شاد راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة الإسلامية ورئيس البرلمان التونسي، بمسيرة "التوافق" مع خصمه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي عشية الذكرى الأولى لوفاته، ما جنب تونس الانزلاق إلى الفوضى بعد ثورة 2011. وكتب الغنوشي مقال تأبين للباجي، الذي توفي يوم 25 يوليو 2019 قبل أشهر من انتهاء عهدته الرئاسية، نشرته مجلة "ليدرز" اليوم الأربعاء، ووصف من خلاله علاقاته بالسبسي ب"ملحمة التوافق الوطني". ولا تعكس تلك العلاقة في الواقع الصراع الأيديولوجي التاريخي المرير منذ سبعينات القرن الماضي بين الإسلاميين والعلمانيين الليبراليين في تونس. والسبسي هو أحد السياسيين البناة للدولة الوطنية إبان الاستقلال في خمسينات القرن الماضي، ويمثل وجها من نظام قادة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، وكانت علاقاته متوترة مع المعارضة ومن بينهم الإسلاميين على وجه الخصوص. وعاد بعد غياب استمر لعقدين في حكم الرئيس الراحل زين العابدن بن علي، ليقود حكومة انتقالية بعد الثورة كان لها دور في ترسيخ الديمقراطية والتعددية في تونس. ومثل انضمام حركة النهضة إلى ائتلاف حكومي في 2014 يقوده حزب حركة نداء تونس، الذي أسسه السبسي عام 2012 من أجل وضع توازن سياسي في البلاد بعد فوز كبير للاسلاميين في انتخابات 2011، ذروة التوافق بين الرجلين المخضرمين. وقال الغنوشي في مقاله: "كان ثمة صراع بين خياري التوافق والإقصاء وكان سي الباجي مع التوافق بالطبع، وكنت مقتنعا بأن المطلوب ليس عدد الوزارات التي ستحصل عليها النهضة بل هزم مشروع الإقصاء والاستئصال". وكانت بداية التوافق عقب لقاء أول شهير في باريس أثناء أزمة خطيرة مرت بها تونس عام 2013 كادت تلقي بالبلاد في حرب أهلية جراء اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في نفس العام. وأضاف: "كانت لكل منا رؤيته في كثير من الملفات، ولكن التقينا تحت خيمة المصلحة الوطنية والمحبة الشخصية، فكان خلافنا رحمة ولقاؤنا فرصة للتقدم بتونس نحو المزيد من الأمن والاستقرار". يأتي مقال الغنوشي مع وضع سياسي واقتصادي دقيق تعيشه تونس اليوم في ظل استقالة حكومة الياس الفخفاخ وصراعات حتى العنف بين الاسلاميين وخصومهم القدامى في البرلمان، دفعت الرئيس قيس سعيد إلى التهديد باتخاذ تدابير دستورية لم يوضحها.