إني أقرأ نفسي أسطر من حبر وهمي يتلاشى في وجوده و يتواجد مع أرق التلاقي باللاتلاقي. لست على دراية بما أحسه، ذات، روح، شعور أم هو اللاشيء يثقّل بتراكمه عاتق الأنفاس المبعثرة بين اللامعرفة لمحيطها. بين زخات الاختناق و بين أطياف الحيرة تستلقي مخيلتي على أشواك الحسرة لعمر قضى نحبه يتضوّع سهاد الذاكرة، تلك التي خدشت بنيازك نازفة لابتسامة سمّيت قبل ميلادها و نحرت في الإبان... إني أحتضر بين تقاسيم الأحزان المتبرّجة بآلام الوجع، إني في ارتجاف من فرط قسوة تيار السكون، دائما من أكون... دائما ذاك السؤال لا يغيب هل لعقارب الساعة أن تجيب أم أن جوابي سيخيب و سؤالي سيبقى غريب من أنا و من أكون إنني في صمت في سكون في قلق ظاهر و مكنون من حزن عشق بجنون جناحي ابتسامة لا تحلق عيون أمل لا تتألق جذوع حلم لا تتسلق هذا حبا اعتقادا لا تملّق فأين الطريق للهروب أم أن الواقع محتما و مكتوب لا سبيل لضم ما كان منصوب و لا فائدة من سؤال جوابه معطوب و كأنني في غثيان، بين أنصاف الاعتراف بظرف يجعل بالسنين تقطفني ثمارا تنضج في أفواهها، أناظر لحظات تواجدي كركام يتسلّق خريف الحياة بين ابتهاج و حيرة، بين رحلة و مسيرة. هو السفر الدائم يمازح إحساسي و يسدل ستائر من ضحكات على تفاعله التلقائي القابض على استهزاء في كل محطة يحل بها، و لكن هل هذا أصل الواقع أم هو مجرّد ظلال دائمة البحث عن منشئها... تلك المرارة ما انفكّت تشيّد أعشاشها على أشباح آمالي، مغتنمة فرصة قفارها مالئة الأجواء آه و تنهيدة، مهما سافرت تبرع في أن تكون علامات عبور لتشوّش المسار، إنني في احتيار، هل هذا فشلي أم أنها الأقدار... إلى متى ستتحمّلني أنفاسي، إلى أي حدّ سيكون الصمت انحباسي، إلى متى ستقتات هذه الغربة من إحساسي... تتلعثم خطواتي من شفق الأحلام، فأغدو كفصل يخالف الليل و النهار، باحثا عن إنصاف أسطورة تحدده في المكان و الزمان، فيستفيق عطر الأنشودة و تعلوا أصواته المكتومة، في أي اتجاه أنا... غرقت و مازلت أحلم بزورق النجاة تنفست ملح الرطوبة شربت غطرسة الأمواج سرت على المياه المسكوبة و دخلت في غيبوبة و مازال السؤال من أنا أين أنا لماذا أنا و لكن الإجابة منكوبة تسلقت الضوء المترامي فسقطت كرمح من الأعالي و خدشتني حبات الرمال فانفجر المكان دوخان رمادا مبلّلا بالأماني هل هذا هو عالم الإنسان خيال في خيال عشق منتحر على ضفاف الانتظار و أوهام بعلو الجبال و فشل يستحق الشجب على مدى المسار كالطّود منتصب لكل موعد متأهّب فهل هذه أحداث مقصودة يتفتّح وعي وسط الشرود ليقتات من زهر ذبل في أغصانه، فتنتحبه دمعة برقصات النزيف الراكب لوجدان الجراح، حارقا لشمعة الصباح، فيتوقّد جمر الظلام و يجتاح نفسا لطالما ملّت رهبة الذهول... مازلت أوراقا يألفها الحرف و القلم و من ثم إلى الريح و العدم و كأنه لم يكن هنالك لا قلم و لا حرف و لا أوراق، هذه هي سخرية الفراق... اللوحة للفنان التشكيلي الفلسطيني خالد نصار