شكك شهود عيان صحة الروايتين البريطانية والإسرائيلية بأن وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة، حزب «كاديما» المعارض، تسيبى ليفنى لم تكن فى لندن حين صدرت مذكرة قضائية باعتقالها. هذه المذكرة أصدرها قاض فى محكمة بريطانية بالعاصمة أمس الأول فى الواحدة والنصف ظهرا بتوقيت لندن؛ على خلفية اتهامات ليفنى بالمسئولية عن ارتكاب جرائم حرب خلال العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة ما بين السابع والعشرين من ديسمبر والثامن عشر من يناير الماضيين. وقالت مصادر فى منظمات التضامن مع الفلسطينيين فى لندن لقناة «الجزيرة» القطرية إن شهود عيان شاهدوا ليفنى فى قاعة فندق هندون بالعاصمة البريطانية، وأن القاضى علم بوجودها فى بريطانيا. وأضافت المصادر أن هناك شكوكا بأن ليفنى قد تم تهريبها من بريطانيا، خاصة أنها كانت مسئولة سابقا فيما يسمى «البيوت الآمنة» فى أوروبا التابعة لجهاز الاستخبارات الإسرائيلى الخارجى (الموساد)، فى إشارة إلى سهولة خروجها من بريطانيا. واتهمت المصادر وزارة الخارجية البريطانية بمحاولة تعطيل القضية، والتأثير على قرار القاضى. وتناقض روايات الشهود ما أعلنه مكتب ليفنى أمس الأول من أنها ألغت زيارتها للندن، التى كانت مقررة نهاية الأسبوع؛ بسبب مشاكل فى جدولة الزيارة. كما قالت مصادر دبلوماسية فى لندن إن المحكمة ألغت مفعول مذكرة الاعتقال بعد أن تبين أن ليفنى غير موجودة فى بريطانيا. وفى أول رد فعل رسمى على قرار المحكمة البريطانية، طالبت الخارجية الإسرائيلية لندن بالعمل على وقف هذا القرار. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس أن الخارجية اتهمت المحكمة التى أصدرت القرار لأنها «تخضع لتأثير كبير من منظمات مختلفة». ونوهت الخارجية فى بيان إلى أنه فى حال لم يستطع أى سياسى إسرائيلى زيارة بريطانيا وتلقى الاحترام الكافى، فإن ذلك سيقود إلى تراجع فى العلاقات بين إسرائيل وبريطانيا، إضافة إلى تأثر التعاون القائم الآن بين الجانبين فى الشرق الاوسط فيما يخص عملية السلام، لتجد الحكومة البريطانية نفسها خارج هذا التعاون، وينتهى دورها فى المنطقة. بدوره، انتقد سفير إسرائيل فى لندن رون بروسور قرار المحكمة قائلا لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلى أمس إن «الوضع الحالى اصبح لا يطاق، وحان الوقت ليتغير»، مضيفا أنه: «واثق من أن الحكومة البريطانية ستدرك أنه حان الوقت ليتغير، وأنها لن تكتفى فقط بالتصريحات». من جهتها، قالت متحدثة باسم الخارجية البريطانية إن بلادها «عازمة على القيام بكل ما فى وسعها لتشجيع السلام فى الشرق الاوسط، وأن تكون شريكة استراتيجية لإسرائيل»، مضيفة أنه «لهذا الغرض، ينبغى على القادة الاسرائيليين ان يتمكنوا من المجيء إلى بريطانيا لاجراء محادثات مع الحكومة البريطانية. اننا ندرس بطريقة عاجلة تداعيات هذه القضية» فى إشارة إلى صدور أكثر من مذكرة اعتقال بحق مسئولين إسرائيليين حاليين وسابقين. ويتعرض مسئولون إسرائيليون كبار، بينهم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت ووزير الدفاع إيهود باراك، لتهديدات بملاحقات قضائية فى بريطانيا إثر شكاوى قدمتها منظمات مؤيدة للفلسطينيين. معقبا على مذكرة الاعتقال قالت ليفني، زعيمة المعارضة، إنه «لا يمكن المقارنة بين عمليات عسكرية لجنود وبين نشاطات يمارسها إرهابيون» فى إشارة إلى المقاومة الفلسطينية، وفقا لما نقلته إذاعة صوت إسرائيل. وأضافت: «لو اضطررت مجددا إلى اتخاذ القرار بشن هذه العملية لكنت اتخذت نفس القرار». وتسبب العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة فى استشهاد أكثر من 1400 فلسطينى وإصابة أزيد من 5400 آخرين بجروح، نصفهم تقريبا من الأطفال والنساء، فضلا عن الدمار الواسع فى أرجاء القطاع المحاصر منذ يونيو 2007، مقابل مقتل 13 إسرائيليا فقط، بينهم ثلاثة مدنيين.