بالقانون .. للعامل مثل أجر اليوم الذى عمله في الأعياد الرسمية أو يوم عوضا عنها    عقوبات صارمة للموظف العام المتعدي على أراضي الدولة أو الأملاك العامة    3 سنوات حبس وجوبي للزوج المعتدي على زوجته وفقًا لقانون العقوبات    أسعار الأسماك اليوم الأحد 8 يونيو في سوق العبور للجملة    سعر الدولار اليوم الأحد 8-6-2025 أمام الجنيه المصرى فى بداية التعاملات    وزير الزراعة يطمئن على حالة مسئول حماية الأراضي بسوهاج بعد الاعتداء عليه خلال حملة إزالة    أسعار الدولار اليوم الأحد 8 يونيو 2025    «روزاليوسف» رصدت حركة البيع والأسعار فى عدد من مناطق القاهرة الكبرى الأضحية.. بهجة المصريين بالعيد    تعرف على موعد جلسة مجلس النواب الأولى بعد عيد الأضحى    وزير الرى: التعامل الفوري مع المخلفات والقمامة بعدد من المصارف الزراعية بالجيزة    رابحون فى الشرق الأوسط    استشهاد 11 شخصا وإصابة العشرات في قصف إسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات بغزة    وريثات عروش ملكية أوروبية غيرن الصورة النمطية عن حياتهن المخملية مقاتلات برتبة أميرات    العالم هذا الصباح.. رئيس الوزراء السودانى: الحرب تقترب من نهايتها.. ترامب يهدد بتدخل فيدرالي في كاليفورنيا ولوس أنجلوس لوقف الشغب.. ألمانيا: خطط لبناء ملاجئ تحت الأرض استعدادا لهجوم روسى    آلاف الإسرائيليين يتظاهرون مطالبين باتفاق تبادل أسرى ووقف الحرب    من الجزيرة إلى ميامى الأهلى بألوان المجد فى بلاد العم سام    مواعيد مباريات اليوم الأحد 8 يونيو والقنوات الناقلة لها    المواجهة الأولي بين رونالدو ويامال .. تعرف علي موعد مباراة البرتغال وإسبانيا بنهائي الأمم الأوروبية    صباحك أوروبي.. نوري يجتاز الفحوصات.. مصير شتيجن.. وعرض جديد لأوسيمين    السماوى يتوج بكأس الأميرة السمراء بيراميدز يخلع ثوب الطموح ويرتدى رداء الأبطال    وفاة شاب في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بالمحلة الكبرى    أجواء حارة.. تفاصيل طقس الأقصر فى ثالث أيام عيد الأضحى المبارك    وفاة طفل وإصابة آخر دهستهما سيارة نقل في قنا    حجاج بعثة القرعة يواصلون رمي الجمرات في ثاني أيام التشريق    أسما شريف منير تتصدر تريند "جوجل".. لهذا السبب    ريستارت «تامر حسنى»    إسدال ستار سميحة أيوب: وداعًا سيدة المسرح    عائلة نوار البحيرى تعلن موعد تشييع جنازته    من قلب الحرم.. الحجاج يعايدون أحبتهم برسائل من أطهر بقاع الأرض    النسوية الإسلامية «خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى» السيدة هاجر.. ومناسك الحج "128"    إصابة مرشح رئاسي برصاصة في رأسه في كولومبيا.. ومكافأة للكشف عن مرتكبيها    مسؤولون أمريكيون: واشنطن ترى أن رد موسكو على استهداف المطارات لم يأت بعدا    بالأسماء| مصرع وإصابة 10 أشخاص في انهيار سقف مخزن جلود بالبحيرة    استمرار خروج مصر من القائمة السوداء يعكس التزامًا دوليًا بالإصلاحات    هشام عباس يتألق بأغانيه في حفله بعيد الأضحى على مسرح البالون (صور)    مسؤولون أمريكيون: الرد الروسي على هجوم المسيرات الأوكرانية لم ينته بعد    انتشال جثمان غريق من ترعة الإبراهيمية بالمنيا    نشرة أخبار ال«توك شو» من المصري اليوم..استشاري تغذية يحذر من شوي اللحوم في عيد الأضحى.. أحمد موسى: فيديو تقديم زيزو حقق أرباحًا خيالية للأهلى خلال أقل من 24 ساعة    زيزو بعد وصوله ميامي: متحمس جدا لخوض كأس العالم للأندية لأول مرة في حياتي    عقرهم كلب.. كواليس إصابة طالبين في مشاجرة داخل سايبر بالعجوزة    زيزو يكشف سر رقم قميصه مع النادي الأهلي.. ويختار اللاعب الأفضل في مصر    أوليه: ريفر بليت حاول ضم رونالدو لأجل كأس العالم للأندية    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. ثالث أيام العيد    مدير عام "تأمين الغربية" يتفقد مستشفى المجمع الطبي بطنطا في جولة عيد الأضحى    بعد تناول لحمة عيد الأضحى.. 5 أعشاب لتنظيف وتطهير القولون والتخلص من السموم    بسبب بكتيريا السالمونيلا.. سحب 1.7 مليون بيضة من الأسواق الأمريكية    «صندوق المكافحة»: أنشطة بالمناطق «بديلة العشوائيات» للتوعية بأضرار المخدرات    البابا تواضروس يناقش أزمة دير سانت كاترين مع بابا الڤاتيكان    الوقت غير مناسب للاستعجال.. حظ برج الدلو اليوم 8 يونيو    في ذكرى وفاة المشير الجمسي، تعرف على آخر وزير حربية بمصر والمصنف ضمن أبرع 50 شخصية عسكرية بالعالم    إقبال كبير من المواطنين في الدقهلية على الحدائق ثاني أيام عيد الأضحى.. صور    في لفتة إنسانية.. الرئيس يطمئن على أحد الأئمة ويكلف بعلاجه فورًا    تعرف على برجك اليوم 2025/6/8.. «الثور»: تمل من العطلة.. و«العذراء»: تمر بحالة من الهدوء والتأني    81 عاما من العطاء.. قضتها "نفيسة" في محو الأمية وتحفيظ القرآن للأهالي مجانا    قد تتحول إلى سموم ..تجنب وضع هذه الأشياء داخل الميكروويف    كل عام ومصر بخير    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشِّعر برهة دهشة تُترجم النّور
نشر في شموس يوم 06 - 09 - 2017


"لسائلي أإلهٌ أنتَ؟ قلتُ بلى!" (سعيد عقل)
لكي نفهم عمق قول سعيد عقل، ينبغي أن نتبيّن أوّلاً معنى الألوهيّة الشّعريّة حتّى ندرك المرحلة الّتي يصل إليها "الشّاعر". ومتى بلغنا عمق الحالة الشّعريّة تلمّسنا ماهيّة الشّعر الّذي يصعب تعريفه كمعادلة حسابيّة أو كلفظ مرادف للنّظم الشّعريّ. فالنّظم الشّعريّ أمر وأمّا الشّعر فأمر آخر. يحتاج النّظم الشّعريّ إلى معانٍ وأوزان وعقل ومهارة كيما خرج القصيدة تحفة لغويّة موزونة. بيد أنّ الشّعر هو لحظة استحضار النّور المنسكب في قلب الشّاعر. ويحتاج بالدّرجة الأولى كياناً ممتلئاً بالصّمت حتّى يتمكّن الشّاعر من سماع صوته الدّاخليّ والانفتاح عليه فيكتبه الشّعر وتكون القصيدة.
النّظم الشّعريّ مرحلة من مراحل الشّعر إلى أن يبلغ الشّاعر حالة خاصّة جدّاً يخضع لها عن غير وعيٍ، ففجّر من أعماقه القصيدة. وإذا كان النّظم الشّعريّ يحتاج للعقل أي للوعي، فالشّعر يكتب الشّاعر في لحظة غير واعية. وأعني بذلك أنّ الشّاعر يخضع للشّعر وليس العكس. ويستسلم للحالة الشّعريّة الّتي سيطرت عليه وكأنّي به يطيع إلهاً ليبلغ الخلاص. وكلّما أمعن في الطّاعة تماهى مع الشّعر بل أصبح هو الشّعر. من هنا ندر الشّعراء، وقليلون من تماهوا مع الشّعر حدّ الالتحام به، وما عادوا يحتاجون للّقب ليعرّف عنهم، بل كانت أسماؤهم بحدّ ذاتها لقباً يرمز إلى الشّعر. والأسماء الّتي ما زالت تحتاج للقب "شاعر" كيما تعرّف عن نفسها، ما برحت تلامس أولى درجات الشّعر مهما بلغت عظمة نصوصها من فخامة لغويّة وفصاحة بلاغيّة.
"الشّاعر" رسول إلهيّ، نور من أنوار الله المتمدّدة في العالم، يحمل في ذاته الفلسفة واللّاهوت والعمق الكونيّ. لا يقف عند حدود البوح، ولا يعبّر عن مشاعر أو عاطفة، بل إنّه يسهم في تجسيد الجمال الّذي يسعى إليه كلّ إنسان. يقول الجبران خليل جبران: "ليس الشّعر رأياً تعبِّرُ الألفاظُ عنهُ ، بل أنشودةٌ تتصاعدُ من جرحٍ دام ٍ أو فم ٍ باسم ." لا بدّ من الألم الّذي يؤرق كيان الشّاعر، لكنّه الألم الوجوديّ، لا الحزن المعطّل للحركة الوجدانيّة والمربك للتّأمّل الإنسانيّ. إنّه ألم العشق الّذي يرقي بالشّاعر إلى فوق لينظر إلى العالم بإنسانيّة حرّة ومتجرّدة. ما يعني أنّ الشّعر هو لحظة اسحضار العشق والتّفاعل معه، ليتجسّد الإبداع وتتجسّد الكلمة. يشرح المفكّر والأديب اللّبناني جورج الأشقر الجمال بقوله إنّه لحظة تجسّد الكلمة. وإن لم تجسّد الكلمة فأي معنى لها؟ وأين تكمن قوّتها إن بقيت مجرّد حروف تطوف على سطح المشاعر الإنسانيّة.
الشّعر لغة من نور تربط الشّاعر بالقارئ. من هنا يمكن القول إنّ القارئ يتفاعل مع الشّاعر وجدانيّاً أوّلاً ثمّ عقليّاً. فلحظات الصّمت والدّهشة الّتي تلي قراءة قصيدة ما تعبّر عن تفاعل لحظيّ آنيّ بين الشّاعر والقارئ. فالشّاعر في لحظة تجلٍّ جسّد الكلمة، وفي برهة دهشة ترجم النّور، وما إن يتلقّف القارئ النّص الشّعريّ حتّى يمتزج بهذه اللّحظة، كلّ بحسب قدرته واستيعابه الرّوحيّ أوّلاً ثمّ العقليّ. والشّاعر هو الّذي جمّد الوقت وأخضعه للحظة الدّهشة المجلّية، فبات الشّعر قوّة خلق جماليّة تتجدّد بقوّة العشق المتمدّد في كيان الشّاعر.
فإن كان الشّعر عن الوطن، أو الحبيبة، أو الوجود، أو الطّبيعة… لا بدّ من أنّه يرتبط بالاستنارة العقليّة الّتي يولّدها الشّعر، وإلّا استحال مجرّد بوح يعبّر عن ما يرى ويشعر، في حين أنّ الشّعر هو انبعاث الكلمة من جوف النّور لتلج أبعد ممّا يمكن.
"حين أشعر أنّني فِي عالمٍ مغسولٍ بالضّوء أدرك عندها أنّ ما أكتبه هو شعر!" (رقيّة البريدي). الشّعر النّور، الاستنارة الرّوحيّة والعقليّة، الّتي ترتقي بالشّاعر إلى عالم الجمال، عالم الشّعر. العالم الّذي يتوسّط السّماء والأرض. والشّاعر الحقيقيّ هو ذاك الممسك بأطراف السّماء والنّاظر بعناية إلى الأرض. المتشوّق إلى العلا والمتمدّد في العمق ليرتقي بالقارئ ويلبسه الجمال. واستناداً إلى قول رقيّة البريدي فالشّاعر لا يخترع الشّعر، ولا يؤلّف القصيدة، بل إنّه يعطيها الحياة الكائنة في عالم الشّعر. يجسّدها كلمة واحدة تتفرّع منها المعاني. فالقصيدة كلمة واحدة وإن دلّ شكلها على تعدّد الكلمات. أشبه بالجسد الواحد المتعدّد الأعضاء. يخضع الشّاعر للشّعر فينجب قصيدة ذات روح واحدة.
إنّ خضوع الشّاعر للشّعر أشبه بخضوع الأنبياء والرّسل، ينقلون الوحي ولا يمسّونه. كذلك الشّعر لا يُمسّ ولا يبدّل ولا يحرّف. بمعنى آخر، القصيدة كروح واحدة لا يجوز المساس بمعناها الأصيل كما خرج من قلب الشّاعر. كما أنّ فهمها يتدرّج من القلب إلى العقل، على عكس فهم النّصوص الأدبيّة الأخرى. لأنّ الشّعر يسرّب إلى الأعماق أوّلاً ثمّ يتصاعد نحو العقل ليمتلك الكيان الإنسانيّ كله.
الشّعر أعظم الفنون لأنّه يحملها في ذاته على اختلاف أنواعها. فهو الحامل النّغمة الموسيقيّة، والرّسم بالكلمات، والنّحت في صخرة الوجود، والرّقص في أثير الكلمة، وتوق الجمال إلى الجمال، وانبعاث اللّغة من حضرة الله إلى دهشة الخليقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.