قد يرى معظم الناس أن زيارة مدينة ولنجتون النيوزيلندية تمثل عبئا ثقيلا عليهم، فالذهاب إليها يكون من خلال رحلات طيران طويلة مرهقة مع الجلوس داخل طائرات ضيقة المقاعد، غير أن أولئك الذين يريدون الحد من الانبعاثات الغازية الكربونية أو الذين لا يحبون الرحلات الجوية أو الذين ليس لديهم الوقت والمال للقيام برحلة إلى هذه المدينة، يمكنهم الآن زيارتها وإن كان ذلك سيتم عبر العالم الافتراضي. وأسست وكالة "ريستلر" للأعمال الابتكارية التي تقوم بإنتاج ألعاب الفيديو ومقرها ولنجتون، موقع "ويل تاون" الذي يحول العاصمة النيوزيلندية إلى لعبة إليكترونية ممتعة تمارس في الواقع الافتراضي، حيث يوجه اللاعبون الطلقات إلى كائنات خرافية خارقة للطبيعة، ويمارسون هواية الغطس وسط الحيتان، ويعتقد المبتكرون أنهم اخترعوا أول مدينة في العالم داخل لعبة. وتقول كات لينتوت المؤسسة المشاركة لوكالة ريستلر "إنها أول مدينة يمكنك زيارتها في الواقع الافتراضي، وتمارس فيها الألعاب الإليكترونية التي تمثل معالم المدينة، وتساعدك على معايشة - بشكل حقيقي - ما تود أن تزوره أو تقيم فيه في ولنجتون". ونقطة البداية بالنسبة للاعبين هي أعلى جبل فيكتوريا الذي يبلغ ارتفاعه 196 مترا والمطل على ولنجتون، هذه المدينة الجزيرة بالمحيط الهادئ، ويتم اصطحابهم في جولة حول العاصمة التي يأتي في إطارها ميناؤها الشهير وتلالها المتموجة. ويبلغ عدد سكان ولنجتون 420 ألف نسمة تقريبا وتشتهر أساسا بمقاهيها ومعالمها الثقافية، وبصناعة المؤثرات الصوتية والبصرية الخاصة التي ساعدت على تصوير أفلام سينمائية ضخمة الإنتاج، مثل ملك الخواتم وثلاثية الهوبيت و"أفتار" و"مورتال إنجينز" الأكثر حداثة. وعندما اتصلت هيئة السياحة النيوزيلندية أولا بالسيدة لينتوت لابتكار تجربة معايشة ولنجتون عن طريق الواقع الافتراضي، قالت "انبعثت على الفور من داخلي المهارة في تصميم برامج الكمبيوتر". وتضيف لينتوت إن الواقع الافتراضي يفتح سبلا جديدة لفن الحكي والقص، وتتابع "لا أحد يعرف القواعد التي تحكم هذا المجال الجديد، كما لا يوجد خبير في هذا الفن ومن هنا فإننا جميعا نحرك الحواجز منطلقين لنطرق دروبا جديدة، ونحن نقتبس المعلومات من الأفلام والوسائل التقنية والألعاب الإليكترونية والمسرح، وإنه لأمر يجلب المرح إلى القلوب". واستخدم المطورون لهذا البرنامج الحاسوبي بيانات تشمل مختلف أنحاء مدينة ولنجتون لتصميم "ويلنجتون الافتراضية"، ثم أضافوا مجموعة من القصص وطريقة الألعاب مستخدمين أساليب تسجيل حركات الأشخاص رقميا وفنون الجرافيك ومقاطع الفيديو ثلاثية الأبعاد والمساحة التصويرية، وهي فن الحصول على معلومات عن مكان ما بواسطة الصور. وأسهم قرابة 50 شخصا في المشروع الذي بلغت تكاليفه 300 ألف دولار نيوزيلندي (206 آلاف دولار أمريكي)، وتقول لينتوت "بدأت المناقشات حول تنفيذ المشروع منذ نحو 18 شهرا غير أن تطوير اللعبة استغرق حوالي ستة أشهر". ومن المعروف أن العاملين في الشركات التي تنتج أعمالا ابتكارية يلتقون حول مائدة حوار من أجل تبادل الأفكار فيما يعرف باسم "العصف الذهني"، وتم إعادة تسمية العملية بالنسبة لمطوري برامج الواقع الافتراضي لتصبح "عملية عصف بدني"، وتشكل العملية قيام فريق العمل بخطوات محتملة داخل غرفة كبيرة. وتوضح لينتوت مراحل العملية الابتكارية قائلة "نقوم بإعداد المشهد من الناحية المادية، تمهيدا لمعرفة ما هي المشاعر الناتجة عن التجربة الرقمية ابتداء من التفاعل مع الشخصيات إلى كيفية تحرك اللاعبين أو تفاعلهم أو قيامهم بخطوات أو النظر داخل مشهد، وبحلول الوقت الذي نقوم فيه ببناء المشهد داخل التطبيق الإليكتروني يتم استكشاف الكثير من نواحي تجربة المستخدم". وتكون النتيجة لعبة إليكترونية يتعين على اللاعبين فيها استكمال سلسلة من التجارب، تشمل إطلاق جرعات من مشروب القهوة على كائنات خرافية تظهر على شاشة الكمبيوتر، والوصول إلى محطة قطارات ولنجتون والسباحة مع الحيتان في ميناء المدينة، والاستمتاع بغناء جوقة من طيور نيوزيلندا ذات الألوان البهيجة عند الفجر داخل غابة محلية يانعة الخضرة تحيط بالمدينة. ولكن بالطبع لا يمكن أن تكون هناك لعبة حول ولنجتون بدون تقديم بادرة تقدير وامتنان لمشهد الفنون والموسيقى المتألق والمفعم بالحيوية بالمدينة، وتتم دعوة اللاعبين لقرع الطبول في الوقت الذي يقومون فيه بالغناء مع المغني دان بيبان من فرقة "أوركسترا أوف سفيرز" المحلية . وهذه الفرقة الموسيقية تشتهر بأنها تستخدم بشكل ابتكاري مجموعة من الآلات الموسيقية المصنعة يدويا. ويقول بيبان "إنه لأمر صعب للغاية إنتاج أغنية تستغرق دقيقة واحدة ولكنني أعتقد أن الأمر نجح". ويمكن لمستخدمي اللعبة أيضا أن يقتربوا ويجروا اتصالا شخصيا مع أعضاء فريق الرجبي النيوزيلندي الشهير المعروف باسم "أول بلاكس"، والقيام بجولة داخل كواليس صناعة السينما النيوزيلندية. ويمكن تنزيل لعبة "ويل تاون" من شبكة الإنترنت مجانا، غير أن اللاعبين يحتاجون سماعة رأس خاصة بالواقع الافتراضي لكي يستمتعوا باللعبة والتي من المقرر أن تطرح في المعارض السياحية حول العالم. وتطرح لينتوت سؤالا "إذا تم إعطاؤك نشرة صحفية أو سماعة رأس فأي الشيئين ستتذكر أكثر ؟ وهناك أيضا مقطع فيديو ثلاثي الأبعاد لا يتم التفاعل من خلاله، ولكن يمكن تجربته باستخدام منصة جوجل لمشاهدة الواقع الافتراضي. ولا تنتهي تجربة مشاهدة معالم ولنجتون بلعبة "ويل تاون" ، حيث أنها لعبة تفاعلية مفتوحة لمشاركة الجمهور الذي يتم دعوته لإضافة مزيد من معالم ولنجتون التي استهوته. وتوضح لينتوت قائلة "إننا بنينا المنصة وهي لن تكلف كثيرا في حالة توسيعها لتكون أكبر نسخة متنامية للألعاب حول ولنجتون والتي تعد بالفعل فريدة من نوعها".