فترة الخطوبة هى من أخطر الفترات التى يمر بها الخطيبان، لأن على أساسها يتحدد مصير العلاقة الزوجية بينهما، ولذا يجب أن تستغل الفتاة، والخجولة خاصة، هذه الفترة للتعرف الجيد على خطيبها، عندما تجد نفسها مقتحمة حياة شخص آخر غريب لا تعرف الكثير عنه، ولكن حواء بطبيعتها خجولة، تعجز عن التواصل بشكل جيد مع بداية العلاقة مع الجنس الآخر، فتفضل الصمت والسكوت، فى كثير من الأحيان، ولا تجد الكلمات المناسبة للتعبير عن شخصيتها ولا تصل إلى الحب المنشود، فالهدف من فترة الخطوبة هو التقارب العاطفى بين الطرفين، حتى إذا جاء موعد الزواج يكون كلاً منهم على دراية وفهم للآخر مع وجود عاطفة قوية تدفع لإتمام عملية الزواج، والحب هو القاعدة التى يستمر عليها الحب وينمو بعد ذلك، وينبغى على كل طرف، أن يظهر حبه للطرف الأخر بطريقة مناسبة، لأن ذلك يؤدى بدوره الى ذيادة روابط المحبة بينهما، فإذا أظهر الطرف الأول حبه للطرف الثانى يذداد حب الطرف الثانى له والعكس صحيح .. وهذا فى علاقة دائرية متبادلة. كذلك يغفل بعض المخطوبين الأدوار الحقيقية التى تلعبها فترة الخطوبة فى التقريب بينهما، والتعريف بهما، وتقليل فجوة الخلاف، وتعميق أواصر الصداقة والحوار، وينشغلون بأمور ثانوية خلال هذه الفترة لا تسمن ولا تغنى من جوع، مثل تبادل كلمات العشق والهوى، والاهتمام بالمظاهر الخارجية وآراء الناس والعادات والتقاليد، ويتحمل الطرفان بعد الزواج نتيجة سوء استغلالهما لفترة الخطوبة، فلو أدركا أهمية الحوار قبل الزواج لما اشتكيا من صعوبته بعد الزواج، وهنا تكمن أهمية الحوار بين الخطيبين، يتعلم كلاهما فنون إدارة الحوار، ويجب أن يكون هناك احترام فى التعامل مع الطرف الآخر، والبعد عن الابتذال والمزاح من خلال السباب، كما لا يصح مقارنة الطرف الآخر بالآخرين، وليكن الحوار بين الطرفين بسيطا دون تكلف، ويساهم الود المشترك فى إنجاح الحوار بين الطرفين؛ بشرط ألا تتحول لغة الود إلى "دلال"، ويجب أن يسعى كل طرف إلى معرفة أكبر قدر من المعلومات عن شخصية الطرف الآخر من خلال إظهار حب التعرف والصداقة والرغبة فى بناء الجسور دون إلحاح أو ضغط، كما يجب أن يختار الخطيبان الوقت المناسب لإجراء هذا الحوار الفعال، والتوقف عن الحوار إذا قرب على المشاجرة، قبل حدوث أى خسائر؛ مع تبادل أدوار المستمع والمتكلم بينهما، وعدم الضغط لنسخ الآخر على هوانا، وإذا كانت هناك قضايا تحتاج للحسم مثل عمل الفتاة بعد الزواج يجب أن تطرحها بأسلوب مقنع، وإيجابى، وحسم الأمر قبل الزواج، وعدم تأجيله إلى بعد الزواج؛ لأن كثيرين فى فترة الخطوبة يؤجلون المشاكل كلها إلى بعد الزواج حتى لا تحدث مشكلة فى فترة الخطوبة! ولذا يجب طرح الموضوعات التى تحتاج إلى حسم بشكل عاقل وحكيم، ووضع الخيارات بدلا من تهديد الطرف الآخر بفسخ الخطوبة إذا لم يستجب لمطالبه، بالإضافة إلى أن القدر المسموح به فى الخلاف هو الخلاف فى وجهات النظر فى الحياة، مثل الاختلاف بين الأصدقاء، فمن العجيب أننا نتقبل خلافاتنا مع أصدقائنا بصدر رحب، غير أننا نطلب من شريك حياتنا أن يكون نسخة منا، ويتطابق مع أفكارنا وميولنا برحابة صدر، وينجح الحوار بين الخطيبين إذا تم إدارته كالحوار بين الأصدقاء، فمن الخطورة أن يكون هناك تحفز لرأى الطرف الآخر، وتفسيره على المحمل السيئ، وإصدار أحكام مسبقة للحكم على آراء شريك الحياة، وفى المقابل نجد مشكلة عدم الوقوف على الخلافات الجذرية مع الطرف الآخر، ومناقشتها بصراحة، فى عدم تعطيل الزواج، وتذليل كل العقبات أمامه، حتى لو كانت مؤشرات حقيقية لضرورة مراجعة صحة الاختيار من أساسه، إلى أى حد يمكن أن يكون الخلاف فى وجهات النظر فى حدود المسموح؟ ليس بالضرورة أن يكون الطرفان متطابقين، ويكمن دور الأهل فى أن يتم الحوار تحت رعايتهم، وتوفير مكان مفتوح فى البيت أمام الأسرة، ودور الأم هو توعية البنت بأن فترة الخطوبة ليست مجرد سماع كلمات حلوة من الخاطب، ولكنها جزء من الحوار، وكما يقول المثل: تكلم كى أعرفك، وهنا يكون دور الأهل مجرد توجيه خارجى لشكل الحوار وأهم عناصره، ولكن على الطرفين عدم حكى تفاصيل الحوار للأهل إلا للاستشارة الضرورية من أهل الخبرة فقط، وعدم استشارة الأصدقاء فى الأمور الخاصة بين الخطيبين؛ لأن افتقادهم للخبرة سينعكس بالضرورة على استشاراتهم، واقتراحاتهم، ومن أهم الموضوعات التى يجب أن يطرحها الخطيبان فى هذه الفترة؟ أن يتعرف كل طرف على الاهتمامات الشخصية للطرف الآخر، وتصوراته لكيفية الحياة فى المستقبل ومعلومات أكثر عن أهل الطرفين، ومناقشة الأمور المستقبلية بهدوء مثل: الإقامة فى بيت أهل العريس، أو عمل الفتاة، ومصير دخلها بعد الزواج، وهل سيساعدها فى أعمال المنزل أم لا؛ تجنبا لحدوث مفاجآت مستقبلية، مع عدم استخدام المصطلحات البذيئة فى النقاش: حتى لا يتعودا على الهزار الفاحش فى حديثهما، ويتحول قاموس الحديث بينهما إلى كم من الشتائم بدلا من الكلام الطيب الودود الهادئ.