مستشار/ أحمد عبده ماهر يقول غالبية الفقهاء بتحريم فوائد البنوك في الإيداع والقروض وتحريم التعامل مع البنوك عموما، وقد خالفهم فيذلك الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر سابقا يرحمه الله كما خالفهم مجمع البحوث الإسلامية ومن جانبي فلقد قمت بلقاءات تليفزيونية أشرت فيها إلى فساد رأي القائلين بحرمة فوائد البنوك على إطلاق، وأن من قالوا بذلك لا يعرفون الربا حق المعرفة فلقد كان الربا أيام الرسول قبل ظهور النقود، فقد كان التعامل يتم بالمقايضة والتبادل، ولم يكن هناك أوراق بنك نوت ولا عملات فضية ولا ذهبية، لكن كانت الفضة والذهب يوزنان بالأوقية ولم يكن هناك تضخم وارتفاع وانخفاض لأسعار العملات ولم يكن هناك بالبنوك موظفين حكوميين أو غير حكوميين يقبضون المرتبات من البنوك ولم يكن هناك ادخار بالبنوك فكان الادخار بالزلعة أو تحت البلاطة فكيف يقول أنصار فتاوى الربا بحرمة أعمال البنوك وما تقوم بتحصيله من فوائد لقد دعت الحاجة الضرورية لإنشاء البنوك وتجميع أموال الناس بهذه البنوك التجارية لتسهيل حركة التجارة العالمية ولضمان توفير الغذاء لتلك الملايين، وإلا فمن سيضمن مصر ليعطيها القمح الذي يكفي إطعان تسعين مليون مواطن يوميا لمدة ثلاثة أشهر على الأقل هل سنشتري ذلك القمح نقدا؟ أم نجمع أموال الناس ونقوم بصيانتها لحين شراء الأقماح بها فأين أجور الموظفين الذين سيصونون هذه الأموال؟ كما أنه لا يمكننا الخروج عن النظم المحاسبية والاقتصادية العالمية وإلا ألحقنا الضرر بالأمة الإسلامية وإن تحديد الفوائد سلفا أمر لا شيئ فيه طالما خضع لنظم محاسبية وعلمية دقيقة، وطالما قام الحاكم باعتماد تلك النظم التي لا تحلل ما حرّمه الله ودوما يكون التشريع محمودا ما دام يرجو مصلحة الناس فالعرف إنما هو أحد وسائل التشريع، حيث يقول تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ }الأعراف199. وإن الفقهاء لا يعلمون شيئا عن النظم الاقتصادية العالمية ولا عن نسب التضخم ولا عن مقارنة قيمة العملات بالأنشطة الاقتصادية للدولة لذلك عليهم التزام الصمت ولا يهرفوا بما لم يحيطوا بعلمه، وعلينا عدم ترديد كلامهم كالببغاء فالذي يقترض من البنك ليقيم مشروعا سيربح منه وفق دراسة إنما هو مسئول عن دراسته وفائدة البنوك على القرض إنما تكون حلالا وكم عاصرنا رجال أعمال صاروا من أغنى أغنياء العالم وهم يقترضون من البنوك فكيف يتم تطبيق ذلك على أنه ربا يضر بالناس والذي يريد أن يبني بيتا لأسرته ولا يملك من المال العاجل ما يفي بهذا الغرض، فيقترض من البنك الذي يمنحه قرضا لأجل فأين هو الفقير الذي قام البنك بإيقاع الضرر به بفائدة أضعافا مضاعفة. كما أن المنهي عنه شرعا هو الأضعاف المضاعفة في الفوائد وهذا لا يحدث ببلاد المسلمين، فضلا عن انه إذا ما تعثر أحد المقترضين فتراكمت عليه الفوائد حتى صارت أضعافا فإن القاضي يرفع عنه كل الفوائد إذا ما ثبت تعثره وذلك ضمن قوانين البنوك لكن أكثر الناس لا يعلمون لذلك أدعو الفقهاء والناس جميعا لدراسة الاقتصاد والسياسات النقدية العالمية وحاجات الشعوب ومصالحها قبل أن ينبسوا ببنت شفة في شأن تحريم فوائد القروض لكن الفائدة الحرام والقرض الحرام يكمن في توظيف القرض من البنك فمن اقترض من البنك ليصنع فيلما سينيمائيا يستعرض فيه مفاتن الراقصة فهو حرام والفائدة حرام والعمل حرام لقد اقامت البنوك التجارية تقدم الدول فلا تؤخرونا بجهلكم، وقد كنت بألمانيا وهناك وجدت إشكالية كبيرة صنعتها الفتاوى الفقهية الضالة للمسلمين بالاتحاد الأوربي وأمريكا، إذ جعلت منهم فقراء في تلك الدول الغنية، بزعم أن الاقتراض من البنوك ربا، فصار المسلمون لا يستطيعون امتلاك منزل بتلك الدول الغنية وصاروا لا يستطيعون الإنفاق على أبنائهم بالجامعات هناك، فصار الفقر والجهل من نصيب المسلمين بفضل فتاوى ضالة من فقهاء أضلوا عن سواء السبيل ---------- مستشار/أحمد عبده ماهر محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي