نُولد من بطون أُمهاتنا كصفحة بيضاء, ثم تُعافسنا الدنيا بإغراءتها فنقع فى الذنوب والمعاصى والله عز وجل اتاح لنا فرص عديدة للتوبة من المعاصى لكى نعود اليه من جديد, فمن هذة الفرص الاستغفار والصلاة والصدقة والحج وغيرها من اعمال البر مع وجود نية التوبة. وعلى رأس هذة الفُرص العظيمة للتوبة والرجوع إلى الله شهر رمضان الذى جعلة الله بمثابة غسيل للذنوب والمعاصى وبنك للحسنات , وجعل فى هذا الشهر ليلة بمعدل نصف يوم وليست يوماً كاملا بل هى فقط ليلة من وقت غروب الشمس وحتى صلاة الفجر, جعلها اللة خيراً من الف شهر اى بما يعادل ثلاثة وثمانون عاماً واربعة اشهر . هذة الليلة تأتى فى العشر الاواخر من شهر رمضان وذلك كل عام , كل عام يمنحنا الله اياها . كل عام يمنحنا الله اياها لكى يعفو عنا فى هذة الليلة من الذنوب حتى ولو كانت مثل ذبد البحر , حتى ولو كانت مثل عدد حبات الرمال وعدد قطرات الامطار , حتى ولو بلغ بالانسان الذنوب عنان السماء . يمحو الله فى هذة الليلة كل ذنوب الانسان حتى ولو كانت بقدر عمره كله آياً كان عمره. يمحو الله الذنوب فتعود صحيفة الانسان بيضاء كما ولدته أمه . وفى هذة الليلة ليست لتكفير الذنوب ومحوها فقط بل الدعاء مستجاب سواء للدنيا او الاخرة أو كليهما. ولكن علمنا رسول الله دعاء نقوله فى ليلة القدر وهو "اللهم إنك عفو تحب العفو فأعفو عنى " ولقد اخفى الله عز وجل هذة الليلة فى العشر الاواخر من رمضان لكى يذداد الموحدون من التقرب الى الله بالدعاء والذكر والعبادة . وقد إختلف العلماء فى تعيين هذة الليلة فمنهم من رجح انها فى الليالى الوترية بدءاً من ليلة الواحد والعشرين وحتى ليلة التاسع والعشرين ومنهم من رجح انها ليلة السابع والعشرين . تتنزل الملائكة فى هذة الليلة ومعهم الروح الامين جبريل عليه السلام وتملأ بقاع الارض وحتى عنان السماء تُؤمٍن على دعاء المؤمنين. ليلة القدر من الليالى المفضلة فى العام يُقال لان القرآن نزل فيها ويُقال انها ليلة ذات قدر وشرف ومنزلة عند الله ولقد نزلت سورة بإسمها فى القرآن تسمى بسورة القدر{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ . وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ . لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ . تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ . سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}. وقد وردت احاديث عن رسول الله علية الصلاة والسلام فى فضل تلك الليلة منها:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قام ليلة القدر إيماناً واحتسابا غفر لله ما تقدم من ذنبه. وكان رسول الله يعتكف فى العشر الاواخر من رمضان لتحرى ليلة القدر وكذلك زوجاته من بعده والصحابة رضوان الله عليهم . فلمن فاته الكثير مازال هناك متسع من الوقت فالله يفرح بتوبة عبده ويحب العبد اللحوح فى دعائه مع الثقة فى أن الله سيستجيب , فأكثروا من الدعاء فى هذة الليالى المباركة مع إخلاص النية لله فى القول والعمل .