قيادة المرأة للسيارة، ليست محرمة شرعاً، ولم تحرمها أي من الشرائع السماوية، أو الأديان الوضعية، الموجودة على وجه الأرض، من لدن آدم، عليه السلام، وإلى يومنا هذا، ولم تجرمها القوانين الوضعية المعمول بها في كل دول العالم، سواء أكانت عربية أم أجنبية. إلا أن المملكة العربية السعودية، تحرم قيادة المرأة للسيارة، وتعتبره فعلاً شائناً، خارجاً عن الدين والقانون والأعراف، على الرغم من أنها تطبق شرع الله تعالى في أحكامها القضائية. القرآن الكريم ليس فيه آية واحدة، تصرح أو تلمح، لا من قريبٍ أو من بعيدٍ، إلى تحريم قيادة المرأة للسيارة، ولا حتى السنة المحمدية، التي جاءت شارحة ومكملة لكتاب الله. لا أدري إلى ما استند الشارع في السعودية، عندما حرم المرأة من قيادة السيارة، واعتبر أن قيادتها لها فعل ضد القانون. كثيراً ما طالبت جمعيات حقوق الإنسان العالمية والعربية، النظام السعودي، بأن يلغي هذا القانون، ويسمح للمرأة بقيادة سيارتها بنفسها، لأن هذا القانون لم يعد على المرأة إلا بالضرر، وينتقص من حقوقها المشروعة، دون جدوى. ليس ببعيدٍ عنا، ما حدث مع المهندسة «منال الشريف» التي قادت سيارتها في الرياض، وتم تصويرها وهي تقودها، بالاتفاق مع إحدى صديقاتها، وتم نشر المقطع على «اليوتيوب»، وتم إلقاء القبض عليها لأيام عدة، ثم أفرجت عنها السلطات، بعدما أخذت عليها تعهداً بألا تقود سيارتها بنفسها، بحجة أنهم يحافظون عليها. لا أدري لماذا ترفض السلطات السعودية قيادة المرأة للسيارة، على الرغم من أنه في مصلحتها ومصلحة المجتمع معاً، لأن ركوب المرأة في السيارة مع سائق أجنبي يعتبر خلوة، والخلوة في ديننا الإسلامي الحنيف محرمة شرعاً، حيث جاء في الحديث النبوي الشريف: «ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما». قيادة المرأة للسيارة، يغنيها عن الركوب مع سائق أجنبي، لأنها في كثير من الأحيان تضطر للخروج من بيتها في أوقات حرجة أو في عدم وجود محرم معها، فتضطر إلى الركوب مع الأجنبي، مما يعتبر خلوة شرعية.. غير أنه يوجد كثير من المواطنين لا يستطيعون استقدام سائق أجنبي لقلة ذات اليد. صحيح أني كنت متعاطفاً مع المهندسة «منال الشريف» عندما تم القبض عليها، وهي تمارس حقها المشروع، ولكنني أرفض ما فعلته رفضاً قاطعاً، لأنها تجرأت على القانون المعمول به في البلاد، والخروج على الحاكم شيء غير مرغوب فيه، لأنه يُحدث فتنة، لا تحمد عقباها، وخاصة في أيامنا هذه، والساحة العربية تمر بمرحلة تغيير حرجة، فلا يجب أن نضع الزيت على النار، لكي نزيد الساحة اشتعالاً، فليس هذا وقت المطالبة بقيادة المرأة للسيارة. بالفعل بدأ العاهل السعودي في عمل إصلاحات، منذ أن بدأت الانتفاضات في تونس ومصر، ونتمنى من الله تعالى أن تفي بالغرض المطلوب، وأن تكون في مصلحة المواطنين، ونتمنى عليه أن يفكر جدياً في السماح للمرأة بقيادة السيارة، لأنها ليست مخالفة للشريعة، وفيها الخير الكثير لها وللمجتمع السعودي، ويحفظها من الركوب مع السائق الأجنبي. وفق الله السعودية حكاماً ومحكومين إلى ما فيه الخير والصلاح، ووفق الأنظمة العربية إلى عمل إصلاحات ترضي مطالب شعوبها. محمد أحمد عزوز كاتب مصري