قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، اليوم الأربعاء، إن "الإرهاب" الذي "أُلصِق" بالإسلام "دون غيره" من الديانات الأخرى ليس "صناعة عربية إسلامية خالصة"، معتبرا أن "إمكانات المنطقة العربية التقنيَة والتدريبيَة والتَسليحيَة لا تَكفي لتفسير ظهور هذا الإرهاب ظهورا مباغتا بهذه القوَة الهائلة التي تمكنه من التنقل والتحرك واجتياز حدود الدول". وأضاف الطيب، في خطاب ألقاه في افتتاح المؤتمر السادس ل"زعماء الأديان العالمية والتقليدية" في أستانا عاصمة كازاخستان اليوم. وإلى النص الكامل لكلمته.. قال إن: "أطَلَّ القرن الواحد والعشرون فجاء امتدادا لنوع آخر من الحروب، هي حروب الإرهاب، وسرعان ما ألصق اسم الإرهاب بالإسلام وحده من بين سائر الأديان، وبالمسلمين وحدهم من بين سائر المؤمنين بهذه الأديان". وتابع: "يحزنني كثيرا... أن أقول إنَنا كدنا نصَدق هذه الأكذوبة الماكرة، وأهدَرنا كثيرا من الجهد والطَاقة فيما يشبه الدفاع عن الإسلام، وتَبرئته من تهمَة الإرهاب مع أنَ المقام ليس مقام دفاع بقَدر ما هو مقام فضح للنوايا السَيئة والحمَلات الإعلاميَة الممَنهَجة التي أفلَحت – نعم أفلحت، وأقولها بكل أسى ومرارة- في أن تربط في وعي جماهير الغرب بين الإسلام والإرهاب، والمسلمين والوحشية والبربرية ، واستطاعت أن تروعَ شباب العالَم وأطفاله ونساءه ورجاله من هذا الدين". ورأى أن "إمكانات المنطقة (العربية) التقنيَة والتدريبيَة والتَسليحيَة لا تَكفي لتفسير ظهور هذا الإرهاب ظهورا مباغتا بهذه القوَة الهائلة التي تمكنه من التنقل والتحرك واجتياز حدود الدول، والكَر والفَر في أمان تام، ممَا يحملنا على الشَك، كل الشَك في أن هذا الإرهاب الذي وُلدَ بأسنان وأنياب ومخالب (هو) صناعة عربيَة إسلاميَة خالصة". وتابع "نقول هذا ونحن نعترف بأن المسرح فعلا مسرح عربي إسلامي، وأنَ اللاعبينَ مسلمون وعَرَب، لكننا نرتاب كثيرا في أن يكون أي من نص المسرحية وإخراجها عربيا خالصا أو إسلاميا خالصا". ولاحظ أن الإرهاب "الذي مارس جرائمه البشعة تحت لافتة الإسلام، استهدف المسلمين رجالا ونساء وأطفالا، ولم يستهدف غيرهم إلَا استثناء من قاعدته التي روَع بها المنطقة العربيَة بأسرها من أقصاها إلى أقصاها، واستهدف قطع رؤوس المسلمين وحدهم في صور بشعة نكراء مقترنة بصيحة (الله أكبر) ليترسَخ في وجدان الآخرين أن هذا هو دين الإسلام، وأن الصبر عليه وعلى المؤمنين به لم يعد محتملا، وأنَ سياسات عالميَة جديدة يجب أن تَنزلَ على الأرض لتغير هذه الأوضاع الوحشية". واعتبر الطيب أن الإرهاب "صنيعة سياسات عالمية جائرة ظالمة ضَلَت الطَريق وفَقَدَت الإحساس بآلام الآخرين من الفقَراء والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدونَ سبيلا". ومضى يقول "هذا التفسير يكشف لنا عن سر استقطاب جماعات الإرهاب طائفة من الشَباب في أوروبا لم يعرف لهم ولا لعائلاتهم سابقة في التدين أو الالتزام بأحكام الشَريعة". وذكر أن نتائج إحدى الدراسات أظهرت أن "أغلبية الشباب المجنَدين من الشباب الأوروبي في العراق وسورية ليسوا من المتدينين". خلص إلى أن "القضية ليست قضية شباب مسلم وجهاد إسلامي، وإنما هي قضية الظلم والتَهميش، والإحساس بالدونيَة وانتقَاص الحقوق، أو قَسوَة الاغتراب النَفسي عند بعض الشباب، نتيجة فراغ الحضارة المعاصرة من قيَم الدين وأخلاقياته وتعاليمه". وقال إن "المسؤولينَ عن السياسة الدوليَة أنفَقوا تريليون ونصف تريليون دولار على الحروب المندَلعة في أفغانستانوالعراق وسورية في الفترة من 11 سبتمبر 2001 وحتى 31 مارس 2018 و إن هذا المبلغ يعادل ميزانيَة دولة كبرى مثل ألمانيا لمدَة خمس سَنوات". وتساءل الطيب :"لماذا؟ ولمصلحة مَن؟ وهل كان يسمَح بإنفاق عشر معشار هذا الرَقم لمصلحة الشعوب البائسة المحتاجة، ولمحاربة الفَقر والمرَض والجهل؟ ومن أجل الجوعى والمشرَدين والمهجرين من بيوتهم وأوطانهم رغم أنوفهم، في ميانمار وفي القدس وغيرهما؟". ويبحث المؤتمر السادس ل"زعماء الأديان العالمية والتقليدية" الذي يتواصل لمدة يومين، تعزيز دور القيادات الدينية في استتباب "الأمن الدولي"، من خلال مكافحة التطرف الديني المؤدي إلى الإرهاب، ونبذ الكراهية والعنف، بحسب المنظمين.