يعتبر أردوغان من أكثر الشخصيات استيعابا لكتاب الأمير لنيكولو مكيافيلي، فهو يطبق كل ما فيه بالحرف، من انتهازية ونذالة وخيانة، وانقضاض على الشعوب التي تمر بمراحل ضعف واستغلال مواردها في تنمية اقتصاد تركيا، وإذا أردنا أن نرى تطبيقا عمليا لكل ما جاء في كتاب مكيافيلي على أرض الواقع، فكل ما علينا فعله هو أن نتتبع حياة اردوغان، بل أستطيع القول بأنه قد تفوق على مكيافيلي في كثير من الأمور التي لم تُذكر في كتاب الأمير. أردوغان ينقلب على كل أصدقائه برغم المجد الذي حاز عليه أردوغان بفضل ادعائه أنه تلميذ أربكان، إلا أنه انقلب على أربكان وهمّشهُ، فقام أربكان بفضح اردوغان بداية من عام 2010 واصفا إياه بالرجل الذي سرق أمجاد حزب الفضيلة والرفاة، كذلك ظلًّ عبد الله جول رئيسا للوزراء حتى خروج أردوغان من السجن ليتولى بعدها حقيبة وزير الخارجية إلا ان هذا لم يشفع له ولم ينجيه من انقلاب أردوغان عليه، ولم يكن أردوغان ليصعد سدة الحكم لولا فتح الله كولن زعيم جماعة "الخدمة الصوفية" الذى لعب دورا خفيا في دعم أردوغان في أيامه الأولى في منصب رئيس الوزراء بعد خروجه من السجن، فبفضل جماعة كولن من المتصوفين الذين نجحوا في اختراق أجهزة الدولة في تركيا هدأت مخاوف أجهزة الدولة من الحزب المحافظ الجديد الذى وصل إلى السلطة، وكذلك امتلاكه قاعدة هائلة من رجال الأعمال الذين قدموا دعما قويا لحزب العدالة والتنمية في بدايات صعوده إلى سدة الحكم، إلا أن اردوغان لا يعتبر شخص ما في العالم عدوا له كما يعتبر فتح الله كولن، ونتيجة لصعود داوود أوغلو القوي وخوفا من أن ينقلب أوغلو على مسيرة أردوغان لتعديل الدستور ونقل السلطة من منصب رئيس الوزراء إلى منصب الرئيس، أجبر أردوغان أوغلو على الاستقالة من منصبه كرئيس للوزراء قبل الفترة القانونية ب6 أشهر. أردوغان يسرق ثروات سورياوالعراق وليبيا. في 24 نوفمبر 2015 وقعت حادثة إسقاط مقاتلة سوخوي 24 روسية بواسطة طائرة تركية من طراز F-16، بعد هذا الحادث قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باتهام أنقرة بالفعل بإسقاط الطائرة على حدودها مع سوريا لحماية عمليات تهريب النفط، هذا الحادث كشف للعالم أن أردوغان لم يكن فقط متواطئ في تهريب النفط المنتج في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا، ولكنه أيضًا ملتزم بشدة بهذه التجارة لدرجة أنه كان على استعداد لإثارة أزمة دولية لحمايتها، فلقد أدى الصراع السوري إلى نشوء اقتصاد حرب واسع النطاق يتم فيه إبرام صفقات غامضة بين مجموعة من الشركاء، بما في ذلك الجماعات التي تقاتل بعضها البعض في ساحة المعركة، فتهريب النفط والمنتجات البترولية من سوريا إلى تركيا مستمر منذ عقود، حيث يستغل التجار ومسؤولو الأمن فرق الأسعار الناتجة عن الدعم الكبير في سوريا، مع اندلاع الحرب الأهلية تطورت التجارة، وفي عام 2014 استولى تنظيم داعش على الكثير من أعمال إنتاج النفط الخام والتكرير على طول وادي نهر الفرات، تنتج حوالي 30 ألف برميل من النفط الخام يوميًا، ينتهي معظمها في تركيا، ففي عام 2015 اتهم نائب وزير الدفاع الروسي أناتولى أنتونوف أردوغان وأسرته بالضلوع مباشرة في تهريب النفط مع تنظيم داعش، حيث قال أنتونوف: يتبين أن المستهلك الرئيسي لهذا النفط المسروق من مالكيه الشرعيين في سورياوالعراق هو تركيا، وتفيد المعلومات التي تم الحصول عليها أن الطبقة الحاكمة السياسية، ومن ضمنها الرئيس أردوغان وأسرته، ضالعة في هذا التهريب غير الشرعي، كذلك امتدت يد أردوغان لسرقة نفط العراق، حيث أنتشر في 25 يناير 2019 فيديو يوثق عمليات واسعة لسرقة النفط العراقي داخل الأراضي التركية بواسطة أنبوب فرعي مربوط على الأنبوب الرئيسي الناقل للنفط العراقي إلى الموانئ التركية، على الملأ، ودون رادع. ولا تنحصر الاستفادة التركية فقط في شراء النفط، بل أيضا في تهريب الآثار، ففي عام 2015 قالت صحيفة إندبندنت البريطانية، إن مدنا تركية مثل غازى عنتاب تلعب دورا كبيرا في تسهيل عمليات الاتجار غير المشروع للآثار السورية والعراقية، وتهريب التحف والمنحوتات النادرة إلى أسواق أوروبا التي يتم نهبها وسرقتها على يد تنظيم داعش، وفي عام 2016 قال ممثل روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة، فيتالي تشوركين، إن إرهابيين هربوا تحفا أثرية من سورياوالعراق بشكل رئيسي عبر الأراضي التركية، لافتا إلى أن أكبر مركز لتهريب قطع التراث الثقافي هو مدينة غازى عنتاب التركية، حيث يتم بيع الممتلكات المسروقة في المزادات غير الشرعية، من خلال شبكة من المحلات التجارية للتحف، والسوق المحلية بكردجيلار تشارشيسى، وذلك بإشراف الاستخبارات التركية. أسالت دولارات البنوك الليبية لعاب أردوغان، ومع الظروف الاقتصادية السيئة لبلده وانهيار الليرة تعاظمت حاجته للاستحواذ عليها وضخ العملة الصعبة لإنعاش اقتصاد بلده، وبالفعل نُهبت بنوك ليبيا على يد القوات التركية المحاربة فيها، فيما تم تهريب مئات ملايين الدولارات نحو تركيا لكن وخلال رحلتها تم تجميد أرقامها التسلسلية، لتصل إلى حضن أردوغان مجرد أوراق فاقدة لقيمتها رسميًا، وأصبحت إسطنبول، تعرف الآن بأنها ثلاجة أموال ليبيا. أردوغان وتمثيلية مؤتمر دافوس أعتقد أن الكثير منا يتذكر جيدا موقعة مؤتمر دافوس في 29 يناير 2009 حينما غادر أردوغان المنصة احتجاجاً على عدم إعطائه الوقت المماثل للرد على الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز، لنكتشف بعد سنيين تمثيلية مؤتمر دافوس (خدعة مؤتمر دافوس) وذلك على لسان رئيس الوزراء التركي الأسبق ورئيس حزب المستقبل أحمد داوود أوغلو في خطاب ألقاه يوم السبت 15 أغسطس 2020 بولاية قونيا مسقط رأسه، على انتقادات وجهها أردوغان له في وقت سابق، قائلًا: "أولئك الذين كانوا في القاعة معنا في دافوس ارتعدوا يوم قلنا لبيريز دقيقة، لكنهم شكلوا الآن حزبًا جديدًا"، وفي تعليق أوغلو على تصريحات أردوغان، قال: "للأسف، أردوغان لم يقُل الحقيقة في خطابه، كلانا يعرف جيدًا ما جرى في تلك الليلة في دافوس، بعد اختفاء الأضواء.. هو يعلم أنني شخصياً قمت بديبلوماسية الباب الخلفي للاعتذار لشمعون بيريز بصفتي كبير المستشارين حينها، وهذا الاعتذار تم من هاتفي الشخصي، وقد تغير الوضع تمامًا في بلدنا ودافوس بعد هذا الاعتذار"، وأضاف "عند عودتنا من دافوس إلى إسطنبول مع الوفد، أنا كتبت الخطاب الذي وجهه أردوغان للشعب، لو كنت قلت إننا احترقنا في دافوس، لكنت انتهيت، وما كان سماني وزيرًا للخارجية بعد ذلك الحادث بشهرين".