قليلة هي المرات التي يتعاقد فيها النادي الأهلي المصري مع لاعب كرة قدم شارف على بداية العقد الرابع من عمره، فالفكر الاحترافي الذي يطبقه نادي القرن الأفريقي، جعله يهتم بشرطين في كل صفقاته، الأول هو سد النقص في أحد المراكز بالملعب ومن ثم الاستفادة الفنية من اللاعب، ومدى تأثيره على آداء الفريق، الأمر الثاني هي الفائدة المادية والاستثمارية التي ستعود على النادي من اللاعب، في حال بيعه بعد ذلك. لكن في صفقة ضم ساليف كوليبالي مدافع منتخب مالي، والذي تعاقد معه الأحمر لمدة موسمين، في صفقة انتقال حر بعد انتهاء عقده مع مازيمبي الكونغولي، تغاضى الأهلي عن شرط الاستفادة المادية اللاحقة من اللاعب، إذا أن عمره الآن 30 عاما، وهو ما يقلل فرص استثماره بعد انتهاء عقده مع النادي.
صحيح أن هناك اعتراضات، وانتقادات موجهة لإدارة الأهلي بسبب عمر اللاعب وأنه غير قادر على العطاء مع فريق كبير بحجم الأهلي بسبب سنه الكبير ولياقته التي قد لا تساعده على تحقيق طموحات جماهير الأهلي، إلا أن المدير الفني للأهلي الفرنسي باتريس كارتيرون، يرى أنه أفضل مدافع في إفريقيا، ونجح في فرض وجهة نظره أو إقناع إدارة الأهلي بضرورة التعاقد مع اللاعب، وهو ما أنهى فكرة الصدام بين المدير الفني ومجلس الإدارة والتى تحدثت عنها تقارير صحفية خلال الأيام القليلة الماضية.
لكن هل يستحق ساليف كوليبالي إصرار باتريس كارتيرون على ضمه؟ الإجابة عند اللاعب نفسه، والذي سيقدم أوراق اعتماده داخل المستطيل الأخضر، فإما أن يقنع جماهير الأهلي بأنه صفقة ناجحه، ويتمكن من سد العجز الذي يعاني منه الأهلي في دفاعاته بعد رحيل أحمد حجازي واحترافه في وست بروميتش الإنجليزي والإصابة التي لحقت برامي ربيعة، وإما أن يثبت العكس، وفي هذه الحالة تكون واحدة من الصفقات "الفشنك" التي أبرمها الأهلي خلال المواسم الماضية.
لكن المتتبع لمسيرة اللاعب، يدرك أنه لاعب مميز وساهم مع منتخب بلاده، وناديه مازيمبي الكونغولي في تحقيق العديد من الإنجازات، وهو ما دفع عدلي القيعي، عضو لجنة التعاقدات بالأهلي بأن يصف الصقفة في تصريحات لقناة "الأهلي"، بأن "كوليبالي خبرة أفريقية كبيرة".
صحيح أن الوصف في محله، فاللاعب لديه من الخبرات الكبيرة، لكنه في نفس الوقت لم يشارك مع فريقه مازيمبي الكونغولي في الموسم الأخير، ولم يلعب مباراة واحدة سواء في الدوري الكونغولي أو دوري أبطال أفريقيا، ولازم دكة البدلاء.
وإذا عدنا للخلف، سنجد أن اللاعب عمره 8 سنوات في ملاعب كرة القدم، وكانت بدايته مع الدوري المالي عندما انضم لنادي ديجوليبا وهو أحد أكبر أندية مالي، وتألق معه خلال 3 مواسم، وهو ما أهله للانضمام للمنتخب المالي في عام 2012 الذي كان يقوده وقتها الفرنسي باتريس كارتيرون، المدير الفني الحالي للأهلي، ومن هنا بدأت العلاقة بين اللاعب والمدير النفي والتي استمرت بعد ذلك.
الخطوة التالية للاعب ساليف كوليبالي كانت بالدوري الإيراني، مع نادي خوزستان، والذي لعب له لمدة عام واحد، وإن كانت التجربة ليست قوية، إلا أنها أهلته بعد ذلك للعب لأحد أكبر الأندية الأفريقية وهو مازيمبي الكونغولي، والذي كان يدربه وقتها الفرنسي باتريس كارتيرون.
لعب كوليبالي ضمن صفوف مازيمبي لمدة 4 مواسم، شارك معه في 151 مباراة، ونجح في تسجيل 14 هدفا، وهو رقم جيد بالنسبة لمدافع، وتمكن أيضا من تحقيق العديد من الإنجازات منها الفوز بجائزة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم لأفضل 11 لاعب أفريقي، هذا على المستوى الشخصي.
أما على مستوى النادي، فقد حقق مع مازيمبي، كل ما يطمح أو يتمنى أي لاعب تحقيقه، فقد فاز بلقب الدوري الكونغولي 4 مرات، وبطولة الكأس 3 مرات، كما فاز بدوري أبطال أفريقيا مع مازيمبي موسم 2015، ومن ثم شارك معه بكأس العالم للأندية، كما فاز أيضا مع مازيمبي بكأس السوبر الأفريقية في 2016.
أما على مستوى المنتخبات، فقد شارك ساليف كوليبالي مع منتخب بلاده مالي، منذ عام 2012، وخاض معه 16 مباراة، وكان ضمن كتيبة منتخب مالي التي فازت بالمركز الثالث ببطولة الأمم الأفريقية 2013 بجنوب أفريقيا، وواصل كوليبالي تألقه مع منتخب بلاده ليحجز لنفسه مكانا أساسيا في دفاعات المنتخب المالي، ويشارك معه في بطولتي أمم أفريقا 2015 بساحل العاج و2017 بالجابون.
الواقع وتاريخ اللاعب يؤكد أنه لاعب من طراز جيد، وأنه نجح في حجز مكان أساسي له مع نادي مازيمبي الكونغولي خلال السنوات الأربع الماضية، وتمكن أيضا من أن يحظي بثقة القائمين على المنتخب المالي، كصمام أمام لدفاعات المنتخب خلال السنوات الست الماضية.
ولكن لكل تجربة ظروفها، فاللعب للأهلي بجماهيرته وتاريخه وشعبيته غير اللعب لأي نادي آخر مهما كان تاريخه، عموما هذه هي التجربة الثالثة للاعب ساليف كوليبالي مع المدرب باتريس كارتيرون، فهل يتألق معه للمرة الثالثة؟