أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن المذابح التي تعرض لها الأرمن في الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى هي "إبادة جماعية"، في تطور جديد يتعلق بملف ما يسمى ب "مذابح الأرمن". وقال في بيان بمناسبة إحياء ذكرى الضحايا إنه في هذا اليوم من كل عام نتذكر أرواح جميع الذين ماتوا في الإبادة الجماعية للأرمن في العهد العثماني ونجدد التزامنا بمنع حدوث مثل هذه الفظائع مرة أخرى. وتقول تركيا أن كثيرين من الأرمن الذين كانوا يعيشون في الإمبراطورية العثمانية قُتلوا في اشتباكات مع القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، لكنها تشكك في أعداد من قُتلوا وتنفي أن تكون أعمال القتل مدبرة على نحو ممنهج ترقى الى الإبادة جماعية. قصة العداء التاريخي تقول دائرة المعارف البريطانية إن "المذابح" التي تعرض لها الأرمن تمت من خلال عمليات تهجير قسري وقتل جماعي نفذتها حكومة حزب تركيا الفتاة التي كانت تحكم الدولة العثمانية ضد الرعايا الأرمن في الإمبراطورية خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918). ويقول الأرمن إن تلك الحملة كانت محاولة متعمدة لإبادتهم وبالتالي تعد عملاً من أعمال الإبادة الجماعية. وفي بداية القرن العشرين كان هناك حوالي 2.5 مليون أرمني يعيشون في الإمبراطورية العثمانية تركز معظمهم في شرق الأناضول. كما عاش عدد كبير من الأرمن خارج الحدود الشرقية للإمبراطورية العثمانية في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا. وكانت الغالبية العظمى من الأرمن مزارعين فقراء، لكن القليل منهم حقق النجاح كتجار وحرفيين، وقد أدت مشاركة الأرمن في التجارة الدولية في القرنين السابع عشر والثامن عشر إلى إنشاء تجمعات أرمنية مهمة في إسطنبول ومدن الموانئ العثمانية وفي مناطق بعيدة مثل الهند وأوروبا. ورغم ذلك، أدى بروز وتعاظم نفوذ النخبة الأرمنية المتعلمة والعالمية إلى إثارة الشك والاستياء بين المسلمين، وفي القرن التاسع عشر، وكافح الأرمن ضد فكرة أنهم عنصر أجنبي داخل الإمبراطورية العثمانية وأنهم سيخونونها في النهاية ليشكلوا دولتهم المستقلة. وكان النشطاء الأرمن الشباب، وكثيرون منهم من القوقاز في روسيا، قد سعوا إلى حماية بني جلدتهم من خلال التحريض على إقامة دولة مستقلة، فشكلوا حزبين ثوريين هما هينشاك وداشناكتسوتيون في عامي 1887 و 1890. تركيا الفتاة والحرب العالمية الأولى وصلت مجموعة صغيرة من الثوار العثمانيين من جمعية الاتحاد والترقي وهي مجموعة داخل حزب تركيا الفتاة الأوسع، إلى السلطة في عام 1908. وقد رحب الأرمن بإعادة العمل بالدستور العثماني، ودفع التعهد بإجراء انتخابات خاصة بالأرمن وغيرهم من غير الأتراك داخل الإمبراطورية للتعاون مع النظام السياسي الجديد. وعندما بدأت الحرب العالمية الأولى في صيف عام 1914 انضمت حكومة تركيا الفتاة إلى ألمانيا والنمسا والمجر ضد الحلف الثلاثي الذي ضم بريطانيا وفرنسا وروسيا. ولأن الأرمن والآشوريين عاشوا على طول الجبهة الروسية العثمانية فقد حاول كل من الروس والعثمانيين تجنيد المسيحيين المحليين في حملاتهم ضد أعدائهم. وقد اقترحت تركيا الفتاة على حزب داشناكتسوتيون، الذي كان آنذاك الحزب السياسي الأرمني الرائد، إقناع الأرمن الروس وكذلك الأرمن في الأراضي العثمانية بالقتال من أجل الإمبراطورية العثمانية، فأجاب الحزب بأن الرعايا الأرمن سيظلون موالين للإمبراطورية التي يعيشون فيها، وقد اعتبرت حكومة تركيا الفتاة ذلك الرد بمثابة خيانة. وقد قاتل الأرمن في الإمبراطورية العثمانية إلى جانب العثمانيين، بينما قاتلت وحدات المتطوعين الأرمن المكونة من رعايا روس مع الجانب الروسي. "مذابح الأرمن" حاول أنور باشا صد الروس في معركة ساري قاميش في يناير من عام 1915 إلا أن العثمانيين منوا بأسوأ هزيمة في الحرب. بررت حكومة تركيا الفتاة هزيمتها ب "الخيانة الأرمنية" فتم تسريح الجنود الأرمن وغيرهم من غير المسلمين في الجيش ونقلهم إلى كتائب عمالية، وتم بعد ذلك قتل الجنود الأرمن المنزوع سلاحهم بشكل منهجي على يد القوات العثمانية، وهم كانوا أول ضحايا ما سيصبح لاحقاً مذابح الأرمن، وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية. وفي نفس الوقت تقريباً، بدأت القوات غير النظامية تنفيذ عمليات قتل جماعي في القرى الأرمنية بالقرب من الحدود الروسية. وقد وفرت المقاومة الأرمنية ذريعة للسلطات لاستخدام إجراءات أشد قسوة، ففي أبريل من عام 1915 تحصن الأرمن في مدينة وان في الحي الأرمني بالمدينة، وقاتلوا ضد القوات العثمانية، وفي 24 أبريل أمر طلعت باشا باعتقال ما يقرب من 250 من المفكرين والمثقفين والسياسيين الأرمن في اسطنبول، بينهم عدد من النواب في البرلمان العثماني، وقد قُتل معظم الرجال الذين تم اعتقالهم في الأشهر التالية، وذلك بحسب دائرة المعارف البريطانية نقلا عن مصادر المقاومة الأرمينية. وبعد فترة وجيزة من الهزيمة في معركة ساري قاميش، بدأت الحكومة العثمانية في تهجير الأرمن من شرق الأناضول على أساس أن وجودهم بالقرب من الخطوط الأمامية يشكل تهديداً للأمن القومي. وقد رافق التهجير القسري، الذي أشرف عليه مسؤولون مدنيون وعسكريون، حملة قتل جماعي ممنهجة نفذتها القوات غير النظامية، وعندما وصل الناجون إلى صحراء سوريا عانوا في معسكرات الاعتقال حيث مات الكثيرون منهم جوعاً. وحسب التقديرات المحافظة فإن ما بين 600 ألف إلى أكثر من مليون أرمني قتلوا أو ماتوا خلال عمليات التهجير. وقد شهد أحداث 1915-1916 عدد من الصحفيين والمبشرين والدبلوماسيين وضباط الجيش الأجانب الذين أرسلوا تقارير حول مسيرات الموت وحقول القتل. وقد اعترفت الحكومة التركية بحدوث عمليات تهجير قسري إلا أنها أكدت أن الأرمن كانوا عنصراً متمرداً كان يجب ضبطه خلال مرحلة كانت البلاد تواجه فيها خطراَ على أمنها القومي، وقد أقرت بحدوث بعض عمليات القتل، لكنها تؤكد أنها لم تكن بمبادرة من الحكومة أو بتوجيه منها. وقدم المسؤولون الحكوميون في تركيا في عام 2014 تعازيهم للضحايا الأرمن، لكن الأرمن يطالبون تركيا بالإعتراف بأن جرائم القتل خلال الحرب العالمية الأولى كانت إبادة جماعية.