ورد إلى مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف ، سؤالاً من سائلة تقول : "أنا امرأة أعيش في قرية ريفية ومن عاداتنا تقديم الهدايا لبعض في المناسبات ، وكان لي جارة ماتت وقبل ما تموت بأيام قدمت لي هدية فهل يجب عليّ ردها لورثتها أم أتصدق بها عنها ؟ ، ولو كنت قد نذرت قبل سابق أن أتصدق بصدقة على قريب فقير ولما هممت بإخراج النذر له قام أحد أقربائي الأخرين بعمل حادث سير واشتدت حاجته للمال فهل يجوز لي أن أغير النذر وتبرأ بذلك ذمتي أم ماذا ؟" . وقد بينت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية في فتواها : أن الإسلام حرص على قيام مجتمع مسلم يغمره التعاون والتناصر والتكافل ، وتختلف هذه المظاهر من مجتمع لآخر ، وتعد هدايا المناسبات وسيلة للتعبير عن ذلك متى سلمت النفس من الشحناء والبغضاء ، ولكن فيما يتعلق بحكم رد هذه الهدايا في الحياة والممات فالأمر بيختلف حسب العرف والأحوال فإن قصد بها الهبة والمعاونة فلا يجب ردها , وأما إن قصد بها الإعارة والسلفة ففي هذة الحالة يجب ردها أو رد مثلها في مناسبة مماثلة ، والمعلوم أن المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً ؛ وبناء على ذلك فإن كان العرف الجاري بينكم أو غلب على ظنك أنها لا تعطيك مثل هذه الهدية إلا لردها فتكون حينئذٍ إعارة وسلفة يجب عليكي رد مثلها أو قيمتها لورثتها حتى تبرء ذمتك بذلك ما لم يعفوا عن ذلك ويسامحوا . وأضافت لجنة الفتوى بالبحوث الإسلامية : وأما فيما يتعلق بتغيير محل النذر ، فالأصل المقرر شرعاً هو وجوب الوفاء بالنذر على نحو ما عينه الناذر فإن قصد إخراجه لشخص بعينه وجب الوفاء بذلك مطلقاً وهو قول جمهور الفقهاء ، ولكن يجوز عند الإمام أبى حنيفة رحمه الله تغيير محل النذر إذا رآى الناذر فى ذلك مصلحة ، لأن المال خرج من ذمته تقربًا إلى الله تعالى ، فلا فرق بين أن يعطيه لفلان أو لفلان ، إلا إذا كان فيما عيَّنه زيادة قربة كالأقارب ، فإن الصدقة عليهم صدقة وصلة رحم ، وهو رأى طيب لا مانع من الأخذ به ، بناء على رجحان المصلحة. وهو ما نفتى به في واقعة السؤال نظرًا لتوافر المصلحة وحاجة الفقير الثانى عن الأول بسبب الحادث . والله تعالى أعلى وأعلم