهم طريقة الكاتب واستنساخها، باستخدام كل ما تعلمه عبر استيعاب ملايين الأمثلة من كتابات الآخرين. ويقوم بذلك بمساعدة كمبيوتر عملاق يحتوى على حوالى 285 ألف معالج للحوسبة، وشبكة تصنف بين أقوى شبكات الذكاء الاصطناعى فى العالم. والمفاجأة الثانية، أن هذه الفقرة التى تقرأها الآن منقولة من مقال الكاتب روز من النيويورك تايمز وكل ما فعلته هو ترجمتها عن طريق برنامج «جوجل المترجم». فهل تتصور عزيزى القارئ أن يأتى يوم تقرأ فيه مقالات يكتبها برنامج كومبيوتر فقط؟
باحث فى مجال السياسة والعلاقات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.