*خبراء: تخفيض الفائدة لم يعط مطروحا بسبب المنافسة على جذب الأموال الساخنة *رفع أسعار الفائدة كان ضمن حسابات المركزى.. وأسعار النفط حالت دون تنفيذه أربكت الأزمات الخارجية حسابات البنك المركزى التى كان يسعى إلى تطبيقها خلال الفترة الماضية. وبالرغم من أن المسرح كان مهيأً لتنفيذ استراتيجية البنك المركزى لخفض أسعار الفائدة لتحفيز النمو الاقتصادى، خاصة مع تراجع معدلات التضخم إلى المستويات المستهدفة بعد اتباع سياسات نقدية سليمة مع تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى فإن الأوضاع العالمية والإقليمية حالت دون تنفيذ تلك الاستراتيجية. وقال خبراء إن ارتفاع أسعار النفط العالمية والتنافس بين الدول على جذب الأموال الساخنة إلى أدوات الدين المحلية حال دون السير فى خفض البنك المركزى لأسعار الفائدة، بل أكدوا أن رفع أسعار الفائدة كان بين الأوراق المطروحة لكن ارتفاع أسعار النفط العالمية حالت دون استخدامها، حتى لا يتفاقم عجز الموازنة بسبب زيادة تكلفة دعم الوقود وارتفاع خدمة الدين إذا ما جرى اتخاذ تلك الخطوة. وأكدت قيادات مصرفية ل (مال وأعمال الشروق) أن ارتفاع أسعار البترول سوف يحمل الموازنة العامة للدول أعباء اضافية وأى رفع للفائدة سيحمل الموازنة العامة للدولة اعباء اخرى ولذلك فلن يلجأ البنك المركزى إلى رفع أسعار الفائدة خلال العام الجارى للحفاظ على هذه الاستثمارات الأجنبية وعدم تخارجها من السوق المصرية خاصة وان المستثمرين الأجانب تخارجهم فى الوقت الحالى يرجع إلى وجود اسعار فائدة اعلى فى الاسواق الناشئة خاصة فى ظل أزمات الأسواق الناشئة التى صاحبها ارتفاعا فى أسعار الفائدة بدولتى الارجنتين وتركيا، جعلتهما محط أنظار العديد من المستثمرين للاستثمار بأدوات الدين. وقال أحمد كجوك نائب وزير المالية المصرى فى تصريحات نهاية الأسبوع الماضى إن استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومية بلغت 14 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر ويقل ذلك عن مستوى 17.5 مليار دولار المسجل فى نهاية يونيو ومستوى 23.1 مليار دولار المسجل فى نهاية مارس 2018. وأكد طارق حلمى الخبير المصرفى أن تسارع وتيرة ارتفاع أسعار النفط عالميا خلال الأشهر القليلة الماضية، لتحوم حول 85 دولارا للبرميل حاليا ما يلقى بأعباء إضافية على مشروع الموازنة المصرية للعام المالى الجارى 2018/ 2019. ووضعت الحكومة موازنتها للعام المالى الحالى على أساس 67 دولارا للبرميل، ما يعنى أن تقديراتها لأسعار النفط كانت أقل ب 18 دولارا. وكل زيادة فى سعر برميل خام برنت بقيمة دولار واحد خلال العام المالى، تكبد الموازنة العامة أعباء إضافية بواقع 4 مليارات جنيه (224 مليون دولار) وفقا لوزارة المالية. وأضاف أن ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات فوق السعر المقدر بمشروع الموازنة، سيؤدى إلى «تفاقم فاتورة دعم المنتجات البترولية»، مشيرا إلى أن سعر خام برنت من «ضمن العوامل التى تؤثر فى فاتورة دعم المنتجات البترولية بمصر، إضافة إلى سعر صرف الدولار وحجم الاستهلاك». وشدد حلمى على أن ارتفاع أسعار البترول سيدفع إلى زيادة العجز بالموازنة فوق النسبة المقدرة 8.4 بالمائة فى العام المالى الجارى، كما يدفع الدولة إلى مزيد من الاقتراض أو فرض ضرائب جديدة ولذلك فلن يلجأ المركزى لأى رفع لأسعار الفائدة حاليا لعدم تفاقم الدين العام. يذكر أن مصر تستورد 30% من احتياجات السوق المحلية من المنتجات البترولية من الخارج وفقا لوزارة البترول والثروة المعدنية. وتتوقع ارتفاع استهلاكها من المواد البترولية بنسبة 10.24% إلى 35.5 مليون طن فى العام المالى الجارى، مقابل 31.8 مليون طن فى العام المالى الماضى 2017 2018. وقدرت وزارة المالية المصرية فاتورة دعم المواد البترولية للعام المالى 2018 2019 بنحو 89 مليار جنيه (4.9 مليارات دولار)، مقابل نحو 110 مليارات جنيه فى العام المالى الماضى. ويستهدف مشروع الموازنة العامة المصرية خفض العجز الكلى للموازنة إلى 8.4% فى العام المالى الجارى، مقابل نحو 9.8% فى العام المالى الماضى. وأكد شريف الشربينى مدير الاستثمار بأحد البنوك أن البنك المركزى المصرى فى موقف لا يُحسد عليه خلال الفترة الحالية بسبب أزمة الأسواق الناشئة بالإضافة للإجراءات الحمائية التى بدأتها الدول الكبرى وعلى رأسها أمريكا بالإضافة إلى ارتفاع اسعار النفط عالميا وتأثيره السلبى على الموازنة العامة للدولة. وأشار إلى أن تلك الأزمات بدأت تؤثر بشكل مباشر على السوق المحلية من خلال خروج ما يطلق عليها «الأموال الساخنة»، من أدوات الدين الحكومية وارتفاع عوائد تمويلها. واستبعد الشربينى قيام البنك المركزى برفع الفائدة خلال العام الجارى مع ارتفاع اسعار النفط فلا يمكن ان تتحمل الموازنة العامة للدولة رفع الفائدة وارتفاع اسعار البترول. وأضاف أن البنك المركزى المصرى قد يكون لزاما عليه رفع أسعار الفائدة لمواكبة مستويات العائد الجديدة فى الأسواق الناشئة والحفاظ على تواجد الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وضمان تمويل أدوات الاستدانة الحكومية، لكن ضغوط أخرى تدفع فى اتجاه التثبيت أهمها، عدم المساهمة فى ارتفاع عوائد تمويل عجز الموازنة والسعى لدعم النمو الاقتصادى وإنعاش الاستثمار المباشر وبالتالى الطلب على القروض البنكية، بالإضافة إلى عدم تعميق موجة الهبوط الحالية للبورصة المصرية. وأشار إلى أن وزارة المالية قررت مؤخرا إلغاء ثلاثة عطاءات متتالية على سندات الخزانة، بسبب طلب المستثمرين عوائد مرتفعة وصفتها الوزارة بغير المنطقية. وذكر أن الطلب على الدين المصرى تراجع بشدة فى شهرى أغسطس وسبتمبر مقارنة بمتوسط 13 شهرا سابقة حسب بيانات البنك المركزى، رغم استقرار سعر العملة نسبيا. وأوضح أن مصر بحاجة إلى معرفة كيفية الحفاظ على جاذبية ديونها حتى لا تخاطر بزيادة العوائد أو تجعل خطط خفض العجز أكثر صعوبة. وأضاف أن عدم تأثر قيمة الجنيه أمام الدولار بشكل عنيف رغم تراجع أغلب عملات الأسواق الناشئة بنسب كبيرة وكذا خروج أكثر من 6 مليارات دولار من سوق الدين الحكومى فى غضون 3 او 4 شهور، يؤكد أن الاقتصاد المصرى حقق اتزانا بدعم من تنفيذ الحكومة لبرنامج الإصلاح الهيكلى للاقتصاد الذى أتى بثماره على عدة مستويات أهمها ترشيد الإنفاق الحكومى وبناء احتياطى أجنبى قوى وتحقيق معدلات نمو مرتفعة. وأشار إلى أن الترقب والحذر يسيطران فى الوقت الحالى على المشهد الاقتصادى المصرى، فى ظل المتغيرات السريعة التى تشهدها الساحة العالمية، مؤكدا أن الاقتصاد المحلى ليس بمعزل عن العالم وأن الجميع يترقب انعكاسات ما يجرى بالخارج على السوق المحلية. وأضاف أن السياسة النقدية فى مصر أخذت سبيلها نحو خفض معدلات الفائدة فى مطلع العام الجارى تماشيا مع انحسار وتراجع معدلات التضخم ونحو تطبيق سياسة أقل تشددا لاستهداف النمو، إلا أن المتغيرات الطارئة على الساحة الدولية والتى لا يمكن الانعزال عنها عرقلت استكمال مسيرة الخفض ما دفع البنك المركزى للحفاظ على معدلات العائد عن مستوياتها الحالية.