" قطتي نميرة "

قبل أن يسافر صديقي طلب منى ، أن استضيف قطته المدللة حتى يعود ، جاء بها وبطعامها المتنوع بين الطري والمقرمش
قطة هادئة كبنت بكر ، صوتها الناعم لا نسمعه إلا إذا قرصها الجوع في الصباح الباكر أو لتذهب لحوضها البلاستيكي لعمل البيبي ، ثم تداري فعلتها ببعض الرمل الذي يصل لمنتصف الحوض
رغم هدوئها ، أضافت لنا بهجة ، وترددت في جوانب دارنا غنوه لطيفة بصوت ابنة أخي التي قاربت الرابعة من عمرها ، تغني لها " قطتي صغيرة اسمها نميرة " ورغم ذلك تخشى الاقتراب منها ، وكثيرا ما ترغم والدها أن يأتي بها قرب منتصف الليل حتى ترى هذه النميرة ، لكنها لا تقترب منها ، علاقة غريبة تجمع بين القطة الإنسية والشيرازية ، تحبها وتخافها .
منذ أن دخلت هذه الدلوعة بيتنا وأنا أخشى أن اترك بابنا مفتوحا ، فيتسلل القط البلدي ، الرابض في المدخل ما بين بابنا وباب الجيران في انتظار أي طعام وكأنه يخزن لأيام القحط التي بالتأكيد عاشها كثيرا .
خشيتي ليست طبقية ولكن احتراما لطلب صديقي الذي حذرني من هذا الشرس الذي لو استفرد بها حتما سينال عذرية هذه البتول .
الحقيقة كلما وضعت لها بعض من طعامها " الهاى لايف " تذكرت هذا المحروم ، الذي ما أن افتح الباب في اى وقت حتى يعلو صوته مطالبا بحقه في الحياة ، وللحق كثيرا ما استوليت على قليل من طعامها ووهبته له كمنحة مؤقتة لن تدوم ، لكن يبدو أن الطعم اللذيذ ، جعله يحيك مؤامرة ويدخل في غفلة منا ويحوز ما تيسر له ، وله ما كان .
فقبل أن ننام سمعت أمي تؤكد أن المعدم في بيتنا ، قفزت ابحث عنه ، وجدته بجوار الغندورة ينظر إليها وهى منكمشة باستسلام مغرى ، وبدون مقدمات هجم على طبق وجباتها ، وكأنه أرجأ شهوته منها إلى بعد أن يبتلع ما يستطيع من قوت المرفهة
هاجمته … هاجمني ، فلجأت إلى الطرق السياسية ، حملت الطبق وتراجعت بظهري ناحية الباب ، توقف قليلا ….. ثم بدأ يدنو مني كلما تراجعت ، حتى عاد لمقامه ، واحتراما لعدم اعتدائه على أمانة صديقي تركت له الطبق ينعم به .