قراءة مجموعة "انا والغابة..تأملات وقصائد" للشاعر المهجري اللبناني قيصر عفيف تعيد الى النفس اجواء الرومانسية وفيضها العاطفي ممزوجة هنا بموقف عقلاني كما كان الحال مبدئيا مع فرسان الحركات بل "الثورة"الرومانتيكية عامة. صحيح ان الرومانسية لم تغادر الانسان -بل لا تغادره- فهي في سمات كثيرة لما سمي بها الاسم ظاهرة انسانية موجودة مع الانسان قبل جان جاك روسو واصحابه وتبقى لانها بنت النفس البشرية. اذن نستطيع ان نجد بعض هذه السمات في مراحل موغلة في القدم ليس اقدمها مثلا بعض ابيات امرىء القيس او غيره. الا ان هذه السمات التي عرفت في ما سمي مدرسة او مذهبا ادبيا ازدهر في فترة زمنية معينة وخفت صوتها لكنها لم تمت.. لم تتحول الى "مذهب" او"مدرسة" الا بعد مواقف فكرية شكلت صلب مقوماتها. ومن ناحية اخرى "محلية" نوعا ما فان القارىء قد يصل الى استنتاج متوقع بل الى تساؤل متوقع خاصة بالنسبة الى كثير من كبار الشعراء والكتاب الرومانسيين اللبنانيين اي جماعة الاغتراب. التساؤل هو هل للغربة الفعلية اي للاغتراب عن الوطن علاقة بنزوع الى حال من الغربة الروحية الرومانسية.. الامر يبدو مرجحا. فالغربة قد تثير في النفس كوامن وحنينا وحزنا وشعورا بالانقطاع مما يشكل خيوطا مهمة من نسيج صورة الرومانسي. قيصر عفيف الشاعر المغترب الذي درج في السنوات الاخيرة على ان يمضي نصف السنة في المكسيك ونصفها الاخر في بلده لبنان يعيد الى النفس عالما رومانسيا كتب بشعرية مرهفة او فلنقل عالما خلقته مشاعر شعرية مرهفة. وكما عرف قديما عن "الفتى المتوحد" اي الرومانسي وعن الرومانسيين عامة من هربهم "النظري" من عالم المدينة الملعونة ولجوئهم الى "الغاب" اي الى الطبيعة التي تتحول الى ملجأ للنفس ودرب خلاص هي والموسيقى احيانا كما عند جبران خليل جبران ومن تأثر به جبران من غربيين وشرقيين فاننا نجد عند الرومانسي الجديد قيصر عفيف خلاصا في "الغابة" وايضا في "الكلمة" عند حديثه عن "اللغة" كوسيلة خلاص اخرى